يتفنن الكثير من التلاميذ في ابتداع تبريرات لغيابهم عن المدرسة، في حال كان تغيبهم عنها متعمدا، ولان بعضهم قد لا يتمكن من إحضار ولي أمره، لأجل استخراج الإذن بالدخول إلى أقسامهم من المراقب أو من المراقب العام، فإنهم كثيرا ما يقومون باختلاق أكاذيب وتبريرات واهية، يصدقها المراقبون والأساتذة بكل سهولة، وفي كثير من الأحيان يتعاطفون مع التلميذ الذي يضحك على ذقونهم بينه وبين نفسه، وكثيرا ما يكون بعض التلاميذ محترفين في اختلاق الحجج والأعذار والتبريرات، والتغيب عن مدارسهم ثم العودة إليها وقتما يشاؤون دون اشتراط إحضار أولياء أمورهم، إلا في حالات نادرة جدا عندما يصطدمون بمراقبين صارمين، أو أساتذة يعلمون جيدا هذه الحيل وبالتالي فإنهم يقومون باشتراط حضور ولي الأمر للحصول على الإذن بالدخول إلى القسم. وغالبا ما يكون اختلاق مبرر المرض، العذر الرئيسي الذي يتجه إليه الكثير من التلاميذ، ليس مرضهم هم، بل مرض بعض أقاربهم أو الوالدين، ومنهم من يتدرج في مراحل هذا المرض إلى أن يصل إلى حد دفن قريبه الذي كان يتغيب بسببه، حتى وان كان هذا الأخير يتمتع بكامل قواه العقلية والجسدية، وفي كامل صحته، ولم يصب حتى بشوكة صغيرة في باطن قدميه، وهي حيلة يلجا إليها كثير من التلاميذ، مع القيام ببعض الحركات الأخرى كعبوس في الوجه واغروراق العينين بالدموع، وغيرها من التعبيرات التي تجعل أقسى القلوب تحن وترضخ، وتسلمهم الإذن بالدخول ومعه الكثير من عبارات المواساة والحنان وتطييب الخاطر. احد التلاميذ بالمرحلة الثانوية، قال لنا وهو يفتخر كثيرا بما قام به، ويعتبر نفسه ذكيا جدا لأنه تمكن من خداع الناظر والمراقبة العامة، بعد تغيبه أسبوعا كاملا عن المدرسة لأنه لم يرغب فقط في حضور بعض الدروس وشعر برغبة شديدة في الراحة، انه قام بادعاء تعرضه لاعتداء من طرف بعض المراهقين المنحرفين، مستغلا الحي الذي يقطن به بنواحي الحراش، والذي تكثر به حالات الاعتداء هذه على المواطنين، وقد قام بالدخول إلى المدرسة متكئا على احد العكازات الخاصة، بمن تكون إحدى رجليه مصابتين، وقام باختلاق سيناريو كامل، أعده وأخرجه بنفسه، وكان تأثيره واضحا على المراقبة العامة، التي تأثرت بما جرى له، وطلبت منه أن لا يبقى كثيرا خارج المنزل، وان لا يتجول كثيرا أيضا في حيه الذي يعرف انتشارا كبيرا لظاهرة الاعتداءات الجسدية واللصوص والمنحرفين، وتسلم التلميذ إذنه بالدخول، وهو يضحك في داخله، ويغمز لبقية زملائه الذين تعجبوا من قدرته على الخداع واختلاق الأعذار، وقدرته على الإقناع كذلك، رغم أنها لم تكن المرة الأولى، وهو معروف بكثرة تغيبه عن المدرسة، وحصوله السهل على الإذن بالدخول إلى القسم بشكل عادي.