ناقشت أمس محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة ملف رعية سوري نسب إليه تكوين شبكة تجنيد الشباب الجزائريين للالتحاق بجهة القتال المعارضة في سوريا ضد نظام الأسد، حيث تمّت متابعته رفقة جزائريين بتهمة الانخراط ضمن جماعة إرهابية مسلّحة تنشط في الداخل والخارج والإشادة بالأعمال الإرهابية وتشجيعها، قبل أن تقرّ هيئة المحكمة ببراءتهم باستثناء المتّهم الرئيسي (ق. عمار) وهو مختصّ في الالكترونيك الذي قضت بإدانته ب 08 سنوات سجنا نافذا و500 ألف دج غرامة مالية بعدما تبيّن تورّطه في القتال مع الجيش الحرّ في سوريا سنة 2012. تمّ توقيف المتّهمين بعد ورود معلومة إلى مصالح الأمن مفادها عودة أحد المجنّدين ضمن جبهة القتال في سوريا، وعلى إثر ذلك تمكّنت ذات المصالح من إلقاء القبض على المشتبه فيه، ويتعلّق الأمر بالمتّهم (ق. عمار)، حيث ضبط بحوزته جهاز إعلام آلي مسجّل عليه فيديو لأحدث التقنيات لصناعة المتفجّرات. وقد اعترف المتّهم خلال التحقيق بأنه تعرّف على الرعية السوري (ج. حسن) المكنّى (أبو فارس) في قسنطينة وهو صاحب مطعم لبيع المأكولات السورية، وأن هذا الأخير كان يحثّهم على ضرورة الجهاد في سوريا، وتزامن ذلك مع مشاهدته المتكرّرة للقنوات التلفزيونية التي كانت تبثّ مشاهد الموت في سوريا، ممّا جعله يتشبع بالفكر الجهادي وضرورة تنقّله إلى الأراضي السورية للالتحاق بجبهة المقاومة، حيث دلّه الرعية السوري على الطريقة التي بإمكانه الوصول من خلالها إلى الأراضي السورية عن طريق تركيا ومن ثمّة إلى مدينة أنطاكيا ثمّ إلى الحدود السورية، حيث منحه رقم هاتف المدعو (أبو كنان) وأخبره بأن هذا الأخير سيتكفّل بنقله إلى معاقل القتال. وأضاف المتّهم أنه اقتنى تأشيرة لمدّة شهر، غير أنه بقي في الأراضي السورية 5 أشهر، وفي نفس الوقت اتّصل ببعض أصدقائه وطلب منهم الالتحاق بسوريا بغرض الجهاد ومن بينهم المتّهم (د. ساعد)، هذا الأخير أخبره بأنه غير مستعدّ للالتحاق بالمقاومة في الوقت الحالي، وأنه سيلتحق بالمقاومة فيما بعد. وأضاف المتّهم أنه حاول الانضمام إلى تنظيم (أبي مصعب الجزائري)، إلاّ أن هذا الأخير رفض ذلك كونه لا يثق فيه لأنه لم يلتحق بأفغانستان والعراق ولم يقم بأيّ عملية جهادية تثبت حسن نيّته. وأضاف المتّهم أنه تنقّل إلى سوريا عبر المسار الذي رسمه له الرعية السوري، وبعد وصوله إلى سوريا اِلتحق بكتيبة (المهاجرين)، وبعد أسبوع اِلتقى مع المدعو (أبي كنان) وأخبره بأنه مختصّ في الالكترونيك فطلب منه صنع المتفجّرات، وأضاف أنه تمكّن من صنع 40 جهاز التحكّم عن بعد في المتفجّرات تمّ استعمالها في نصب الكمائن والحواجز، وأضاف أنه اِلتقى هناك بعدّة مجنّدين من مختلف الجنسيات من بينهم جزائريون، مصرّحا بأنه أثناء تواجده في مركز العبور دخل حوالي 500 شخص للالتحاق بالمقاومة من عدّة جنسيات، وأضاف أنه تدرّب على الرماية وحمل سلاح الكلاشينكوف لمدّة شهرين وذلك ما منحه إمكانية الحصول على مسدس لاستعماله أثناء الهجومات. كما تمكّن المتّهم -حسب اعترافاته- من تصوير طريقة صنع المتفجّرات وتوثيقها في أقراص مضغوطة، وأضاف أنه من حين إلى آخر كان يتّصل ببعض الأشخاص في الجزائر بغرض الالتحاق به. كما أكّد المتّهم أن آخر عملية شارك فيها هي تفجير مطار (لافنتاز) العسكري وأثناء ذلك أصيب على مستوى البطن وبعض الأعضاء من جسمه، وعلى إثر ذلك تمّ نقله إلى أحد مستشفيات تركيا حيث تمّ إسعافه، وبعد تماثله للشفاء أعرب عن رغبته في العودة إلى الجزائر لرؤية عائلته فوافق القائد على ذلك مقابل أن يجنّد له بعض العناصر وهو ما وافق عليه فورا، حيث منحه (الجيش الحرّ) مبلغ 300 دولار أمريكي ليتمكّن من العودة إلى أرض الوطن، وبناء على تصريحاته تمكّنت مصالح الأمن من إلقاء القبض على الرعية السوري (ج. حسن) والمتّهمين (د. سعد) و(م. عبد القادر)، هذا الأخير تغيّب عن جلسة المحاكمة كونه مقيما بولاية المسيلة، ممّا اضطرّ القاضية إلى فصله عن الملف، ومن المنتظر أن تتمّ محاكمته على انفراد بتاريخ 5 فيفري المقبل. وخلال مواجهة المتّهم الرئيسي تراجع عن كافّة تصريحاته مؤكّدا أنه توجّه إلى تركيا بغرض السياحة لا غير، وهناك انضمّ إلى جمعية خيرية، وأثناء غارة جوية على منطقة باب الهوى أصيب وتمّ نقله إلى المستشفى، وبخصوص الفيديو الخاص بالمتفجّرات الذي ضبط بحوزته صرّح بأنه ليس ملكه كون الجهاز الذي اقتناه مستعمل. كما أنكر بقية المتّهمين التهم المنسوبة إليهم، مؤكّدين أنه لا تربطهم أيّ علاقة مع المتّهم الرئيسي، ليطالب ممثّل الحقّ العام بإدنة المتّهم الرئيسي ب 15 سنة سجنا نافذا والرعية السوري ب 10 سنوات سجنا وتطبيق القانون في حقّ المتّهم الآخر.