الزوجان في رمضان هذه أيام الأرباح لكل زوجين، فهي فرصتهما؛ لأنهما الوحيدان على التعاون اليومي في الاغتراف من هذه الغنيمة، فمن لم يربح في هذا الشهر فمتى يربح؟! يقول النبي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به). فما أروع أن يقدم الزوجان الصيام على شهوتهما؛ احتسابًا لما عند الله من أجر، فقد اختص الله الصيام من بين أعمال يتضاعف أجرها إلى سبعمائة ألف، فما بالك بالقيمة الأجرية للصيام الذي اختصه الله لنفسه، فهو سر لا يكتشفه أحد؛ ليتدرب الزوجان على الالتقاء حول الحق، فيتحقق بينهما التفاهم والتقارب والتكامل الحقيقي في مسيرة الحياة. وما أحسن أن يتدرب الزوجان على الصبر في هذا الشهر، ليكون ذلك دربهما طوال العام، فيلتقيان على الطاعة بالصبر على أداء الفريضة، ويتحدان على مواجهة الأزمات من صبرهما على ألم الجوع والضعف والعطش، ويمتزجان على الانتصار على المعاصي بالصبر عن كل محرم، كما تدربا عليه في البعد عن الرفث والفسوق والسباب والهجر. وما أجمل الزوجين وهما في حفلٍ أجمل من حفل الزواج! إنه حفل الأجور من رب العالمين، من تطوع فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، وخصال الخير كثيرة، وميدانها الأول بين الزوجين، في التقدير والاحترام والحماية والرعاية والخدمة والمودة. وما أسعد الزوجين وهما يسبحان معًا في حب الله، ليتعلما كيف يدوم حبهما، ويستمر انسجامهما، فلذة الزوجين في رضا الله، وإن خالف هواهما، ولولا هذا الشهر ما تدرب الزوجان على ذلك، فقد أتت فرصة العمر في التدرب على ترك شهوة النفس، مثل الغضب والعصبية والتشاحن والهجر والعكننة، وقد حانت لحظة الحب الحقيقية لله تعالى في الابتعاد عما يكرهه الله من الكسب الحرام والرشوة والظلم والغش والربا، فكل ذلك كفيل بنسف أسس السعادة الزوجية والأسرية. - لقاء الفرحة اليومي {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58]، وهذا فضل الله ورحمته على كل زوجين في رمضان، أن جعل الله لقاء الإفطار مع الزوجة والأسرة لقاءً للفرحة يوميًّا، فهو تدريب على ممارسة سلوك الفرحة طوال العام، فيتعلم الزوجان التعبير عن فرحتهما معًا، بكل الوسائل، سواء المادية أو المعنوية، من الزينات والطعام والشراب والفكاهات والحب والعواطف، ووداعًا للحظات النكد وأوقات التوتر والانفجارات. في هذا اللقاء اليومي يتذكر الزوجان أنهما (زوجان في الجنة): والداعي إلى الجنة هو الله تعالى، فكما أبلغنا حبيب قلوبنا النبي: (إن في الجنة بابًا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون لا يدخل منه غيرهم). فهنيئًا لكل زوجين حبيبين، يدخلان وأيديهما متشابكة، والحب يسري بلمسة اليدين، ويسبقهما شوق إلى لقاء الحبيب، فمن لقاء الفرحة اليومي تهيج الأماني الغاليات، فأماكن الحجز من الآن، والمكان عند باب الريان، فعلامَ الافتراق في الدنيا؟! ولم الأحزان تأكل من الزوجين أجمل أيامهما؟!