تتجه الكثير من الفتيات المخطوبات أو اللواتي هن على وشك الزواج، إلى اختصار الوقت والتكاليف، وذلك بإقامة حفل خطوبة، يشتمل على كافة مظاهر حفل الزفاف، بإقامته في قاعة من قاعات الحفلات ودعوة الأقارب والأحباب والأصدقاء، وتوزيع الحلويات والمشروبات، وحتى إعداد وجبة »العشاء«، بالإضافة إلى التصديرة وارتداء الفستان الأبيض في بعض الأحيان، فتحس أنك في عرس لا في حفل خطوبة، وفاتحة، خاصة وأن العروس لن تتنقل إلى بيت الزوجية في اليوم الموالي ولا في الأسبوع الموالي، ولا حتى بعد شهر أو شهرين، وإنما إلى أجل غير مسمى، أي إلى حين انتهاء ترتيبات الطرف الآخر، سواء استدعى ذلك انتظارها لأشهر أخرى أو لعام أو عامين، وأحيانا أكثر وأحيانا أخرى أقل، ما يجعل الناس مستغربين ومستهجنين هذه العادة الدخيلة على العادات والتقاليد المتعلقة بالزواج في الجزائر. هي الظاهرة التي انتشرت بشكل ملفت للانتباه في مجتمعنا خلال السنوات القليلة الماضية، حيث أقامت الكثيرات حفل زفاف »أسطوري«، ولكن بعد انتهائه، لا تتجه إلى بيت زوجها مثلما هو متعارف عليه، وإنما تعود إلى بيت والدها بانتظار أن يتم زوجها أو خطيبها بقية تحضيراته وترتيباته، وعلى الرغم من أن البعض قد استغرب كثيرا هذه التصرفات، إلا أن أصحابها يعتبرون الأمر اختصارا للوقت وللتكاليف، وضرب عصفورين بحجر واحد. وفي هذا الإطار تقول إحدى السيدات إنها خطبت لابنها فتاة قبل عامين، من مدينة بسكرة وقد اتجهوا إلى هناك لأجل إقامة حفل الخطوبة، غير أن العروس وأهلها فاجئوهم بإقامة حفل زفاف كامل، ظهر جليا من خلال الملابس الكثيرة التي ارتدتها العروس أو ما تعرف محليا بال»التصديرة« أنهتها بارتداء الفستان الأبيض، ورغم أنهم لم يفهموا شيئا إلا أن أهل العروس برروا الأمر بأنهم لا يرغبون في تبذير الكثير من الأموال في إقامة حفل خطوبة وبعده حفل زفاف، ودعوة معارفهم وأقاربهم مرتين، وما يترتب عن ذلك من تكاليف كبيرة، ولذلك فضلوا جمع الحفلين في حفل واحد، حتى لا يتبقى بعد ذلك إلا انتظار العريس ليأتي ويأخذ عروسه، وأضافت السيدة أنه مرَّ على حفل الخطوبة والزفاف حوالي سنتين والعروس ستدخل بيتها الزوجي في شهر جويلية المقبل. فتاة أخرى كشفت أنها بصدد التحضير لحفل زفافها وزفاف أخيها في يوم واحد وذلك منتصف شهر جويلية، رغم أنها لن تتجه إلى بيت زوجها إلا بعد شهر رمضان المعظم، هذا إن أنهى خطيبها تجهيز البيت وإتمام كافة التحضيرات، وعن السبب في ذلك قالت إن أهلها فضلوا إقامة عرس واحد لها ولشقيقها بغية إنقاص التكاليف لاسيما وأنه لن يفصل بينهما إلا أشهرا قليلة. من جهة أخرى، نجد أن كثيرات ممن يلجأن إلى هذا الأسلوب هن من الفتيات اللواتي تتم خطبتهن خارج الوطن، حيث ينتهزن فرصة نزول عرسانهن لإقامة العرس بكافة تحضيراته، والانتظار بعد ذلك إلى حين إتمام أوراقهن ووثائق إقامتهن في البلدان التي سيتزوجن فيها، وهن كثيرات، خصوصا وأن تحضير هذه الوثائق غالبا ما يتطلب فترات زمنية تختلف مدتها من بلد إلى آخر، كما أنها قد تعرف بعض التأخيرات، لذلك لا يتبقى أمام العروس إلى حزم أمتعتها وتوديع أفراد أسرتها، بعد أن تكون قد أقامت عرسها بالكامل. الغريب هو أن بعض هؤلاء _ سواء تعلق الأمر بالفتيات أو بأهلهن- لا يخشون المستقبل، ولا الأحداث التي قد تحصل، أو إمكانية حصول سوء تفاهم ينسف بالعلاقة كلية، مبررهم في ذلك وجود العقد الشرعي والمدني، رغم بقاء العروس في بيت أهلها، وسماع كافة الناس بأنها قد »تزوجت«؟ والأكثر من ذلك أنهم قد حضروا عرسها، ما قد يترتب عنه نتائج وخيمة وخطيرة للغاية، في حالة فسخ العقد وإلغاء مشروع الزواج من أساسه، وإن كانت القاعدة الشرعية تقول إن »خير البر عاجله« فإن الأمر لا يعني هذه العجلة التي قد تورث الندامة.