لعل الكثير من الناس لا يعلم أن غزوة الأبواء التي في شهر صفر من السنة الثانية للهجرة المشرفة هي أولى غزوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فالمشهور بين الناس أن غزوة بدر هي الأولى، إلا أن صحيح تاريخ المغازي أن غزوة الأبواء هي الأولى. وغزوة الأبواء سميت بهذا الإسم لقربها من منطقة الأبواء ، كما سميت غزوة ودان والتي تبعد عن المدينة المنور بحوالي 250 كيلومترا. أما عن سبب الغزوة فقد علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن قافلة لقريش ستمر من هذه المنطقة، فخرج لملاقاة قريش هناك، خاصة وأن المهاجرين كانوا قد تركوا أموالهم وبيوتهم وكل ما يملكون في مكة، واستخلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سعد بن عبادة رضي الله عنه على المدينةالمنورة ثم خرج لاعتراض عير قريش وكان معه سبعون رجلًا من المهاجرين. وكان يحمل لواء هذه الغزوة عم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أسد الله وأسد رسول سيدنا حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه، وكان لون الراية يومها أبيضًا. وعندما وصل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى بني ضمرة الذين كانوا يسكنون تلك المنطقة عقد معهم صلحًا ولم يحدث أي قتال في هذه الغزوة، وكان نصوص الصلح الذي عقده الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مع عمارة ابن مخشي سيد بنو ضمره، أن بنو ضمره لا يحاربوا المسلمين ولا يناصروا أحدًا على المسلمين، وإذا دعاهم الرسول صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله إلى نصرته أجابوه، ونفس الشروط تكون بحق المسلمين تجاه بنو ضمره، وقد وقع هذه الشروط في كتاب بين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعمارة بن مخشي. وفي منطقة الأبواء يوجد قبر السيدة آمنة بنت وهب أم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتورد المصنفات التاريخية أن السبب في دفنها بالأبواء أن سيدنا عبد الله والد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قد خرج إلى المدينة يمتار تمرا، فمات بها، فكانت زوجته السيدة آمنة تخرج في كل عام إلى المدينة تزور قبره. فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ست سنين، خرجت زائرة لقبره ومعها عبد المطلب وأم أيمن حاضنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فلما صارت بالأبواء منصرفة إلى مكة، ماتت بها، ويقال أن أبا طالب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم زار أخواله بني النجار بالمدينة، وحمل معه السيدة آمنة، فلما رجع منصرفا إلى مكة مرضت وماتت بالأبواء.