النّظام المصري اعتقل 41 ألف مواطن (انحدار حادّ في حقوق الإنسان) هكذا لخّصت منظّمة (هيومن رايتس ووتش) الوضع المصري الراهن في أعقاب الذكرى الثالثة لثورة 25 جانفي، واعتبرت المنظّمة في تقريرها العالمي الصادر (أن القيادات الجديدة في مصر انقلبت على نحو مُمنهج على المكتسبات الهشّة لانتفاضة 2011 التي شهدتها البلاد بسجن عشرات الآلاف وتضييق آخر المساحات المتبقّية لحرّية الرأي والتعبير والتجمّع. فمنذ وصوله إلى السلطة في جوان 2014 أشرف الرئيس عبد الفتّاح السيسي على حالة من الإفلات من العقاب سمحت لقوات الأمن بالإفلات من مسؤولية القتل الجماعي، بينما يسجن مئات المحتجّين السلميين). قالت المنظّمة في تقريرها: (سجنت السلطات المصرية أكثر من 41 ألف شخص، حسب باحثين مستقلّين ذوي مصداقية، منذ قاد السيسي -وزير الدفاع في ذلك الحين- عزل محمد مرسي، أوّل رئيس مصري مُنتخب في انتخابات نزيهة، في جويلية 2013). ويتابع التقرير: (ينتمي نحو 29 ألفا من المسجونين إلى جماعة الإخوان المسلمين، أكبر جماعة مُعارضة في مصر، أو يؤيّدونها، بينما يعتبر الآخرون من منتقدي الحكومة من مُختلف الفصائل السياسية. وأدّت حملة الاحتجازات الجماعية إلى اكتظاظ سجون البلاد فتزايدت الوفيات أثناء الاحتجاز، حسب مصلحة الطبّ الشرعي التابعة لوزارة العدل). وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: (لقد بلغت مصر أدنى نقاط ما بعد الثورة، وفي الوقت الحاضر لا يلوح ضوء في نهاية النفق، وتزداد الأوضاع سوءا بالنّسبة لآلاف المصريين يوميا). * انتهاكات صارخة في المقالة الافتتاحية للتقرير العالمي في نسخته الخامسة والعشرين يتوجّه المدير التنفيذي كينيث روث إلى الحكومات بالدعوة إلى الاعتراف بأن حقوق الإنسان تمثّل مرشدا أخلاقيا فعّالا في أزمنة الاضطرابات، وأن انتهاكها قد يُشعل فتيل التحدّيات الأمنية أو يفاقم منها. فالمكاسب العاجلة الناجمة عن تقويض القيم الأساسية للحرّية وعدم التمييز نادرا ما تعادل ثمنها الآجل. ويتضمّن التقرير وصفا للقمع الحاصل في مصر بالإشارة إلى قيام (بعض القضاة وأفراد النيابة طوعا بأداء الدور المساعد في الحملة القمعية، ففي أفريل وجويلية 2014 أصدر قاضٍ في محافظة المنيا حُكما بالإعدام بحق 220 متّهم وحكما بالسجن مدى الحياة في حقّ 495 متّهم بعد محاكمتين شابتهما انتهاكات للإجراءات القانونية السليمة. وأصدر قاضٍ آخر في محافظة الجيزة حُكما ابتدائيا بإعدام 188 شخص في ديسمبر جرّاء اعتداء واحد على أحد أقسام الشرطة، كما قام قضاة ووكلاء نيابة بتجديد الحبس الاحتياطي استنادا إلى أدلّة لا تذكر أو منعدمة. وفي جويلية قالت وزارة الداخلية إن 7.389 شخص تمّ إلقاء القبض عليهم على خلفية القلاقل التي أحاطت بعزل مرسي منذ عام ما زالوا رهن الحبس الاحتياطي. وفي أكتوبر أصدر السيسي مرسوما يوسّع من سلطة المحاكم العسكرية على المدنيين، وأحالت السلطات منذ ذلك الحين 820 مدني على القضاء العسكري). * إفلات من العقاب لم تغفل المنظّمة الحديث عن الهجمة الشرسة التي قادتها الحكومة المصرية ضد منظّمات المجتمع المدني في مصر، فقالت: (انقضّت السلطات كذلك على المنظّمات المستقلّة واشترطت عليها التقدّم للتسجيل الرسمي بموجب قانون مثقل بالقيود من سنة 2002 يسمح للحكومة بتقليص نشاطاتها وتمويلها، كما أصدر السيسي تعديلات على قانون العقوبات قد تؤدّي إلى السجن المؤبّد لكلّ من يتلقّى تمويلا أجنبيا دون إذن رسمي). وتتابع في تقريرها: (كما استهدفت السلطات ما تبقّى من مصادر الانتقاد فقام الرئيس المؤقّت عدلي منصور بوضع المساجد والخطباء تحت سيطرة الدولة). (ولم تقدّم السلطات مسؤولا واحدا للمحاسبة عن مقتل أكثر من ألف متظاهر مؤيّد لمرسي في منتصف 2013، في واحدة من أسوأ وقائع القتل الجماعي في التاريخ الحديث التي قد ترقى إلى مصاف جريمة ضد الإنسانية) بإفلات المسؤولين في مصر من الحساب، وهكذا أنهت المنظّمة تقريرها.