الكثير من المواطنين الذين يسكنون في العمارات والأحياء السكنية، لا يكادون يحترمون لا جيرانهم، ولا أنفسهم قبل ذلك، حيث يقومون بتصرفات تسيء إلى الجميع، ومن ذلك الاستيلاء على الأقبية، وتحويلها إلى ملكية خاصّة، وهو الأمر الذي يزعج المواطنين القاطنين بذات العمارة والحي. كثيرا ما تجد قبو العمارة قد استولي عليه من طرف احد الساكنين بالعمارة، ولا يكون بالضرورة ذلك الذي يقطن بالطابق السفلي، ولكن قد يكون أيّ ساكن، خاصّة إن لم يتحدث إليه، او لم يعارضه باقي الجيران، فيجد الحرية المطلقة في أن يحوّل ذلك القبو إلى فضاء خاصّ به، يضع فيه أشياءه الخاصّة، وقد تحدث شجارات بسبب تلك التصرفات ما إن يعترض احدهم على ذلك، وقد تصل الأمور إلى درجة التعارك بالأيدي، بل ويمكن أن تتطوّر الأمور لتصلّ إلى أروقة المحاكم. ولدى زيارتنا لأحد الأحياء السكنية، ودخولنا لأقبيتها رأينا حالات غريبة لأشخص وضعوا كلّ شيء تقريبا فيها، فحوّلوها مرة إلى حديقة، وأخرى إلى سلة مهملات، ومرات إلى مكان لوضع الدراجات النارية والهوائية، واستعملها البعض لوضع صهريج الماء، وأطفال صغار حوّلوها إلى أماكن يلعبون فيها كلّ شيء، من كرة القدم إلى اللعب ب"التروتينات" وأقبية أخرى حولتها بنات صغيرات إلى منازل مصغرة، وكلّ هذا تحت نظر الأولياء الذين لا ينهونهم على أن يتحلوا بقليل من الأدب لعلهم ينفعهم وينفعهم عندما يكبرون. رافقنا إسماعيل إلى الحي الذي يسكن به في بوزريعة، والعمارة التي تحوّلت إلى غابة حقيقية، فمع دخولنا إليها كدنا نضيع بين النباتات التي كانت متفرعة، ويقول لنا إسماعيل عنها: "إنّ صاحبها الذي وضع أصص للزهور والورود، والذي يسكن في الطابق العلوي تركها دون إن يرعاها ولا شيء، وفي البداية قلنا انه سيضع ورودا والورود شيء جميل، لكنّه حول المكان إلى غابة وفوضى عارمة، وتعالوا أريكم عمارة مجاورة، تحولت إلى مراب حقيقي" قال لنا هذا قبل أن يقودنا إلى قبو عمارة أخرى، والذي قال لنا عنه: "هذا حوّله احد الساكنين إلى مراب، حيث يحضر الدراجات الناريّة ويُحاول إصلاحها بالداخل، وقد تحدث معه الجيران مرّات عدّة لكنه لا يفقه شيئا، ولا يحاول أن يصلح من وضعه ومن الأمر شيئا، حتى فكر من يسكنوا هنا بأن يرفعوا دعوى قضائية ضدّه". أمّا المشاكل التي يحدثها الأطفال الصغار هم كذلك بلعبهم، والضجيج الذي يحدثونه، خاصة بالنسبة للذين ألفوا اللعب في قبو العمارة وليس خارجا، وهو الأمر التي تذمرت لنا منه سمية، 33 سنة، تسكن بالطابق السفلي مع زوجها، ولقد عانت كثيرا من هذه الظاهرة، ولم تستطع طرد، او التحكم في هؤلاء الأطفال الذين يزعجونها باستمرار، تقول: "لا ادري كيف يمكن للجار أن يزعج جاره بالطريقة التي يفعلها معي أولياء هؤلاء الأطفال الذين تحدثت معهم كثيرا، ولكن لا يفهمون مما أقوله لهم شيئا، كأنهم يبعثون بهم عمدا لإزعاجي، لكن الوقاحة وقلة الأدب عندما تبلغ مبلغها بالأشخاص لا يمكن أن نلومهم عليها".