تمر المنظومة التربوية بمرحلة حرجة وصعبة للغاية كونها تتواجد حاليا في منعطف الطرقات لا أحد يدري إلى أين يسير قطاع التربية وأي اتجاه يسير وفقه نظرا للمعطيات الميدانية التي تتحكم فيها ونظرا للعوامل الدخيلة التي فرضت نفسها على أرض الواقع ضف إلى ذلك غياب إستراتيجية واضحة المعالم حول الشخصية التي تحاول بناءها في الفرد الجزائري والسنوات الماضية التي مرت في عمر هذه المنظومة والتي حققت القليل من النتائج التي كانت مستهدفة غير أن العديد من الصعوبات منها الإيديولوجية والثقافية والاجتماعية أثرت بقوة على طبيعة المنهج المراد تطبيقه للخروج برؤية مستقبلية ترمي إلى بناء الذات الجزائري وفق المقومات التاريخية والحضارية العريقة التي تأسست على مدى قرون من العطاء والتشكيل فجميع الإصلاحات التي جسدت على المنظومة التربوية أحدثت تغييرات كبيرة في عمق هذه المنظومة وحاولت بقدر الإمكان الاحتفاظ بالجوهر الذي يرتكز على مقومات الشخصية الوطنية الهادفة إلى بناء فرد مستقيم متشبع بالقيم الحضارية الوطنية ومتمسك بأواصر ثورة نوفمبر الخالدة فأمرية 76 التي سيّرت المنظمة لأكثر من عقدين من الزمن والقانون التوجهي 04 /08 الذي أصدر في هذا المجال عززّ نوعا ما العلاقة التربوية ودعم المنهج البيداغوجي وحاول أن يعالج بعض النقائص التي ما تزال تتحكم في بعض الجوانب لهذا القطاع إن عملية الإصلاح في حاجة إلى خبراء وذوي الاختصاص ويجب للكفاءة العلمية أن تحتل مكانها الأصلي في صلب هذا الإصلاح وإلا فإن كل ما يحدث من تجديدات أو تحديثات فإن تكون أغلبها ارتجالية مما هي ناجعة فلعل أهل القطاع يدركون تمام الإدراك أن المنظومة لم تتغير في العمق منذ سنوات الاستقلال بل بالعكس تراجعت كثيرا في الجوهر شهدت تغييرات في الشكل ليس إلا إن الأمر يقتضي الاستثمار في مختلف الكفاءات العلمية حتى نصنع رجالا مكوّنين يتوّلون عمليات التكوين لمختلف إطارات وموظفي القطاع وذلك لمعالجة الرداءة التي تتحكم في دواليب إدارة القطاع في مختلف مستوياتها حيث أن أغلبيتهم من المسيرين لا يملكون شيئا من المعارف الإدارية وهم بحاجة إلى تغيير كونهم يفتقدون إلى المؤهل العلمي فجل التعيينات وطرق التوظيف كانت أكثرها ترتكز على الولاء أكثر من الكفاءة والأهلية للمنصب فهذا التوجه الذي يجسد الرداءة الحقيقية يجب أين يعالج بأي طريقة كانت كما أن مكافأة سلك النقابة بمناصب عليا إدارية أو تربوية هو خطأ جسيم كرّس الرداءة بعينها وأثّر سلبا على النجاعة في التسيير حتى وإن كان القرار المتخذ في السنوات الماضية بحجة إسكات الطبقة الشغيلة إلا أن نتائجه السلبية كانت كارثية وهي التي تسببت في تقهقر القطاع بشكل كبير جدا إن الإصلاح يجب أن يشمل كل الجوانب الإدارية والتسيرية وحتى في إعادة النظر في تنظيم الموارد البشرية وذلك الاعتماد الجوهري على الاستثمار في العنصر البشري الذي يحمل الكفاءة والمؤهلات العلمية الضرورية الملائمة لقطاع حساس واستراتيجي ودون ذلك لا يمكن الحديث أو حتى الإشارة إلى مفهوم الإصلاح بجميع دلالاته تلك هي الحقيقة التي تحيط بالقطاع وما نحصده اليوم من تراجع فذاك أمرا مرتقبا ويعرفه العارفون ولاشك أن الإصلاح هو إصلاح الفرد قبل كل شيء.