سهرة الفنون القتالية المختلطة (الطبعة الرابعة): تنشيط 80 منازلة للمحترفين والهواة يوم الجمعة بقاعة حرشة حسان    شركة جيتكس بالعاصمة،تطلق تشكيلتها الجديدة لملابس الأطفال    يوم دراسي بالجزائر العاصمة حول التعاون الجزائري العماني في مجال المتاحف    الشيخ محمد عبد اللطيف بلقايد في ذمة الله عن عمر 88 عاما    سيتم إنجاز 5 أو 6 مشاريع جديدة لتحلية مياه البحر سنة 2026    الجزائر تعرب عن استغرابها إزاء التدابير تعيق اتنقلهم إلى الأراضي الفرنسية    المجلس الشعبي الوطني يدين بشدة زيارة رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي إلى المناطق المحتلة في الصحراء الغربية    مجلس الأمة يشارك في الدورة الاستثنائية للبرلمان العربي حول فلسطين    هذه أوقات عمل المؤسّسات التعليمية في رمضان    متقاعدو التعليم مهدَّدون بالطرد    الجزائر تدعو إلى تحقيق دولي في جرائم الكيان الصهيوني بغزة    " حماس" تعلن عن اتفاق بتسليم جثث أربعة صهاينة    لا رضوخ.. والجزائر ستردّ بالمثل    ارتفاع قيمة التداول بالبورصة في السداسي الثاني 2024    انتصار جديد للجزائر على "المخزن" في إفريقيا    مهمة صعبة ل"السياسي" أمام "العميد"    رحلة ليلية بالقطار بين الجزائر ووهران في رمضان    محطات التحلية إنجازات يخلّدها التاريخ    زحمة وبيع ترويجي ..."حمّى الشراء" تصيب المولَعين بالتسوق    تجهيز مشروعين سياحيَين    تخصيص سفينة لشحن البضائع المصدّرة إلى موريتانيا    ضبط الجدول الزمني لأشغال المجلس الشعبي الوطني    نودّع إماما مربّيا ومعلّما أفنى حياته في خدمة الدين والوطن    رئيس الجمهورية يعزي في وفاة محمد عبد اللطيف بلقايد شيخ الزاوية البلقايدية الهبرية العريقة    أجال دفع تكلفة الحجّ تنتهي غدا الجمعة    ندوة علمية بتلمسان.. إبراز دور اللغة الأم في تعليم الكبار    القانون المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها يصدر في الجريدة الرسمية    قمّتان في سطيف وتيزي وزو ومهمة صعبة للاتحاد بالبيّض    استشهاد أسير فلسطيني من غزة بسجون الاحتلال..حماس: لم نتلق أي مقترح بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة    21لوحة تبرز نقاط التقاطع والانجذاب    أفرد ملفا خاصا بالجلسات الوطنية للسينما.. تقديم العدد الأول لمجلة "سينماتيك"    ربيقة يجري عدة لقاءات مع وزراء ومسؤولين في جمهورية نيكارغوا    زعلاني يبرز الأشواط الكبيرة التي حققتها الجزائر في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان    إدارة اتحاد الجزائر تشكر الحكومة الجزائرية التي سخرت كل امكانياتها لمساعدة الفريق على الدفاع عن قضيته العادلة    المنيعة..مشاريع تنموية جديدة لفائدة بلديتي المنيعة وحاسي القارة    الجزائر – وهران : إطلاق رحلة قطار ليلية جديدة خلال شهر رمضان    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تعزيز العمل خلال شهر رمضان الكريم    رئيس الجمهورية : ما تم إنجازه لتوفير المياه للجزائريين سيخلده التاريخ    بورصة الجزائر: ارتفاع قيمة التداول ب 5ر4 % في السداسي الثاني من 2024    هل يحطم مبابي أسطورة رونالدو في الريال؟    