أدلى أمس أكثر من خمسة ملايين تونسي بأصواتهم في 50 ألف مكتب اقتراع، في أول انتخابات رئاسية شفافة تجرى بعد الثورة، تمثل نهاية المرحلة الانتقالية في البلاد، بعد أربع سنوات من الجهد السياسي الذي أثمر دستورا توافقيا وبرلمانا تمثيليا ورئيسا جديدا في الأفق. عن تعدد المرشحين إلى 27 مرشحا (أربعة منهم أعلنوا انسحابهم بشكل متأخر)، لا يملك التونسيون الكثير من الخيارات، أبرز المرشحين من الصف الأول باجي قايد السبسي الذي تعطيه استطلاعات الرأي نسبة تصويت تصل إلى 40 بالمئة، والرئيس محمد المنصف المرزوقي الذي تشير التقديرات الأولية إلى حصوله على 32 بالمائة، ويأتي في المراتب اللاحقة رجل الأعمال سليم الرياحي الذي يعول على إحداث المفاجأة السياسية، وزعيم الجبهة الشعبية حمة الهمامي، إضافة إلى المرشح المستقل الهاشمي الحامدي. لكن أكثر السيناريوهات المحتملة تشير إلى إمكانية وجود دور ثان بين الرئيس المرزوقي والباجي قايد السبسي، سيناريو يعيد تمثل المشهد الانتخابي في مصر في جوان 2012، عندما تواجه مرشح النظام السابق أحمد شفيق، مع مرشح الإخوان محمد مرسي، واستفاد الأخير من دعم القوى الثورية، لكن هذا السيناريو المحتمل قد يسير في الاتجاه المعاكس في الحالة التونسية، بفعل توتر العلاقة بين الرئيس المرشح المرزوقي والقوى الثورية، إضافة إلى أن الباجي قايد السبسي بات يمثل (الخيار الأمني واللجوء الانتخابيس بالنسبة لعدد من التونسيين، على اعتبار الرغبة في تحقيق نوع من الاستقرار، برغم المخاوف المتصلة بالعودة المعدلة للنظام السابق). إجراءات أمنية في تصريحات للصحفيين لدى الإدلاء بصوته في مركز اقتراع بضاحية قرطاج بالعاصمة، قال رئيس الحكومة مهدي جمعة (مستقل) إن (الحكومة اتخذت إجراءات أمنية مشددة لحماية الانتخابات كما كان الحال في الانتخابات التشريعية وأضاف أن وحدات الجيش والأمن منتشرة لتامين المسار الانتخابي). وأشار رئيس الحكومة المؤقتة -في تصريح للأناضول- إلى أن (خلية متابعة الشأن الانتخابي التي تضم ستة وزراء، من بينهم وزيرا الدفاع والداخلية، ستنعقد اليوم في قصر الحكومة بالقصبة بتونس العاصمة للإشراف على سير الانتخابات والتدخل لدى الضرورة). ونشرت السلطات حوالي تسعين ألف عنصر من الجيش والشرطة لتأمين سير عملية التصويت وبالأخص حول مراكز الاقتراع التي يقدر عددها بنحو أربعة آلاف. وتأتي الاستعدادات الأمنية المشددة بسبب تهديدات وصفتها وزارة الداخلية بالإرهابية، حيث قالت إنها تلقت تحذيرات من وقوعها بهدف إفشال الانتخابات. الغنوشي والسبسي من جهته، قال رئيس حزب حركة النهضة راشد الغنوشي أثناء قيامه بعملية الاقتراع في أحد المكاتب بمحافظة بن عروس (جنوب العاصمة تونس) أمس (إنه لا خوف من عودة الاستبداد والظلم والعتو والشعب التونسي يصنع مصيره بيده وهو متحضر وينتخب رؤساءه ويراقبهم ويعزلهم متى يشاء). بدوره، قال قائد السبسي عقب إدلائه بصوته في مكتب اقتراع بمحافظة أريانة (شمالي العاصمة): (لنا ثقة في الشعب، وننتظر قراره، وسأحترم قرار الشعب) بشأن نتائج الانتخابات، مضيفا: (ستواصل تونس مشوار الانتقال الديمقراطي، وأنا أنتخب كأي مواطن تونسي وأدعو ليكون الإقبال كبيرا). إجراءات استثنائية لتأمين التصويت في المناطق الحدودية غرب تونسوجنوبها شهدت المناطق الحدودية الغربية والجنوبية مع الجزائر وليبيا إجراءات أمنية استثناية أمس الأحد لضمان حسن سير عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية. وشهدت مدينة نبر الواقعة بمدينة الكاف التي تبعد تسعة كلمترات عن منطقة المحافن التي شهدت العملية الإرهابية الأخيرة حضورا أمنيا مكثفا في مدخلي المدينة حيث تم إخضاع جميع السيارات المارة للتفتيش عبر وسائل الكترونية متطورة. وفي جرادو المنطقة الحدودية الواقعة بمدينة الكاف، والتي تبعد 45 كلم عن الحدود الجزائرية تمركزت دوريات أمنية مشتركة من حرس وجيش عند كل خمس كلمترات على طول المنطقة الغابية في منطقة الطويرف. كما كان الحضور الامني مكثفا في مدخل المدينة من جهة مدينة جندوبة. وبدا واضحا أمام مكاتب الاقتراع حضور أمني لافت للانتباه ثتمثل في حاجزين أمنيين اثنين من الجهتين المؤديتين للمكاتب. وانطلقت عملية الاقتراع في محافظتي مدنين وتطاوين (جنوب شرق قرب الحدود مع ليبيا) وسط تعزيزات أمنية مكثفة، وفق مصدر أمني. وقال أنيس السعيدي كاتب عام نقابة الحرس الوطني في تطاوين (بحكم رمزية الانتخابات الرئاسية مقارنة بالتشريعية فالتعزيزات الأمنية كانت بصفة مكثفة بحكم وجود تهديدات محتملة، دون وجود معلومات محددة). كما وجدت حواجز أمنية وسط مدينة بنقردان الحدودية مع ليبيا بين مكتب اقتراع وآخر.وشهدت مراكز الاقتراع إقبالا متوسطا إلى حدود الساعة ال 10 صباحا بالتوقيت المحلّي (9 تغ). وقال شوقي دمدوم، رئيس مكتب اقتراع منجي سليم ببنقردان، ل (الأناضول): (لم نشهد اختلافا كبيرا مقارنة بالانتخابات التشريعية، وتكاد تكون الصورة ذاتها إقبال كبير للشيوخ مع تراجع نسبة الشباب).