يستنجد مستثمرون فلاحيون بقرية ذراع خليفة بسيدي نعمان بالسلطات العليا في قطاع الفلاحة من أجل منع ارتكاب جريمة في حق الطبيعة وحق الفلاحين معا، على خلفية إقدام رئيس المجلس الشعبي البلدي لسيدي نعمان على قلع مئات الأشجار المثمرة والمغروسة في أرض زراعية خصبة تتجاوز مساحتها 20 هكتارا، حيث استثمرها بعض الفلاحين بإذن من السلطات المحلية وكذا الفلاحية في الفترة التي عرفت فيها بلدية سيدي نعمان أوضاعا أمنية مضطربة. وكان المستثمر »ر. برحال« من رجال الدفاع الذاتي المهددين بالقتل من طرف الجماعات الإرهابية، وحفاظا على حياته وحماية القرية لم يغادرها لعدة سنوات، حيث اهتم بخدمة هذه الأرض التي كانت بورا بعدما استفاد من إعانات في إطار الدعم الفلاحي، وحول هذه الأرض إلى مزرعة تنتج العديد من الخضر والفواكه وحققت نوعا من الاكتفاء الذاتي للقرية وتلك التي تجاورها، ووفرت فرص شغل موسمية للشباب على مستواها، وبعد أن بدأ الجهد يأتي بثماره وجادت الأرض بما عليها تفاجأت القرية بأكملها حتى لا نقول الفلاح بمفرده، بقرار السلطات المحلية المتضمن ضرورة قلع وإزاحة كل ما غرس على تلك الأرض وذلك من أجل تنمية البلدية وتطويرها وتعويض هذه المساحات الفلاحية التي تعد من أجود الأراضي الزراعية على مستوى الولاية بأطنان من الإسمنت المسلح وتجسيد مشروع طالما حلمت به المنطقة والمتمثل كمرحلة أولية في إنجاز 168 وحدة سكنية اجتماعية، في انتظار تمديده في السنوات أو»العهدة القادمة« إلى أكثر من ذلك، هذه السكنات اختيرت لها هذه المستثمرة الفلاحية رغم توفر العقار في مناطق أخرى حسب شهادات السكان. ومع إصرار السلطات المحلية على استعادة الأرض الزراعية ضاغطة على الفلاحين بالوثائق القانونية، استنجد هؤلاء بوالي تيزي وزو طالبين تدخله العاجل للفصل في قضية قطع مئات الأشجار المثمرة، التي تمثل مصدر رزق السكان وعيشهم، ونظرا لحساسية القضية وخطورتها في آن واحد أوفد السيد »حسين معزوز« والي تيزي وزو لجنة مختصة للبحث في الأمر، وكانت اللجنة مرفقة بكل من رئيس دائرة ذراع بن خدة، ومدير الفلاحة لولاية تيزي وزو هذا الأخير الذي استنكر العملية والفعل الذي ستقدم عليه السلطات المحلية، مؤكدا حسب شهادات وتصريحات الفلاحين »لأخبار اليوم« أن قلع وإنهاء عمر هذه الأشجار التي يبلغ بعضها الثلاثين عاما يعد جريمة في حق الطبيعة وقطاع الفلاحة، مستنكرا السماح لزحف الإسمنت نحو 20 هكتارا من الأراضي الخصبة، خاصة وكما هو معروف أن المساحات الزراعية قليلة جدا على مستوى ولاية تيزي وزو التي يطغى عليها الطابع الجبلي بنسبة 80بالمائة، إضافة إلى أن العديد من الأراضي الفلاحية توسعت على حسابها المناطق الحضرية على غرار المدينةالجديدة بتيزي وزو والمدينةالجديدة المبرمجة بقرية »وادي فالي« هذه المدن التي كانت في السابق عبارة عن أراض فلاحية واسعة، وأفاد تقرير اللجنة الموفدة أن الأراضي التي ستستعيدها السلطات المحلية لبلدية سيدي نعمان هي أراض غير صالحة للبناء وتدميرها يعد خسارة كبيرة لقطاع الفلاحة، إلا أن كسب البلدية للقضية على مستوى المحكمة كون الأراضي ملكية عمومية يستغلها المواطنون بموافقة السلطات حال دون توقيف مشروع السلطات. الفلاحون يفضلون »الموت« على التنازل عن أراضيهم! ذكر سكان قرية ذراع خليفة التي تعد من أكبر القرى بالبلدية، لدى تنقلنا للمنطقة، أن انتزاع الأراضي منهم وحرمانهم من ممارسة الزراعة يعد وأدا لحياتهم، مؤكدين أن الفلاحة هي مصدر رزقهم ولا يجيدون شيئا آخر غيرها، حيث توقفت حياتهم عليها منذ الأزل، وتغير النمط المعيشي بالمنطقة أمر مستحيل. مؤكدين رفضهم القاطع لتحويل القرية التي صمدت في وجه الإرهاب لعدة سنوات إلى منطقة حضرية والقضاء على طابعها الفلاحي، متسائلين عن الخلفيات التي دفعت »المير« للإصرار على تدمير هذه الأراضي رغم توفر العقار الذي من شأنه احتضان مدينة جديدة بأكملها وليس سكنات اجتماعية فقط، في الوقت الذي يطالب فيه السلطات المعنية بقطاع الفلاحة أن تضمن تسهيلات خاصة تتماشى وخصوصية المنطقة التي لا تزال على وقع صدمة سنوات الجمر ومساعدة أهلها في الحصول على إعانات ودعم مالي في قطاع الفلاحة، كون بلدية سيدي نعمان تتميز بطابع فلاحي ومؤهلات طبيعية تسمح لها بتوفير العديد من المنتوجات الفلاحية للأسواق المحلية ومن شأنها تحقيق الاكتفاء الذاتي بالبلدية في العديد من المنتجات. أكد الفلاحون المتضررون من قرار البلدية أن المشروع المزمع إنجازه على مصادر رزقهم وعيشهم لن يكون إلا على أجسادهم، وأفاد هؤلاء أنهم سيطرقون جميع الأبواب الممكنة للحفاظ على هذه الثروة التي لا تفنى بفنائهم لكن مسؤولية استمراريتها ملقاة على عاتقهم، وأضاف محدثونا أنهم ليسوا ضد فكرة وعملية تهيئة البلدية وتطويرها وتوسيع السكنات على مستواها، لكنهم لن يتنازلوا عن أراضيهم لتجسيد هذه المشاريع، مشيرين إلى ضرورة مراجعة المخطط العمراني والالتزام بالقانون المتعلق بتوجيه أراض فلاحية لقطاع السكن.