صادي رئيساً للفاف حتّى 2029    الجزائر-النيجر: آفاق واعدة لمستقبل التعاون الثنائي    رمضان: جمعية التجار والحرفيين تدعو إلى تفادي المضاربة وتبرز وفرة المنتجات    تتويج الفائرين في الطبعة الرابعة للمسابقة الوطنية للصحافة البيئية    كيف تفوز الأسرة برمضان؟    عرقاب يستقبل وفدا من شركة سينوبك الصينية    عرض نتائج دراسة حول التحول الرقمي    شركة قطر فارما تبدي اهتمامها بالاستثمار في الجزائر    تنظيم انتخابات أعضاء برلمان الطفل الجزائري 2025-2027    الجيش الوطني الشعبي: القضاء على إرهابي وآخر يسلم نفسه خلال أسبوع    الأمم المتحدة: الوضع في غزة كارثي ويستدعي استجابة إنسانية عاجلة    كرة القدم/ تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2026 للسيدات (الدور التصفوي الأول-إياب): الجزائر تفوز على جنوب السودان (3-0) وتبلغ الدور الثاني والأخير    وزارة الشؤون الدينية والأوقاف تنشر إمساكية رمضان    حج 2025: آخر أجل لدفع التكلفة هو يوم الجمعة المقبل على الساعة الثامنة مساء    سايحي يستقبل وفدا عن النقابة الوطنية المستقلة للقابلات الجزائريات للصحة العمومية    الشوق لرمضان    هكذا تدرّب نفسك على الصبر وكظم الغيظ وكف الأذى    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    









اقتصاد جديد وإلا فالطوفان
نشر في أخبار اليوم يوم 31 - 01 - 2015


بقلم: علي محمد فخرو
o منذ منتصف سبعينات القرن الماضي وملتقى دافوس الاقتصادي يجمع سنويا حوالي ألفين وخمسمئة من رجالات الاقتصاد والمال والسياسة والإعلام، ليستمعوا لخطب ساسة أمثال، رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذي كان يلقي المواعظ الأخلاقية، بينما كانت يداه ملطختين بدماء أطفال العراق، وغونداليزا رايس الأمريكية التي كانت تدافع إلى حد الجنون عن سياسات بوش الابن الخرقاء في مهاجمة الآخرين واحتلال بلدانهم وتجويع أطفالهم، باسم حملات مكافحة الإرهاب الصليبية، وقادة العالم الثالث الفاسدين الناهبين لثروات أوطانهم، أو ليستمعوا لرؤساء بنوك وشركات عابرة للقارات من المتخمين بالمال وعيش الرفاهية والبطر، والمدافعين عن نظام رأسمالي عولمي يمارس الفحش في استقطاب الثروات للأغنياء ليزدادوا غنى وفي نهب الفقراء ليزدادوا فقراَ.
ملتقى دافوس يريد أن يطمئن ضحايا الامتيازات بأن الجلادين معنيون بآهات وأسقام ضحاياهم، بدليل أنهم يجتمعون سنويا لبحث كيفية الخروج من الأزمات المالية بشرط أن لا تمس أسس الليبرالية الجديدة المتوحشة، التي لا تعترف إلا بمنطق السوق، ولا غير السوق، وبدليل مناداتهم بحماية البيئة شرط أن لا يؤدي ذلك إلى المساس بأسس هيمنة الشركات العالمية الكبرى على ثروات بلدان العالم الثالث الفقير، وبدليل أنهم يبحثون قضايا اللامساواة والبطالة بين الشباب والنساء ومرض الإيبولا... إلخ من قائمة طويلة لإحن هذا العالم التي تتفجر كالبراكين سنة بعد سنة.
