حافلات وسيارات أجرة خاوية على عروشها ساعات قليلة تفصلنا عن حلول عيد الفطر المبارك الذي لايحلو الاستمتاع به إلا في كنف العائلة، مودعين بذلك شهر الصيام والقيام الذي تنفطر قلوبنا كل سنة لوداعه، وككل سنة وفي كل مناسبة عظيمة مثل هذه نجد جموعا من المواطنين الذين يغادرون من العاصمة باتجاه ولايات أخرى، بغية الالتحاق بذويهم خصوصا أولئك العمال الذين يضطرون لمفارقة أهاليهم مدة طويلة بسبب ظروف العمل، ولكن الغريب في الأمر هذه السنة أن عدد المسافرين تقلص وبشكل كبير. عتيقة مغوفل يعتبر التحاق الكثير من الناس بعائلاتهم في الولاية الداخلية من الوطن مظهرا من مظاهر العيد في بلادنا، لذلك عادت ما تكون محطة المسافرين بالخروبة تعج بالناس في الأيام الأخيرة من الشهر الفضيل. شبابيك بيع التذاكر خالية من المسافرين تنقلت (أخبار اليوم) إلى محطة نقل المسافرين لخروبة لترصد الأجواء هناك، فالمعتاد في هذه الفترة تسجيل عدد هائل من المسافرين، لكن ما شد انتباهنا هذه السنة النقص الكبير في عددهم، فشبابيك بيع التذاكير تكاد تخلو من الناس خصوصا الشبابيك المخصصة لتذاكر رحلات الجنوب وكأن جميع الناس عزفت عن السفر خلال هذه الأيام المباركة إلى الجنوب الجزائري، ما شاهدناه دفعنا لزيارة باقي الشبابيك الأخرى المتواجدة داخل المحطة، إلا أن الأمر لم يكن يختلف كثيرا فالشبابيك التي كانت مخصصة لبيع تذاكر باقي الولايات الداخلية، لاحظنا بين الفينة والأخرى يأتي مسافر لاقتناء تذكرة، وهو الأمر الذي دفعنا للتساؤل عن سبب تقلص عدد المسافرين هذه السنة. حافلات تسافر بنصف عدد الركاب لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط، فخلال زيارتنا للمحطة لاحظنا أنه توجد بعض الرحلات التي غادرت المكان بنصف عدد المسافرين المطلوب، أي أن نصف المقاعد كانت خاوية من الركاب وهو حال الحافلة المتوجهة إلى قالمة والتي غادرت المحطة ب 17 راكبا فقط عوض 45 راكبا الاعتياديين، لنقف بعدها أمام شباك التذاكر الخاص بولايتي الجلفة والمسيلة لمدة تزيد عن 10دقائق حتى نتمكن من رصد المسافرين الذين يقومون بشراء تذاكر السفر، إلا أن هذه الشبابيك كانت خاوية على عروشها، لم يقصدها أي مسافر لاقتناء التذكرة، وكأن الجميع عقد العزم على البقاء في العاصمة، فسائقو الحافلات كانوا يتجوّلون داخل المحطة ينادون على رحلاتهم عساهم يصطادون راكبا. خلو محطة نقل الحافلات بخروبة جعلنا نقصد محطة نقل سيارات الأجرة التي تعمل ما بين الولايات عسانا نجد فيها الركاب المفقودين من محطة نقل الحافلات، إلا أنها لم تكن تختلف عن سابقتها، فمحطة نقل المسافرين لسيارات الأجرة شبه خالية من المسافرين حتى أن العديد من سيارات الأجرة كانت مصطفة الواحدة أمام الأخرى تنتظر الركاب، وقد لمحنا عمي عمر من بعيد فاتحا الصندوق الخلفي لسيارته وجالسا بداخله وينادي بين الفينة والأخرى (سطيف سطيف)، حتى يتمكن من جلب الركاب قبل غيره من السائقين. العطل الصيفية سبب في نقص المسافرين ولمعرفة أسباب هذا النقص في عدد المسافرين خلال هذا العيد تقربنا من أحد أعضاء النقابة الوطنية للناقلين بمحطة خروبة، والذي شرح لنا بدوره أن السبب الرئيسي لنقص المسافرين في الفترة الحالية هي أننا في فترة العطل بالنسبة للجزائريين طلبة كانوا أو عمالا في القطاعين العام والخاص، لذا فإن عدد المسافرين تقلص بنسبة 60 بالمائة على غرار السنوات الماضية، حيث أن عدد المسافرين لايتجاوز 12 ألف مسافر يوميا، وهو ما يسبب الخسارة للشركة الوطنية لنقل المسافرين لأنها خصصت عددا كبيرا من العمال على مستوى الشبابيك لتلبية طلبات المسافرين، ومن ثمة فإنها ستدفع أجور جميع هؤلاء لأنهم عملوا ساعات إضافية لكن دون جدوى، كما أن النقص في عدد المسافرين يتسبب بالخسارة على أصحاب الحافلات لأنهم يقطعون مسافات كبيرة قدوما إلى العاصمة، وفي الأخير لا يجدون عدد الركاب المطلوب فيخسرون فقط ثمن المازوت، ضف إلى هذا فإن ثمن تذاكر بعض الرحلات قد ارتفع بنسبة 10 بالمائة، فمثلا سعر تذكرة الحافلة من الجزائر إلى عنابة كان سابقا 740دج وهو حاليا 840 دج، وقد رفع ناقلو تيزي وزو سعر التذكرة من 120دج إلى 180دج دون سابق إنذار، وهو الأمر الذي يتسبب في سخط وضجر العديد من المسافرين.