عرف العالم في نهاية الألفية الثانية وبداية الألفية الثالثة نقلة نوعية أحدثت ثورة في القيم التي حكمت العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حيث انقسم إلى معسكر شرقي ومعسكر غربي عاش فيها العالم إرهاصات الحرب الباردة وسباق التسلح إلى أن سقط المعسكر الشيوعي وسيطرت الرأسمالية العسكرية والاقتصادية والثقافية. كانت بلدان العالم الثالث فيما قبل الواحدية القطبية مشدودة إما إلى الغرب الرأسمالي أو إلى الشرق الاشتراكي وكان لكل بلد دوافعه الداخلية والخارجية إلى أن جاءت حركة عدم الانحياز كقطب ثالث انتعشت معه حركات التحرر واستقلت جل البلدان التي كانت ترزح تحت نير الاستعمار وبنت اقتصادياتها في إطار السياسات التي كانت تتبناها الأنظمة السياسية، وكان لهذه البلدان دورها في الدفاع عن مصالحها في المحافل الدولية وفي الجمعية الأممية على وجه الخصوص. وبسقوط المعسكر الشيوعي في نهاية القرن الماضي وضعت علامات الاستفهام الكثيرة والكبيرة على جدوى وجود حركة عدم الانحياز وعن الدور الذي يمكن أن تلعبه، وكثيرون هم الذين دعوا إلى حلها في ظل هيمنة النظام الرأسمالي. وأما وهذه الدول أو من بقي منها مؤمنا بأن لها دور تلعبه تستعد لعقد القمة الخامسة عشر بشرم الشيخ فنقول بأن التحديات التي عملت الحركة منذ تأسيسها على رفعها مازالت قائمة سواء الداخلية كالفقر والتنمية والتعليم والصحة أو الخارجية في علاقاتها بالعالم المتقدم الذي بني نظاما عالميا مجحفا في حق شعوب الجنوب والذي تظهر انعكاسات أزماته أول ماتظهر على البلدان الفقيرة كما هو الحال بالنسبة للأزمة الاقتصادية الحالية. وعليه فعلى حركة عدم الانحياز أن تسعى لتكون قطبا يحسب له حساب في المعادلة الدولية الجديدة باعتبارها مصدر الثروات وسوق استهلاك وطاقة بشرية وكفاءات يعتمد عليها الغرب الصناعي في بناء اقصتادياته وتطوره العلمي،، وعليها أيضا أن تجد الآليات المناسبة للتعامل مع هذا الغرب الجشع الذي لم يتوان في اللجوء من جديد إلى التدخل العسكري لتأمين مصالحه الطاقوية والاقتصادية حيثما وجدت وأن تواجه هذه الهجمة الشرسة على بلدان الجنوب الفقير بمعارفه الغني بثرواته.