أصبحت العديد من النساء الجزائريات اليوم يعشن في حيرة كبيرة فهن لا يعرفن إن كن متزوجات أو مطلقات، لأن أزواجهن غادروا بيت الزوجية دون رجعة، منهم من غادر الوطن عن طريق الهجرة السرية، ومن هم من قرر أن يستقل بحاله فذهب ولم يعد تاركا وراءه زوجة وعيالا غير مبالٍ بما سيحل بهم، وللأسف الشديد الظاهرة أصبحت تعرف تفشيا كبيرا في المجتمع الجزائري، بعدما كانت تقتصر على بعض الحالات فقط، هذا إن دل فإنما يدل على أن الكثير من الآباء قد استقالوا من أبوتهم هاربين إلى أمكنة أخرى باحثين عن السعادة. عتيقة مغوفل تطلب منا إنجاز الموضوع البحث عن هاته الفئة من النساء اللائي رفضت العديدات منهن أن تتكلم عن حالها وأحوالها، فهجر الرجل لزوجته فيه إهانة لها وانتقاص من قيمتها، فالمجتمع ينظر إلى هذه الفئة من النساء على أنهن المقصرات في حق الزوج لذلك لاذ بالفرار، مع أنه يكون العكس في الكثير من الأحيان للأننا نجد هاته الفئة من النساء تسعى جاهدة لتعويض حنان الأب ولعب دوره على أكمل وجه أمام الأبناء حتى لا يحسوا بغيابه ولا بالنقص أمام أقرانهم. "هرب وتركني أتخبط وحدي في مشاكل أبنائه" وهو حال السيدة (نورة.ش) أم لثلاثة أبناء هجرها زوجها منذ 7 سنوات، وترك لها محمد صاحب 15 عاما رفقة شقيقته التوأمتين اللتان تبلغان من العمر 8 سنوات، قالت إنها كانت تعيش مع زوجها في منزل والديه، إلا أنها كانت دائمة الشجار مع شقيقاته ونسوة أشقائه ما دفع بزوجها ياسين إلى التفكير في مغادرة أرض الوطن إلى الخارج من أجل العمل وجني بعض المال عله يتمكن من تحسين وضعيته، وفعلا نفذ الزوج ما كان يدور في باله واشترى تأشيرة إلى إسبانيا وغادر أرض الوطن سنة 2005، في بداية السنة الأولى من غربته وحسب ما روت لنا السيدة (نورة.ش) كان زوجها يتصل بها مرتين في الأسبوع يتكلم معها ومع أبنائه وباقي أفراد العائلة، ثم شيئا فشيئا بدأ ينقص عدد المكالمات لتصل إلى مكالمة واحدة كل 20 يوما أو شهرا إلى أن انقطعت كل اتصالاته، لتبدأ فيما بعد رحلة البحث عنه ففي الفترات الأولى لغيابه ظنت العائلة أن الابن قد حدث له مكروه كتعرضه لحادث أو ما شابه، ولكن وبعد أبحاث طويلة استعان فيها أشقاء زوج نورة بالأحباب المغتربين تبين أن ياسين غادر إسبانيا متجها إلى ألمانيا أين تزوج هناك بامرأة ألمانية الجنسية من أجل الحصول على الوثائق، ولكن اعتاد ياسين فيما بعد على أسلوب وطريقة العيش الألمانية ما جعله ينسى زوجته وأبناءه الثلاثة، وما زاد الطينة بلة أن عائلة ياسين طلبت من نورة أن تخرج من البيت وتتجه للعيش في منزل والدها بحجة أن العائلة تحتاج لغرفة نورة حتى تزوج فيها الابن الأصغر، وفعلا لبت نورة رغبة حماها وخرجت من منزل الزوجية وهي الآن بمنزل والدها إلا أنها لم تتمكن من إيجاد راحة البال التي كانت ترغب فيها دوما، لأن ابنها كثير المشاكل مع أخواله فهو في سن المراهقة ولا يرغب أن يتحكم فيه أحد، سكتت نورة برهة ثم قالت (هرب هو من الهم والغم وتركني وحدي أتخبط في مشاكل أبنائه). لا يحب الأطفال فغادر البيت لأن زوجته حامل تركنا السيدة (نورة) تعيش قدرها المحتوم والتقينا بعدها بالشابة أو بتعبير أصح السيدة (هاجر.