مفاجأة من العيار الثقيل تلك التي كشفت عنها جريدة (نيويورك تايمز) الأمريكية، حينما أعلنت مشاركة وحدات جوية مغربية في عمليات القصف التي باشرتها قوات التحالف الدولي على مقرات تنظيم الدولة الإسلامية. وكشفت صحيفة نيويورك تايمز ، أنّ المغرب أرسل عدّة وحدات من القوات الجوية، لتوجيه ضربات ضد الدولة الإسلامية في العراق وسورية، وأكّدت الصحيفة ذاتها أنّ المغرب ستكون بذلك آخر الدول التي تنضم إلى التحالف الدولي ضد الإرهاب، معتبرةً أنّ تدخل القوات الجوية المغربية، جاء بناء على طلب أميركي محدد في هذا الخصوص. وأشارت نيويورك تايمز إلى أنّه في حال تأكد إرسال المغرب هذه الشحنة من السلاح الجوي، فستكون المرّة الأولى التي تستخدم فيها المغرب طائراتها القتالية المتعددة المهام أف 16 وسي بلوك 52 الهجوميتين. إعلان الصحيفة عن التحاق المغرب بقوات التحالف الدولي لمحاربة (الدولة الإسلامية)، ومشاركة وحدات جوية مغربية في الهجوم على مقرات التنظيم، يُعد من أولى النتائج العملية للزيارة التي قام بها الجنرال دو كور دارمي بوشعيب عروب، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، إلى أمريكا بدعوة من الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي. وأعلنت وكالة الأنباء المغربية الرسمية، عن قيام بوشعيب عروب بزيارة عمل للولايات المتحدة من 10 إلى 14 نوفمبر 2014، مضيفة أن اجتماع العمل المغلق بين الجنرال دو كور دارمي بوشعيب عروب والجنرال مارتن ديمبسي، مكن المسؤولين العسكريين من تبادل وجهات نظرهما بخصوص المواضيع ذات الاهتمام المشترك، وبحث السبل والوسائل الكفيلة بتعزيز التعاون العسكري الثنائي. ورغم أن المغرب اكتفى بنشر هذه المعلومات فقط عن الزيارة، فقد أعلن في واشنطن، قبل بضعة أيام من الزيارة، عن توقيع عقد لفائدة الرباط، لتزويد بقنابل من نوع JDAM (ذخائر الهجوم المباشر)، التي تعمل بتقنية GPS، التي تحملها طائرات F16 ويمكنها إصابة أهدافها الأرضية بمنتهى الدقة. وفي تعليقه على خبر الصحيفة، لفت محمد مصباح، زميل أبحاث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين إلى أن الموضوع حساس جداً، لذلك إلى الآن لم يصدر أي موقف رسمي يؤكد أو ينفي مشاركة المغرب في ضربات جوية على داعش، ومن المفيد الانتظار إلى حين صدور موقف رسمي لمعرفة حيثيات الموضوع أكثر . من جهته، قال الأكاديمي محمد شقير إن الجيش المغربي مؤسسة بكماء ، وهذا التوصيف راجع لكونه لا يدلي بتصريحات ولا يعلن عن طبيعة تحركاته، ولا حتى يشرح للمغاربة ما يجري خاصة مع نشر قواته لأول مرة في المراكز الحيوية للبلاد . وتابع أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، المؤسسة العسكرية المغربية، لا تتوفر على مؤسسة ناطق باسم المؤسسة، ولا تعطي بيانات ولا تنشر معطيات، وكل ما يعلم فقط لقاءات قادتها بنظرائهم الأجانب بشكل مقتضب، التي تتم من خلال الزيارات . هذا ولم يصدر أي تعليق رسمي مغربي على ما ورد في الصحيفة الأمريكية، ويمكن اعتبار هذه المعلومة مخالفة تماماً لما كانت الرباط أعلنته في وقت سابق من الشهر الماضي، حينما أعلنت أنها لن تشارك عسكرياً في الحرب، لكنها طرف في التحالف. وكان المغرب قد أكد في وقت سابق، أنه لا يشارك ضمن التحالف الدولي المكوّن من الولاياتالمتحدة الأميركية إلى جانب دول أوروبية وعربية، في الحرب على الدولة الإسلامية ، لأنه اختار أشكالاً أخرى للانخراط في هذا التحالف وسبل التعاون معه، قبل أن تعلن الرباط قبل شهر من اليوم تقديمها الدعم الفعال للإمارات في حربها على الإرهاب، مشيرة إلى أنّ الدعم سيكون عبر مساعدة عسكرية واستخبارية. وأوضح وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار، في مؤتمر صحافي سابق في الرباط، أنّ الدعم الذي أعلنت الرباط تقديمه لدولة الإمارات العربية المتحدة في حربها ضد الإرهاب، سيتم خارج التحالف الدولي. وأشار مزوار، إلى أن تقديم المغرب للدعم، جاء تنفيذاً لتعليمات العاهل المغربي، مؤكداً أنّ هذا الدعم يعزز مسار التعاون الأمني والعسكري، الممتدّ على مدى عقود مع دول الخليج العربي عامة والإمارات خاصة.