بدأت في تونس عمليات فرز الأصوات في الانتخابات التشريعية التي جرت اليوم، وسط اهتمام دولي واسع. وبلغت نسبة المشاركة 60% في الاقتراع الذي سيقود البلاد إلى وضع سياسي مستقر بعد نحو أربع سنوات من الثورة. وجرت عملية التصويت بشكل منظم وسط إجراءات أمنية مشددة, وفي ظل تجاوزات وصفتها الهيئة المستقلة للانتخابات ومراقبون محليون وأجانب بالمحدودة. وقالت الهيئة المستقلة للانتخابات إن نسبة الإقبال في انتخابات اليوم بلغت 59.99% على أساس عينة تمثل 65% من مكاتب الاقتراع، شملت حوالي 2400 مكتب من جملة أكثر من عشرة آلاف مكتب. ويحق لنحو 5.3 ملايين تونسي التصويت في هذه الانتخابات التي ستفرز مجلس شعب تدوم ولايته خمس سنوات, وتنبثق عنه حكومة يشكلها الحزب الفائز بالعدد الأكبر من المقاعد. وتنافست أكثر من 1300 قائمة حزبية وائتلافية ومستقلة على 217 مقعدا في مجلس الشعب القادم, بينها 18 مقعدا للتونسيين في الخارج. ونشرت السلطات ما لا يقل عن خمسين ألفا من عناصر الأمن، بالإضافة إلى آلاف من أفراد الجيش لحماية مراكز الاقترع والأمن العام. ومع فتح مكاتب الاقتراع في الساعة السابعة من صباح اليوم, وقف الناخبون في طوابير بعدد من مراكز الاقتراع في مختلف مناطق البلاد. لكن كثافة التصويت تراجعت بحلول الظهر في ظل توقعات بأن تعود للارتفاع حتى إغلاق مراكز الاقتراع في السادسة مساء. وقبل ساعات قال مراسلو الجزيرة في مدن القصرين (غرب) وصفاقس ومدنين (جنوب شرق) وبنزرت (شمال)، إن عمليات التصويت تدور في أجواء يسودها الهدوء والنظام, وإنه لم تسجل أي أحداث تعكر سير العملية الانتخابية. وأضاف المراسلون أنه لم تسجل سوى بعض التجاوزات, وتشمل خاصة قيام بعض الأفراد بتوجيه بعض الناخبين كي يصوتوا لأحزاب بعينها. ولاحظ مراسل الجزيرة في صفاقس إقبالا واضحا للنساء, في حين سجل إقبال أقل للشباب ببعض المناطق. وأدلى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بصوته في مكتب اقتراع بمدينة بن عروس جنوبي العاصمة, وأكد أن هذه الانتخابات ستؤدي إلى بناء تونس جديدة ديمقراطية. من جهته, عبر رئيس حركة نداء تونس الباجي قايد السبسي إثر إدلائه بصوته في ضاحية سكرة بالعاصمة، عن أمله بأن تؤدي هذه الانتخابات إلى استقرار أكبر لتونس. أما الرئيس منصف المرزوقي فأدلى بصوته في مدينة حمام سوسةجنوب شرقي العاصمة. ويوصف حزب النهضة ونداء تونس بأنهما الأوفران حظا للفوز في الانتخابات, لكن أحزابا أخرى بعضها موال للثورة وبعضها الآخر يقوده رموز من النظام السابق، هي أيضا مرشحة للفوز بعدد هام من المقاعد. وقد عبرت بعثة مراقبي الاتحاد الأوروبي عن ارتياحها لسير الانتخابات التشريعية, ووصفت سيرها بالمنظم. وقالت رئيسة البعثة أنيمي إيبورك إن عملية التصويت تدور في أجواء جيدة, مضيفة أن التجاوزات محدودة وتقع في أي انتخابات في العالم. من جهتها, أشادت بعثة مركز كارتر بما سمته السير المنظم للانتخابات, وقال رئيسها عبد الكريم الأرياني إنه لم تحدث تجاوزات يمكن أن تمس بنزاهة الاقتراع. وأضاف الأرياني في تصريح نقلته وكالة الأنباء الرسمية التونسية أن عمليات التصويت تتم بهدوء ودقة في أغلب مراكز الاقتراع, مشيدا بأداء الهيئة المستقلة للانتخابات. يذكر أن مركز كارتر أرسل 65 مراقبا إلى تونس. يشار إلى أن نحو مائة ألف مراقب من جمعيات مدنية وأحزاب تونسية يتابعون عمليات التصويت داخل وخارج مكاتب التصويت. كما يتابع الانتخابات مئات المراقبين من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومنظمات دولية على غرار مركز كارتر. من جهته, أشاد السفير الأميركي لدى تونس جاكوب والس بالسير المنظم للانتخابات. ووصف والس أثناء زيارته مركزا انتخابيا في العاصمة يوم التصويت باليوم العظيم, وقال إن بلاده ستدعم من تفرزه الصناديق. وتقول أحزاب -بينها النهضة ونداء تونس- إنها مستعدة لتشكيل حكومة "توافقية", وهو ما تعارضه أحزاب أخرى تعارض "الاستقطاب الثنائي" وتخشى استفراد الحزبين بالسلطة. ويمنح دستور تونس الجديد الذي تمت المصادقة عليه مطلع العام 2014، صلاحيات واسعة للبرلمان ورئيس الحكومة مقابل صلاحيات أقل لرئيس الجمهورية.