جدير بكلّ مسلم يخاف الله تعالى أن يقف مع نفسه بعد هذا الشّهر الكريم ليحاسبها، فمحاسبة النّفس من أنجع الأدوية بإذن الله لإصلاح القلوب وحثّها على الخير ومواصلة الطاعات، وها نحن قد ودّعنا رمضان المبارك بأيّامه الجميلة ولياليه العطرة، ودّعناه ومضى، ولا ندري هل سندركه في عام قادم أم ستنتهي آجالنا دونه. ودّعناه ومضى وصرنا مرتهنين بما أودعناه من خير أو شرّ. فهل تخرّجنا من هذا الشّهر العظيم بوسام التّقوى والعتق من النّار؟ وهل عوّدنا أنفسنا على الصبر والمصابرة، ومجاهدة النّفس على فعل الطاعة وترك المعصية ابتغاء رضوان الله، فانتصرنا عليها وكبحنا جماحها فصارت نفوساً مستسلمة لله ربّ العالمين؟ وهل وهل؟ واعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين: يجب أن يكون العبد مستمراً على طاعة الله، ثابتاً على شرعه، مستقيماً على دينه، بل يعلم أنّ ربّ رمضان هو ربّ بقية الشّهور والأيّام، وأنّه ربّ الأزمنة والأماكن كلّها، فيستقيم على شرع الله حتّى يلقى ربّه وهو عنه راض، قال الله سبحانه وتعالى: ''فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ'' هود: 112، وقال عزّ وجلّ: ''فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ'' فصلت: 6، وقال سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''قُل آمَنتُ بالله ثُمّ اسْتَقِم'' رواه مسلم.