بعد تحذيرات صندوق النقد وأرقام الجمارك المرعبة * ثبوت رؤية هلال (التقشّف) في الجزائر!* يبدو أن الحكومة تسير مجبرة في طريق التقشّف الذي بدأت تظهر معالمه جليا للجزائريين من خلال اتّخاذها جملة من التدابير، أبرزها التخلّي عن برنامج (عدل 3) السكني رغم أن هذا القطاع (غير معني) -حسب ما ردّده الوزير تبّون في مناسبات سابقة- بالتقشف، فيما يؤكّد مقرّبون من الحكومة أن الأسابيع المقبلة ستحمل المزيد من إجراءات (شدّ الحزام). كشفت تقارير عربية أمس نقلا عن مصادر مُقرّبة من الحكومة الجزائرية أن هذه الأخيرة ستتّخذ خلال الأسابيع المقبلة جملة من التدابير التقشّفية، في مُحاولة مستميتة للخروج من الأزمة المالية الناتجة عن تراجع العوائد النفطية. وقالت المصادر إن قانون الميزانية التكميلي الذي تعكف الحكومة على إعداده قبل عرضه على البرلمان في جوان المقبل سيكون الإطار الذي تكشف فيه عن إجراءات (شدّ الحزام) في ظلّ انتقادات واسعة للسياسة الاقتصادية التي ينخرها الفساد المالي والإداري. وأوضحت نفس المصادر أن القانون سيتضمّن إعادة النظر في السياسة الاقتصادية بعد أن وجدت السلطات نفسها مضطرّة إلى مواجهة تداعيات تراجع مداخيل الخزينة العمومية إلى مستويات قياسية لم تسجّل منذ العام 1998، وأضافت أن الإجراءات المنتظرة تتضمّن التضحية بالاستثمارات الحكومية في المشاريع العمومية والبنى التحتية التي تشغل جانبا كبيرا من الأيدي العاملة في البلاد، الأمر الذي يعرّض الجبهة الاجتماعية لمتاعب جديدة، خاصّة فيما يتعلّق بالتشغيل ومُحاربة البطالة. * أرقام مرعبة يقول خبراء اقتصاديون إن من بين 760 ألف شركة جزائرية هناك 300 ألف منها لا تنتج شيئا وتعمل فقط في الاستيراد، في حين لا تمثّل الصادرات خارج المحروقات إلاّ 3 بالمائة، الأمر الذي يكرّس تبعية مفرطة لعوائد النفط. وقد أعاب تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي في الفترة القليلة الماضية عجز الحكومات الجزائرية المتعاقبة عن تنويع الاقتصاد رغم المداخيل القياسية التي حققتها خلال 15 عاما الأخيرة، والتي بلغت نحو 800 مليار دولار. يُذكر أن صندوق النقد الدولي كان قد حذّر الجزائر من أنها أصبحت على حافّة أزمة مالية حادّة ودعاها إلى مراجعة سياستها المالية وتقليص نفقاتها العاّمة واتّباع سياسة التقشّف على ضوء تراجع أسعار النفط مصدر الدخل الأساسي للجزائر. وحسب الأرقام التي قدّمتها ذات الهيئة فإن الجزائر صرفت ما لا يقلّ عن 11 مليار دولار خلال شهر جانفي وحده، فيما شدّد من تحذيراته إلى الحكومة الجزائرية التي قال إن احتياطها لا يكفي إلاّ ل 15 شهرا فقط. وسجّل الميزان التجاري للجزائر عجزا ب 73ر1 مليار دولار خلال الثلاثي الأول ل 2015 مقابل فائض ب 83ر1 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2014، حسب ما أوردته الجمارك الجزائرية مؤخّرا. هذه الأرقام الجديدة بثّت المزيد من الرعب في قلوب الجزائريين، حيث أن خسارة نحو مليار دولار في ثلاثة أشهر نتيجة استمرار انهيار أسعار النفط يعدّ مؤشّرا على أن الجزائر باتت مهدّدة بأزمة مالية خطيرة. * هلال التقشّف رغم تأكيداتها السابقة بأن قطاع السكن غير معني بإجراءات التقشّف، تراجعت الحكومة عن إطلاق البرنامج الإسكاني (عدل 3) الذي وعدت به المواطنين من قبل، وفي السياق قال وزير السكن والعمران والمدينة عبد المجيد تبّون أول أمس في مجلس الأمّة إن الحكومة قرّرت عدم إطلاق برنامج لسكنات (عدل 3) مثلما كان يجري تداوله في وقت سابق، مشيرا إلى أن أيّ حديث عن (عدل 3) لا أساس له من الصحّة. من جهة أخرى، قرّرت الحكومة رفع تسعيرة الكهرباء، حيث كشف الرئيس التنفيذي لشركة سونلغاز نور الدين بوطرفة أنه حان الأوان لمراجعة تسعيرة الكهرباء، وأن الرفع من هذه الأخيرة لا مفرّ منه لما تتكبّده الشركة من خسائر كبيرة، مشيرا في تصريحات صحفية أول أمس إلى أن سونلغاز خسرت أكثر من 14 مليار دولار خلال العامين السابقين، بالإضافة إلى العجر المقدّر ب 80 مليار دينار.