عندما تصبح الوسائل التكنولوجية وسيطا للارتباط الشرعي الزواج عبر "السكايب" "يهزم" الزيجات التقليدية مشكل تأخر سن الزواج الذي تعرفه الجزائر وباقي البلدان العربية الأخرى أدى إلى ظهور طرق ترمي إلى الجمع بين نصفين وبناء بيت في الحلال، وكانت مواقع الأنترنت وأغلب مواقع التواصل الاجتماعي حلا للجنسين معا للبحث عن نصفهم الآخر فظهر ما يسمى بالزواج عبر الأنترنت أو عبر السكايب وكان محل نزاع بين مؤيد ومعارض لهذا النوع من الزواج. نسيمة خباجة يفر العديد من شباب اليوم من براثن الزواج التقليدي نحو التعارف والزواج من خلال الوسائط الإلكترونية سواء كانت مواقع خاصة بالزواج، حيث يتم إرسال المواصفات الخاصة بالشخص وكذلك المواصفات التي يتمناها في شريك حياته، أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي توفر إمكانيات واسعة للتعارف والتواصل الكتابي والصوتي والمرئي لتبدأ رحلة من البحث والتعارف والتواصل قد تكون شيقة وممتعة، بيد أنها غير مضمونة النتائج نهائياً، فما أسباب اللجوء إليها؟ وكيف يمكن تقييمها اجتماعياً؟ هذا ما نتحدث عنه في هذا المقال. الفرار إلى الأنترنت خوفا من العنوسة يرى مختصو علم الاجتماع أنه قبل الحديث عن ظاهرة التعارف عبر الأنترنت أو مواقع التوصل الاجتماعي لابد أن نعي جيداً الظروف والعوامل التي أدت إلى نشوء ظاهرة الزواج الإلكتروني، أي الزواج الذي يتم عن طريق مواقع الإنترنت أو القنوات الفضائية التي تم إنشاؤها لتعمل كوسيط للزواج أو حتى عروض الزواج عبر صفحات الجرائد، فالعامل الأساسي الذي أدى لوجود هذه الوسائط وانتشارها إلى هذا الحد هو تفشي مشكلة العنوسة وارتفاع نسبتها، وذلك لعدة أسباب اجتماعية ومادية واقتصادية، أما العامل الآخر فهو عزوف الشباب والفتيات عن الزواج التقليدي المتبع في مجتمعنا، والذي لا يتيح الفرصة الكافية للفتاة والشاب للتعارف الكافي، وفي بعض العائلات لا يرى الشاب خطيبته أثناء فترة الخطوبة سوى مرة أو مرتين قبل الزفاف، وهذا الأمر بلا شك له تأثيراته السلبية. كما أن الزواج التقليدي في أغلب المجتمعات العربية قد تتدخل فيه مصالح العائلات دون الأخذ بعين الاعتبار رغبات وطموح الأبناء، وهذه العوامل أدت إلى فشل حالات كثيرة جداً من الزواج التقليدي، الأمر الذي أدى إلى عزوف الشباب عنه ولجوئهم إلى الوسائل الحديثة رغبة منهم باختيار شريك الحياة بأنفسهم بعيداً عن سلطة ورغبات الأهل، كما أدى انتشار هذا النوع أيضاً إلى الانفتاح الإعلامي والتأثر بالأنماط الغربية). بين التأييد والمعارضة على الرغم من شيوع ظاهرة التعارف عبر مواقع الأنترنت إلا أنها لازالت تتراوح بين التأييد والمعارضة لاسيما في المجتمعات المحافظة أين لازالت الأسر هي من تقرر الزواج بالنسبة للبنت ولا تقبل أن تأتي البنت بزوج وتعرضه عل الأهل مثلما يحكم به الزواج عن طريق السكايب. في هذا الصدد اقتربنا من بعض الفتيات لرصد آرائهن. الآنسة فريال موظفة تقول: (أؤيد هذه الظاهرة وأراها حلاً ناجحاً لبعض مشاكل الزواج التقليدي مادام الهدف منها الستر ومادامت تتم بطريقة شرعية لا تخل بالمنظومة الاجتماعية وتضمن للطرفين كرامتهما خاصة الفتاة، فأنا ضد أن تقوم الفتاة بعرض نفسها بشكل مبتذل كالسلعة، لكنني أقبل بأن يكون لها دورها الإيجابي في إيجاد شريك الحياة المناسب). أما حياة فتقول إنه بالفعل هو الحل الذي وجدته الفتيات لاسيما الماكثات بالبيوت اللواتي لا يملكن الفرص لربط علاقات مع الطرف الآخر، وقالت إنها على معرفة بصديقة تمت خطبتها مؤخرا مع شاب تعرفت عليه عبر الأنترنت وهو من الغرب الجزائري وبالفعل تقدم لخطبتها وموعد زفافها بعد شهور، وأكدت أن تلك العلاقات تبنى بين بعض الأطراف على الثقة وتفتح بذلك بيوت في الحلال. الزواج عبر الأنترنت من الممكن أن يشكل ظاهرة صحيحة بدليل تقبل العديد من الأسر الجزائرية لذلك النوع من الزواج لستر البنات مع أشخاص مناسبين إلا أنه رغم ذلك يتطلب بعض الجرأة والفهم حتى يتقبل المجتمع هذه الفكرة ويعترف بها، فليس من العيب على الإطلاق أن تدخل التكنولوجيا الحديثة وتصبح وسيطاً للزواج وقادرة على التصدي لمشكلة العنوسة.