أفتى الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية، بجواز وإهداء المسيحي من لحوم الأضاحي، مؤكدا على عدم وجود مانع شرعي لذلك، وأن هذا الإهداء يدخل في إطار حق الجار. وقال الشيخ عاشور: "حق الجار من حقوق الإسلام؛ فما المانع الشرعي من إهداء جاره المسيحي منها، بل إن عموم النصوص الموصية بالجار تجعل الإهداء منها أولى". فتوى الشيخ عاشور أيدها الخبير الشرعي محمد زيدان نافيا بشدة أن تكون التوترات التي شهدتها العلاقة بين المسلمين والأقباط سببا في إسقاط حق الجار، بل رأى أنه في ظل هذه الأجواء يصير فقه التعايش وضرورة إبراز صورة الإسلام وملامحه الحقيقية أولى وأدعى. وأضاف موضحا: "سألني أحد الأشخاص قائلا: «إن لي جارا مسيحيا، فهل أعطيه من الأضحية أم لا يجوز؟».. فقلت له: «نعم.. كل منها وأعط جارك المسيحي؛ فإن له عليك حق الجار". ودلل على رأيه بموقف سيدنا عمر قائلا: "عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر بباب قوم وعليه سائل يسأل، وهو شيخ كبير ضرير البصر فضرب عضده من خلفه فقال: "من أي أهل الكتب أنت؟".. قال: «يهودي». قال: «فما ألجأك إلى ما أرى؟» قال: «إسأل الجزية، والحاجة، والسن». قال: «فأخذ عمر -رضي الله عنه- بيده فذهب به إلى منزله فرضخ له -أي أعطاه- من المنزل بشيء، ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال: «انظر هذا وضرباءَه، والله ما أنصفناه إذا أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم ﴿إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ..﴾ (سورة التوبة-60).. وهذا من المساكين من أهل الكتاب».. ووضع عنه الجزية وعن ضربائه". أي أقرانه. وأوضح قائلا: "وهذا من فقه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن أعطى اليهودي من بيته وأجرى عليه من بيت مال المسلمين راتبا".. كما ذكَّر عاشور بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل مصر وقبطها وهم في زمن رسول الله على دياناتهم التي يغلب عليها المسيحية، مشيرا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "استوصوا بأهل مصر خيرا، فإن لكم فيها نسبا وصهرا". وطالب عاشور رجال الدين الإسلامي والمسيحي بالتزام جانب الوحدة والأخوَّة والمواطنة، وعدم خوض أي طرف في دين الآخر، معتبرا أن الخوض في ذلك ينشئ عداوة وفتنة بين المسلمين والمسيحيين، وقال: "هي كنانة الله في الأرض، من أرادها بسوءٍ قصمه الله"، وذلك حتى يلتزم الجميع باحترام الآخر. من جهة أخرى وفي سياق متصل، أفتى وكيل الأزهر السابق بأنه "لا يجوز لأي مسلم أو مسيحي أن يسفه دين الآخر أو يتحدث في دين الآخر أو يقلل منه، فالعقائد لا يتم الحديث ولا الخوض فيها لأنها تظل مصونة مقدسة". وأضاف: "كل شخص عليه أن يبتعد عن المهاترات والتلاسن والأحاديث التي لا تجدي نفعا، وإنما تجرنا إلى الخراب وضياع البلد، ووطننا لا يحتاج إلى ذلك إطلاقا". في ظل التشويه أولى وقوبلت هذه الفتوى بتأييد من الخبير الشرعي أ. محمد زيدان، حيث أكد أن إشاعة المودة في المجتمع أحد مقاصد الإسلام في الأعياد والمناسبات، وقال زيدان: "الأمور بمقاصدها، ومقاصد الشريعة في الأضحية معروفة، ومن أهمها التقارب بين أنسجة الأمة أغنياء وفقراء وأقارب وجيران، وهناك ثلث للأقارب والجيران".. وأضاف: "ويستحب أن يطعم المضحي أهل بيته ثلث الأضحية، ويهدي ثلثها للفقراء من جيرانه وأقاربه، ويتصدق بالثلث على من يسألها كما جاء في صفة أضحية النبي صلى الله عليه وسلم، وثلث الجيران يشمل جميع الجيران، ولو كان الجار غير مسلم، وهذا من أخلاق المسلمين وفقه التعايش بين الإسلام وغيره من باقي الديانات". ونفى زيدان أن تكون التوترات الأخيرة سببا في إسقاط حق الجار، بل أكد في المقابل أنه "في ظل التوترات والهجمة على الإسلام وتعمد تشويهه، يصبح إبراز سماته أولى وإيضاح حقيقته أدعى، وهي مناسبة وعيد السنة فيه إشاعة البهجة والمودة". يستحب أن يطعم المضحي أهل بيته ثلث الأضحية، ويهدي ثلثها للفقراء من جيرانه وأقاربه، ويتصدق بالثلث على من يسألها كما جاء في صفة أضحية النبي صلى الله عليه وسلم، وثلث الجيران يشمل جميع الجيران، ولو كان الجار غير مسلم، وهذا من أخلاق المسلمين وفقه التعايش بين الإسلام وغيره من باقي الديانات.