كل تلك الخطابات والمناقشات والصفقات والبيانات، التي تشغل العالم لمدة ثلاثة أيام من كل عام، والأمور تزداد سوءا، فلا يزال بليون ونصف البليون من البشر لا يزيد دخل الفرد منهم عن دولار وربع الدولار في اليوم، ولايزال مئة وثلاثون مليونا من الأطفال يضطرهم جوع أهليهم العمل في المزارع والمصانع والحرمان من التعليم، ولايزال واحد في المئة من سكان العالم يملكون خمسين في المئة من ثروات هذا العالم، ولا تزال البيئة تتدهور ولا تزال الدول تزدا غوصاَ في المديونيات التي في النهاية لا يحمل وزرها إلا الفقراء، ولا يزال العالم يخرج من أزمة مالية بعد جهد جهيد ليدخل في أزمة جديدة بسبب انقلاب اقتصاده، بتوجيهات المدارس الاقتصادية النيوليبرالية في عواصم الغرب الكبرى، من اقتصاد انتاجي إلى اقتصاد انتهازي يعتمد على طباعة التريليونات من الأوراق المالية من قبل البنوك المركزية، ويعتمد على أنظمة إقراض جائرة لا تعرف الانضباط ولا الرحمة، ويعتمد على مغامرات مضاربات لا دخل لها بالواقع.
من هنا لا يستطيع الإنسان إلا أن يصل إلى نتيجة مفادها أن ملتقى دافوس الاقتصادي، الذي أنهى اجتماعه السنوي منذ بضعة أيام، ليس إلا مؤسسسة، تنضم إلى قائمة طويلة من المؤسسات المشابهة لها، معنية في جوهرها بإيجاد مخارج تنقذ الذين يصرُون على توريط هذا العالم في أزمات اقتصادية وبيئية وسياسية، بسبب تمسكهم بالإبقاء على أفكار وممارسات اقتصادية مليئة بالثغرات والخداع، تدعمها آلة إعلامية متواطئة كاذبة، حتى لو كان من بعد ذلك الطوفان.
ما يحتاجه العالم الآن هو فكر اقتصادي جديد يعتمد على ممارسات وقيم إنسانية عادلة تردع الفاسدين الأنانيين الطماعين، وليس فقط، كما تدعو إليه الدوائر الرأسمالية العولمية المتحكمة، إلى مزيد من الشفافية والأنظمة الترقيعية المنتقاة باتقان لإطالة أمد عمر نوع من الرأسمالية لا تمتُ بأي صلة حتى بالأسس التي قامت عليها الرأسمالية الكلاسيكية.
إنه فكر اقتصادي جديد لا يشعر بالحرج أو الخجل من تبني بعض ما نادى به الفكر الاشتراكي في الماضي مثل، ضرورة تدخل سلطات الدولة من خلال نوع معقول من التخطيط المركزي، ومن خلال أنظمة مانعة للشطط والمغامرات المعتوهة، ومن مثل ضرورة امتلاك الدولة لمؤسسات اقتصادية مفصلية لا تترك للمال الخاص لكي يمتلكها ويتحكم من خلالها برقاب العباد، ومن مثل التدخل لحماية المؤسسات والأسواق المحلية لحماية صغار المستثمرين من هيمنة المؤسسات العولمية الكبيرة، ومن مثل بناء دولة الحماية المجتمعية من خلال أنظمة التعليم العام والخدمات الصحية العامة، ودعم النقابات ومؤازرة الفقراء والمهمشين والإصرار على أنظمة تقاعد عادلة، وعدم القبول بالمقولة الرأسمالية من أن البطالة هي شر لا بد منه.
وفي جميع الأحوال فإن فكرا وممارسة كهذين لا يمكن أن يستقرا إلا في أنظمة ديمقراطية عادلة، حيث للمجتمع المدني صوت قوي وللمواطن حرية ونشاط حيوي، حيث لا مكان للامتيازات تحت أي مسمى كان، حيث لا سلطة تعلو فوق سلطة القانون العادل الذي يضعه الناس لأنفسهم.
النضال من أجل إيقاف الجنون الرأسمالي النيوليبرالي العولمي الجائر من خلال القبول بضوابط اشتراكية إنسانية متوازنة ومعقولة، لإيجاد نظام اقتصادي إنساني عادل، يجب أن يكون أولوية الأولويات لقوى المجتمعات المدنية في العالم كلُه، وإلا فإن الطوفان قادم بسبب حساسيات طفولية تجاه كل الفكر الاشتراكي لا معنى لها، بل ومضرة إلى أبعد الحدود، وستغرق الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.