س) التي تبلغ من العمر27 سنة، والتي تزوجت من كمال رغما عن والديها، فحين خيّرها والدها اختارت أن تغادر البيت وتتزوج كمال رغما عن الجميع وعمرها آنذاك20 عاما وقد رفضه والدها لأنه وبكل بساطة شاب منحرف لا يصلح أن يكون زوجا لهاجر التي عملت المستحيل كي تتزوجه، وبعد مضي ستة أشهر على زواجهما بدأت المشاكل فقد كان يتعاطى المخدرات بكل أنواعها، وحين لايجد المال حتى يشتري السموم التي يشربها يأخذ من ملابسها ويبيع، لكن الأمور تعقدت أكثر حين حملت هاجر بابنتها الأولى فقد شكك كمال في نسبها واعتبر ابتسام نتاجا لخيانة زوجته له لا لشيء وإنما ادعى هذه التخاريف حتى يتهرب من مسؤولية الأولاد، وبعد جدال طويل اعترف بأبوته، وقد طلب من هاجر أن لا تحمل مرة أخرى إلا أن الأقدار شاءت أن تحمل هاجر مرة أخرى بعد سنتين، وحين علم كمال بأمر حملها تخلى عنها وعن أبنائه وهرب دون عودة ولا حتى سابق إنذار، وحين وجدت نفسها وحيدة وقرب موعد ولادتها بطفلها الثاني عادت لوالديها واستسمحتهما وهي الآن رافعة دعوى قضائية ضد كمال الذي اختفى منذ ثلاث سنوات، طالبت منه الطلاق فقد تقدم إليها رجل بغية الزواج منها لأنه متزوج من امرأة أخرى إلا أنها عاقر لذلك أراد الزواج من هاجر حتى يسترها ويكون أبا لطفليها. يطلقها القاضي سنة بعد غياب زوجها وضعيات هاته النسوة اللائي تحدثنا إليهن جعلتنا نربط اتصالا هاتفيا بالأستاذ المحامي علوش زبير، حتى نعرف كيف يتعامل القانون مع الرجال الذين يتخلون عن زوجاتهم، فلا يعرف مصيرهن مطلقات أم متزوجات، وقد أكد لنا الأستاذ أن القانون يطلق المرأة التي يغيب عنها زوجها، و ذلك بحكم قضائي اتباعا للمادة53 من قانون الأسرة الجزائري التي تنص على (يجوز للزوجة أن تطلب الطلاق في حال غياب الزوج بعد مرور سنة بدون عذر ولا نفقة)، وأضاف المحامي أن هذه المادة تسمح للمرأة أن تحصل على حريتها وتعيد بناء حياتها من جديد، ولا تبقى مقيدة طوال حياتها بزوج هجرها غير مبال بمصيرها ومصير أبنائها، وفي حالة فقدان الزوج جراء زلزال أو فيضانات مثلا فتطلق المرأة منه بعد مرور5 سنوات عن فقدانه. كيف ينظر الدين إلى الموضوع؟ كما أن الشريعة الإسلامية تسمح للزوجة بأن تطلب الطلاق من زوجها الذي هجرها، وذلك ما أكده لنا الشيخ الإمام (جلول قسول) الذي ربطنا الاتصال به لمعرفة حكم الدين في الموضوع، فبعد مرور أربعة أشهر على هجر الزوج لزوجته دون سبب يجوز للقاضي تطليقها منه، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه عند خروجه لأية غزوة أن يعود لزوجاتهم بعد 4 أشهر من هجرهن، لأن المرأة لا تصبر على فراق زوجها أكثر من 4 أشهر، وأما إذا فقد الزوج فللقاضي حق في تطليقها بعد مرور 4 سنوات على غيابه.