يرى كمال عيبود أنه وبالرغم من المكانة المرموقة التي بلغها المنتخب الوطني على المستوى العالمي يجب ألا يفتخر الساهرون على الكرة الجزائرية بهذا المنتخب كون جلّ لاعبيه وُلدوا وترعرعوا وتعلّموا كرة القدم خارج أرض الوطن، ولولا هؤلاء اللاّعبين لما كانت للجزائر مكانة حتى على المستوى القارّي والعربي بدليل أن جميع المنتخبات الشبّانية وحتى المنتخب المحلّي نتائجها أكثر من كارثية ولم يقدر أيّ منتخب منها على تخطّي الدور الأوّل بدليل أن المنتخب الوطني لأقلّ من 19 سنة خرج في الدور الأوّل لكأس أمم إفريقيا التي احتضنتها بلادنا العام الماضي. ترى كيف هي نظرة ابن شبيبة القبائل إلى المنتخب الوطني الحالي؟ وهل بإمكان العناصر الوطنية انتزاع اللّقب القارّي المقبل؟ تلكم من بين الأسئلة التي طرحناها على كمال عيبود فأجاب عنها في هذا الحوار الذي خصّنا به. * بداية أين هو كمال عيبود؟ *** أقيم في الجزائر العاصمة وأمتهن مهنة التجارة، لكن علاقتي برياضة كرة القدم لم تنقطع بصفتي لاعب كرة ولاعبا دوليا سابقا وقائدا لعدّة سنوات لفريق شبيبة القبائل. * على ذكر فريق شبيبة القبائل سبق لك وأن خضت حربا معلنة مع الرئيس الحالي موح شريف حنّاشي لإزاحته من منصبه، لكنك فشلت في ذلك، هل تفكّر في خوض حرب أخرى؟ *** صراعي مع الرئيس حنّاشي لا يمكن تسميته بالحرب، سعيت جاهدا خلال نهاية التسعينيات ومنتصف القرن الحالي لبلوغ منصب رئاسة النادي القبائلي، لكن أسبابا لا داعي لذكرها حالت دون ذلك. قد يأتي اليوم الذي أترأس فيه فريق الشبيبة، فهذا الفريق ليس ملكا لشخص ما، بل هو ملك لكلّ القبائليين الشرفاء النزهاء. * ما رأيك في فريق الشبيبة الحالي؟ *** فريق الشبيبة الحالي هو مرآة حقيقية للواقع المزري لكرة القدم الجزائرية، أذ لا يوجد أيّ لاعب من البطولة المحلّية ضمن التشكيلة الأساسية، وهذا إن دلّ على شيء وإنما يدلّ على الوسط الكروي المتعفّن في الجزائر، وسط يهيمن عليه أناس لا علاقة لهم بكرة القدم، هدفهم تحقيق مآربهم الشخصية وكفى. * لكن الفريق الوطني الحالي يواصل تحقيق نتائجه الإيجابية... *** مع احترامي للفريق الوطني الحالي هناك حقيقة يجب أن تقال وهو أن الجزائر لا تملك منتخبا وطنيا قائما في حدّ ذاته، حيث أن جميع العناصر التي يتكوّن منها تنشط خارج أرض الوطن، فباستثناء اللاّعبين سليماني وسوداني وحلّيش بقية العناصر ولدوا في فرنسا وبدأوا يمارسون كرة القدم في فرنسا وتألّقوا في نوادي فرنسية، لهذا السبب يجب ألا نقول إننا نملك منتخبا وطنيا قائما بذاته، وهي حقيقة لا ينكرها رجل عاقل. * لكن لو كان هناك لاعبون في البطولة المحلّية لما صار المنتخب الوطني الحالي حِكرا على اللاّعبين الذين ينشطون في الخارج... *** قبل الردّ على هذا السؤال يجب أن نسأل أنفسنا لماذا انقلبت الصورة وبات المنتخب الوطني يستعين باللاّعبين الناشطين في الخارج في وقت كان فيه المنتخب الوطني خلال عشرية الثمانينيات يستعين باللاّعبين المحلّيين؟ وبالرغم من ذلك إلاّ أن الفريق الوطني حقّق العديد من النتائج التاريخية ببلوغه مرّتين كأس العالم 1982 و1986 ولم يغب عن أيّ دورة لكأس أمم إفريقيا خلال عشرية الثمانينيات، كما توّج باللّقب القارّي عام 1990 بلاعبين غالبيتهم من النوادي المحلّية، لذا يجب أن نسأل أنفسنا أين هي مكانة اللاّعبين المحلّيين في المنتخب الوطني؟ أكيد أن الجميع سيجيب بالنّفي، لذا أطالب الساهرين على الكرة الجزائرية بتشخيص المرض الذي تعاني منه البطولة المحلّية. * لكن بالرغم ممّا تقوله وفاق سطيف بلغ نهائي دوري أبطال إفريقيا... *** هناك مقولة تقول (الشاذّ لا يقاس عليه)، فنتائج الوفاق في دوري أبطال إفريقيا مع تمنّياتي له بالتوفيق في المباراة النّهائية فاجأت الجميع بما في ذلك مسيّري الوفاق أنفسهم، حتى اللاّعبون والطاقم الفنّي لم يكونوا ينتظرون أن يبلغ الدور النّهائي، فالوفاق الحالي أقلّ مستوى من وفاق منتصف العشرية الأخيرة بتتويجه مرّتين بلقب دوري أبطال العرب، وبالرغم من ذلك لم يستطع ذلك الجيل بلوغ حتى الدور نصف النّهائي. * على ذكر الوفاق ما هي توقّعاتك للمباراة النّهائية التي سيواجه فيها نادي فيتا كلوب الكونغولي؟ *** مباراة في غاية الصعوبة، لكن بالنّظر إلى الإرادة التي يتسلّح بها لاعبو الوفاق بإمكانهم تحقيق نتيجة مُرضية في لقاء الذهاب، وإذا تمكّن الوفاق من تحقيق على الأقل التعادل بكينشاسا فسيتوّج بالكأس في ملعب (تشاكر)، وهو ما أتمنّاه لعناصر الوفاق. * لنعد إلى الفريق الوطني، بعد بلوغه الأدوار النّهائية هل ترشّحه للفوز بالكأس القارّية؟ *** لا يمكن مقارنة المباريات التصفوية بالمباريات النّهائية، فلقاء واحد في الأدوار النّهائية قد يفسد كلّ العمل الذي قام به المنتخب طيلة التصفيات. صحيح أننا نملك في الوقت الحالي منتخبا قويا بعناصر قوية تنشط في العديد من الأندية الأوروبية الكبيرة، لكن لا يمكن القول إن هذه العناصر قادرة على الفوز بكأس أمم إفريقيا، لأن هذا صعب جدّا. * هل من كلمة نختم بها جلستنا هذه؟ *** أتمنّى كلّ الخير للجزائر وكلّ الهناء للجزائريين، كما أتمنّى التوفيق لفريق وفاق سطيف في نهائي دوري أبطال إفريقيا ومزيدا من الانتصارات للفريق الوطني، وأن يستعيد اللاّعب المحلّي مكانته في الفريق الوطني الأوّل حتى لا يصبح دوما كالمتفرّج لهذا المنتخب. ابن شهيد ولد عام اندلاع الثورة التحريرية عيبود لعب لشبيبة القبائل من 1971 إلى 1984 ولد مولود عيبود في عام 1954، أي في السنة التي اندلعت فيها الثورة التحريرية المجيدة، لم يعرف طوال حياته الكروية إلاّ فريقا واحدا وهو شبيبة القبائل، حيث لعب له من سنة 1971 إلى 1984، فعلى مدار 15 سنة كان فأل خير على هذا الفريق، فبعد ارتقائه لأوّل مرّة إلى القسم الوطني الأوّل في بداية السبعينيات نال معها سبع بطولات وطنية وكأسين للجزائر وكأس إفريقيا للنوادي البطلة والكأس الإفريقية الممتازة. أوّل مباراة خاضها مولود عيبود مع أكابر الشبيبة كانت في بداية السبعينيات أمام مولودية الجزائر في ملعب بولوغين خلال الدورة الكروية الرباعية للهلال الأحمر الجزائري، شارك فيها كلّ من فريق مولودية الجزائر، اتحاد الجزائر وشباب جيجل، كان عمره حينها حوالي 17 سنة، ورغم صغر سنّه إلاّ أنه قدّم مستوى رائعا، الأمر الذي جعله ينال رضا المدرّب الروماني بوبيسكو. في الأسبوع الموالي وبرسم الجولة السابعة عشر من بطولة القسم الوطني الأوّل لعب مولود عيبود أوّل لقاء رسمي مع الشبيبة، كان ذلك في ملعب (أوكيل رمضان) ضد شباب قسنطينة، حينها سحقت الشبيبة بنجمها الكبير (السنافر) بخماسية نظيفة. بقي مولود عيبود وفيا لألوان (الكناري) إلى غاية صائفة عام 1984، وبعد فوز الشبيبة بتاج البطولة أعلن اعتزاله الكرة ليودّع الفريق الذي أحبّه منذ نعومة أظافره. فاز مولود عيبود بكلّ شيء مع فريق شبيبة القبائل: لقب البطولة الوطنية، كأس الجزائر، وكأس أندية إفريقيا للأبطال، وكان أوّل لاعب في الشبيبة يحصل على شرف حمل كأس الجزائر وكأس إفريقيا. وفي نظرة خاطفة على سجِّل مولود عيبود نجده مليئا بالتتويجات، سبع بطولات وطنية ومرّتين كأس الجزائر، ومرّة واحدة كأس إفريقيا للأندية البطلة ومرّة واحدة الكأس الإفريقية الممتازة. مولود عيبود حتى وإن خاض أكثر من 500 مقابلة رسمية مع شبيبة القبائل، إلاّ أن المباراة التي خسرتها شبيبة في شهر مارس 1983 في ملعب 5 جويلية أمام مولودية العاصمة برسم الدور ثمن النّهائي من كأس الجزائر تعدّ ذكرى سيّئة في حياته الكروية. أسرار عيبود في كتاب يروي مسيرته الكروية يعكف حاليا مولود عيبود على إعداد كتاب مطوّل يتناول مشواره الرياضي ويروي فيه الكثير من أسرار مسيرته الكروية، كما سيضمّ أمورا سرّية تهمّ فريق الشبيبة لم يسبق وأن كشف عنها من قبل، منها الأسماء التي تواطأت ضده لإرغامه على الرحيل من رئاسة الشبيبة في منتصف التسعينيات. كما يعود بنا الكتاب -حسب مولود عيبود- إلى ذكريات طفولته وكيف بدأ مداعبة الكرة.