يعرف المجتمع الجزائري على غرار باقي المجتمعات الأخرى بتقاليده وأصالته ويتضح ذلك جليا من خلال المناسبات العائلية ومن بينها الأعراس كصورة عاكسة للتقاليد، ورغم اختلاف طرق إحيائها من ولاية لأخرى إلا أن الشرط الأساسي فيها والتي تشترك فيه جميع العائلات ضرورة إحضار الذهب للعروس وضمه إلى صداق العروس، وأمام الأعباء الثقيلة للأعراس وغلاء الذهب لم يجد المقبلون على الزواج سوى تقديم أطقم مقلدة أو كما تعرف بالبلاكيورلإنقاذ الموقف. عتيقة مغوفل الارتفاع المحسوس في أسعار الذهب دفع النسوة وخاصة الفتيات المقبلات على الزواج إلى اللجوء والاستنجاد بالذهب المقلد أو (البلاكيور) كما هو معروف عند العام والخاص، وأصبح الإقبال على هذا الحلي كبيرا خلال الأعراس والأفراح، كمناسبات تلزم المرأة فيها على إبراز جمالها وحليها، وهو ما لا يكتمل بدون بعض القطع الذهبية التي لم تعد المرأة الجزائرية قادرة عليها فعوضتها بالبلاكيور التي تمتد فترة ضمانه أحيانا إلى 10 سنوات تقريبا. البلاكيور بديلا عن الذهب في الأعراس أول النسوة اللائي قابلناهنَ واخترن هذا النوع من الحلي في المناسبات السيدة (خديجة) التي أخبرتنا أنه كلما تحل مناسبة تشتري حليا وأقراطا وخواتم مزيفة وتلبسها طيلة فترة العرس والسبب بسيط فهي لا تستطيع شراء الذهب نظرا لارتفاع سعره لهذا تلبس المجوهرات المقلدة لأنها تشبه الذهب، أفضل من الذهاب إلى عرس أو مناسبة دون مجوهرات ويبقى جميع أفراد عائلتها ينظرون إليها لأنها دون حلي، وأيضا لأنها ليست قادرة على شراء الذهب الخالص، وأضافت ذات المتحدثة (صحيح أن الذهب ذو قيمة عالية وأثمانه تؤكد ذلك، إلا أنه يشترك مع (الفالصو) في نفس الدور فهما يستعملان للزينة لا غير فمعظم النساء يرتدينه للتباهي أمام الحاضرات، لذا في نظري ما من حرج في ارتداء البلاكيور فهو في جميع الأحوال شكله وتصميمه مثل الذهب الأصلي تماما، وأنا لجأت مؤخرا لشرائه لأنني وقعت في ضائقة مالية لم تمكنني من شراء الذهب الخالص. أما نعيمة فهي الأخرى من النسوة اللواتي يرحبن كثيرا بفكرة ارتداء البلاكيور عوض الذهب الحقيقي، فتقول: (بما أننا في مجتمع، ومع الأسف، لا يهتم سوى بالمظاهر الخارجية نحن مجبرات على الظهور بمنظر مثير وجميل فهو بمثابة الحل البديل في ظل الارتفاع غير المسبوق في سعر الذهب الذي بات يستنزف جيوبنا، إضافة إلى الميزة الطيبة التي فيه، فهو يحمينا من السرقات ففي حال تعرضت الواحدة منا إلى محاولة سرقة فهي لن تخسر الملايين بل بعض الدنانير فقط. عرائس يتنازلن عن أطقم الذهب أما نبيلة صاحبة 24 ربيعا شابة مقبلة على الزواج الصيف المقبل قابلناها في أحد محلات كراء ملابس الأعراس بالعاصمة، فعبرت لنا عن رأيها في الموضوع، قائلة (زوجي المستقبلي لا يستطيع أن يشتري لي طاقما من الذهب كما جرى عليه العرف في مجتمعنا والذي لا يقل سعره عن 20 مليون سنتيم، لهذا قررت أن لا أخبر عائلتي بأنه قام باقتناء طاقم من الذهب المقلد لي وشاركت زوجي الكذبة، وهكذا فعلت فقد اتفقت معه على أن يقتني ذهبا مقلدا من النوع الإيطالي يصعب تفريقه عن الذهب الحقيقي، وبعد انقضاء العرس سيشتري لي طاقما حقيقيا بالتقسيط، فالذهب والمجوهرات ليست شرطا للزواج، رغم أنّ ديننا يأمرنا بأن نُيسر لا أن نعسر، ولم يضع الذهب كشرط للزواج، بل بالعكس من ذلك نهى عن التبذير وعن المصاريف التي لا فائدة منها، لكن وللأسف فإن المجتمع لا يرحم وصار ينظر إلى المرأة التي لا ترتدي الحلي والجواهر الثمينة على أنها ناقصة، ليست المقبلة على الزواج فقط، بل حتى اللائي يحضرن الأعراس من أسرة العريسين ما جعلني أفكر في أن أشتري الذهب المقلد، وهو الحل في مثل هذه الظروف، وفعلا فقد استطعت وزوجي أن نٌمَوِه الناس جميعا ببعض القطع التي اشتريتها. نسوة لا يروقهن البلاكيور في حين هناك فئة أخرى من النساء من يرفضن فكرة ارتداء الذهب المقلد عوض الأصلي وهو رأي أسماء التي عبرت قائلة: (أمي تريد أن أشتري الذهب المزيف وأنا لا أريد ذلك، فأنا لا أحب (البلاكيور) لأنه مجرد تبذير للنقود، فعوض أن تشتري خاتما من (البلاكي) ب 500 دينار أفضل جمع مبلغ أكبر وشراء خاتم من ذهب حقيقي أجده وقت الشدة، كما أن الذهب المزيف لا يدوم طويلا وسرعان ما يختفي بريقه، ليصبح بذلك المال الذي أنفقته عليه في مهب الريح، وأكدت أيضا أنها عندما تتزوج لن ترضى أبدا بأن تجهز بذهب مقلد وترى أنها تكتفي بقطعة واحدة من الذهب الحقيقي على أن تشتري عددا كبيرا من القطع المقلدة وتعتبر ذلك إهدارا للمال في أشياء لا تصلح بعد مرور فترة وجيزة.