إنّ منَ الغفلة كُل الغفلة، أن يجعل الإنسانُ من أيَّام رمضان ولياليه كسائر أيام العام ولياليه، لا يُغيِّرُ من حياته شيئًا، ولا يتقرَّبُ إلى الله بقُربةٍ، ولا يعزمُ على قراءة قُرآنٍ، ولا يُرى في صلاة تراويح، ومن هُنا فلا بُدَّ من إخلاص النِّيَّة، وعقد العزم، وإقامة العمل، والصّبر والمُصابرة، والجد والمُثابرة؛ طلبًا للأجر، ودفعًا للوِزر، وإرضاءً للرَّب - تبارك وتعالى - فاجعلُوا من أيَّام هذا الشَّهر المُبارك فُرصةً للتَّزوُّد بالتّقوى، واكتساب الحسنات، ومحو السَّيِّئات، لقد مضى ثُلُثُ الشَّهر، والثُّلُثُ كثيرٌ، فحاسبُوا أنفُسكُم واصدُقُوا في المُحاسبة. ليسأل كُلٌّ نفسهُ: هل صُمتُ صيامًا صحيحًا أخلصتُ فيه النِّيَّة لله؟ هل حرصتُ على قيام رمضان مع المُسلمين في التَّراويح؟ كم مرَّةً ختمتُ القُرآن؟ كم أنفقتُ في سبيل الله؟ كم صائمًا فطَّرتُ؟ هذه الرِّقابُ التي تُعتقُ من النَّار في هذا الشَّهر، هُل تُرى رقبتي واحدةٌ منها أو لا؟ هل ما زلتُ على همَّةٍ عاليةٍ، ونشاطٍ قويٍّ كما كُنتُ أوَّلَ الشَّهر، أو أنَّهُ قد دبَّ إليَّ المللُ والسَّأمُ، وأصابني الفُتُورُ والتَّراخي. مَن وجد نفسهُ مُحافظًا على الواجبات، مُسابقًا في الخيرات، بعيدًا عن المُحرَّمات، فليحمدِ الله، وليبشر بالخير وليستكثر، وإن كانت الأُخرى وأحسَّ من نفسه التَّقصير والتَّفريط، فعليه أن يتداركَ بقيَّة رمضان، فإنّهُ ((مَن أحسن فيما بقي، غُفر لهُ ما مضى، ومَن أساء فيما بقي، أُخذ بما مضى وما بقي)).