صار (القطيع) و(التداوي بالأعشاب) من أهم أنواع الاستطباب في مجتمعنا وباتا يعرفان إقبالا كبيرا من طرف الناس خصوصا أولئك الذين يئسوا من الشفاء من عللهم، حيث لم يعد يقتصر تواجد ناشطي هذا النوع من التداوي في المناطق الداخلية والريفية فقط بل انتشرت الظاهرة حتى في العاصمة التي أصبحت تعرف شيوع عيادات خاصة في التداوي بالأعشاب وكثيرا ما اصطلح عليهم بأطباء الأعشاب. عتيقة مغوفل الشقيقة، عرق لاسا، البوصفاير، الخلعة وغيرها من الأمراض التي لم يفلح في مداواتها الطب الحديث، نجح فيه مختصو الأعشاب ووجدوا فيها علاجا حير الكثير من أصحاب الاختصاص، وأبهر المرضى الذين سلكوا كل السبل للعلاج بدون نتائج تذكر ليطرقوا أبواب مختصين في وصفات مثالية لعلاج مختلف الأسقام. التداوي بالأعشاب حرفة متوارثة أول الملاحظات التي يمكن تسجيلها عن أطباء الأعشاب أنهم أشخاص كبار في السن أغلبهم طاعنون في العمر ويتخذون من بيوتهم مكانا لممارسة طقوسهم تلك على اختلاف طرقهم والمواد التي يستعملونها في العلاج إلا أن أيديهم الساحرة تطرد المرض بأعجوبة، حيث يستعمل أغلبهم الأعشاب التي يخلطونها عادة بزيت الزيتون أو أنواع أخرى من الزيوت كما يستعمل آخرون العسل والحناء وغيرها من المواد التي يستعملونها، تقربنا من بعضهم وتحدثنا إلى الحاجة (دليلة) والتي تجاوزت عقدها السابع والتي جعلت من بيتها المتواجد في أعالي بلدية بوزريعة بالجزائر العاصمة مكانا لعلاج الكثير من المرضى، ورغم كبر سنها لا تزال تستقبل الكثير من المرضى الذين وجدوا علاجهم على يدها بعد أن ضاقت بهم السبل في الشفاء، خالتي دليلة تقطع نوعين من الأمراض وهما (الإكزيما) و(البوسلام) وهو مرض له علاقة بالطحال، وتقول إنها توارثت الصنعة عن والدتها والتي تركتها لها ولأختها التي تقطع هي الأخرى، وعن المواد التي تستعملها في العلاج تقول (فيما يخص الإكزيما أستعمل عشبة (البونقار) وزبدة البقر مع صفار بيضة مسلوقة تمررها على مكان الإصابة مدة معينة من الزمن ، وتعيد العملية ثلاث أو أربع مرات حسب قدم المرض، أما فيما يخص مرض الطحال فتضيف أعالج المرضى قبل طلوع الشمس وفي يومي السبت والأربعاء على أن يكون المريض صائما وأقوم بتمرير سكين بارد سبع مرات على مكان الطحال، وأعيد العملية من ثلاث إلى أربع مرات ليشفى المريض بإذن الله، وتضيف (كل من قصدني من المرضى شفوا والحمد لله كما أني لا أشترط على زبائني مبلغا معينا وأنتظر الثواب من الله الذي وهبني هذه العطية لأنفع الناس).
أمراض استعصت على الطب الحديث بعد أن تحدثنا إلى خالتي دليلة المعالجة بالأعشاب أردنا أن نعرف رأي الناس في مثل هذا النوع من التداوي، لذلك تقربنا من السيدة (نعيمة) التي روت لنا تجربتها مع (القطيع) وذلك بعد أن أصيبت ابنتها بداء التهاب الكبد الفيروسي أو ما يعرف عند غالبية الجزائريين بالبوصفاير، فقالت: (لم أترك ساعتها طبيبا مختصا أو عاما نصحوني به إلا وأخذت ابنتي إليه إلا أن محاولاتي كلها باءت بالفشل ولم تشف ابنتي غير أن الكثيرين نصحوني باللجوء إلى هؤلاء (العشابين)، ترددت في البداية إلا أن إصراري على شفاء ابنتي جعلني أطرق باب العلاج التقليدي فقصدت ما يزيد عن 5 منهم إلا أن الشفاء كان على يد أحد الشيوخ من أحد أحياء باب الوادي، والذي استعمل عشبة (فقوس الحمير) عصر حباتها في أنف ابنتي والتي عطست ساعتها بقوة لتشفى نهائيا من المرض بعد أقل من أسبوعين)، ومن جهتها سيدة أخرى التي زارت الكثير من الاختصاصيين في الحساسية الجلدية واستعملت مختلف المراهم إلا أنها تقول (لم أتخلص من (الإكزيما) التي لا تفارق يدي كلما استعملت ماء الجافيل ومسحوق الغسيل لتنصحني إحدى جاراتي بالذهاب إلى سيدة تقطع الإكزيما بالأعشاب وتضيف محدثتنا أنها قصدتها سبع مرات متتالية استعملت فيها بعض الأعشاب وخيطا أحمر وضعته على يدها وقالت (ماذا قطعت) وأشارت علي بقول (قطعت الحمرا) وكلفتني بطلي ذلك الخليط على مكان المرض وبعد الانتهاء من العملية أرمي الخليط في الحشيش، وتضيف أنه منذ ذلك اليوم أصبحت تستعمل أدوات التنظيف ولم تعد تعاني من ذلك المشكل نهائيا.
وللطب رأي آخر في الموضوع بعد أن جمعنا بعض العينات في مثل هذه الأنواع من التطبيب، أردنا أن نعرف رأي الطب في الموضوع لذلك قابلنا الدكتورة (زهرة قرين) مختصة الطب الداخلي بمستشفى لامين دباغين بباب الوادي، ومن جهتها رأت أن الطب يرى تفسيرا آخر للظاهرة حيث يري بعض الأطباء على أن بعض الطرق التي يستعملها هؤلاء في تداوي التهاب الكبد الفيروسي أو ما يعرف بالبوصفاير عندنا فيما يخص النوع (أ)، فهو يشفى تلقائيا إن كان ذلك بالعلاج العادي أو بالقطيع، لأن له فترة معينة ويشفى أما النوعين (ب) و (س) ففي نظر الأطباء من المستحيل أن يشفى المريض عن طريق القطيع أو أي علاج آخر، فهي عبارة عن فيروسات يصعب السيطرة عليها، أما عن الشقيقة أو الصداع النصفي فقالت الدكتورة إنه من مسببات هذا الصداع هو البرد أو قد تكون نفسية فعلاجها طبي قد يكون نهائيا أو قد يرجع بعد فترة قد تكون طويلة أحيانا، أما القطيع ففي نظرهم فيعطي ربما شفاء نفسيا للمريض أكثر منه حقيقيا، أما الذين يستعملون في العلاج طريقة الحجامة فهنا الشفاء قد يكون حقيقيا إذا كانت طريقة الحجامة صحيحة لما ثبت من فوائد الحجامة في أمراض كثيرة.