حرب مواقع تندلع بين الأفارقة والسوريين للظفر بالصدقات تسول متعدد الجنسيات في شوارع الجزائر تشهد ظاهرة التسول انتشارا كبيرا عبر العديد من شوارع العاصمة التي باتت تجمع متسولين من جنسيات مختلفة (جزائريون لاجئون سوريون ونازحين أفارقة...) كلهم يمتهنون التسول كطريق سهل لجمع المال بطريقة لا تكلف عناء أو مشقة نجدهم أمام أبواب المساجد والمقابر والمطاعم والمقاهي والأسواق التجارية في الحافلات ومحطات القطار داخل الترامواي ومحطات البنزين وفي كل مكان حتى تحوّلت الظاهرة إلى واقع نعيشه بشكل يومي ونرضخ له. كنزة بوشطب التسول من الظواهر الأكثر شيوعا وتعقيدا في الجزائر وتنوعت الأساليب بين الانتهازية والاحتيال ودون هذا وذاك أصبحنا نشاهد متسولين من جنسيات مختلفة عبر شوارع الجزائر. قوالب عديدة للمتسولين الجزائريين يقوم المتسولون (الجزائريون) باستعمال كل الوسائل والطرق قصد جمع أكبر قدر من المال قد تجد أحدهم يتسول بحجة مرضه وفي يده ورقة يدعي بأنها تقرير طبي بحالته المرضية ولو دققت فيها لوجدتها ورقة مصورة من مراجعة طبية عادية أو ورقة لصرف الأدوية أو يوهمون الناس بصور الأشعة وبأنهم بحاجة إلى عملية جراحية والبعض يحضر الأطفال من صغار السن يحملهم على كتفه ليوهم الناس أن لديه أسرة كبيرة وأنهم في حاجة إلى الأكل واللباس والسكن وغيرها وأنه لا يجد مورد لذلك وهناك من يتسول داخل المساجد بسرد بعض القصص التي تعصر القلوب حسرة وتجعل الناس يدفعون ما لديهم من أموال وهذه الأساليب كلها أساليب مكر وخديعة. وبات من المعروف أن هناك من يقومون باستئجار أطفال وأشخاص معاقين بالاتفاق معهم وإعطائهم نسبة مما يجمعونه خلال اليوم. صورة أخرى من التسول تكون على شكل زيارات للمنازل يقوم فيها المتسول بدق الباب ليعرض حاجاته ويطلب العون والمساعدة لكن في معظم الأحيان تكون هناك حالات سرقة وتعد على أصحاب المنازل. أما بخصوص طريقة التسول أمام أو داخل المقابر فتتم عن طريق جلب شخص يحمل عاهة مرضية والأكثر طلبا في لائحة التسول هم من يملكون موهبة نادرة كشخص مقعد أو ضرير أو من يجيدون التظاهر مثلا بالشلل أو الارتعاش الصناعي بحيث يجفل فمه مخرجا لعابا يشبه رغوة الصابون... والمطاعم أيضا أضحت قبلة المتسولين بحيث قد تصادف متسولا يطلب منك مبلغا من المال للحصول على وجبة غذاء لأنه لا يملك ثمنها وحين تدعوه لمشاركتك في الغذاء أو لتشتري له ما يريده يرفض الانضمام إليك في المطعم أو المتجر ويطلب بدلا من الأكل مبلغا من المال وحين لا يحصل على مبتغاه يتركك ويسير ليحاول مع غيرك من المارة. آخر الإبداعات في عالم التسول في الوقت الحالي أصبح التسول يتخذ قوالب جديدة فبعض النسوة المتسولات نجدهن يحملن في أيديهن (دمى من بلاستيك) حيث تقوم المتسولة بلفها في بطانية لكي لا يظهر وجه الرضيع وتوهم الناس بأنها مطلقة وليس باستطاعتها توفير الحليب والحفاظات وهذا قصد استعطاف الناس وتحريك مشاعرهم لجمع أكبر قدر ممكن من المال. أو أن يأتي إليك شاب بملابس أنيقة ورائحة عطرة فواحة يخاطبك بكل أدب ويدعي أنه آت من ولاية أخرى لإتمام مهمة ما وانقطعت به السبل أي أنه (عابر سبيل) ويريد فقط (حق البنزين أو الغداء أو أي شيء آخر... أو أن يقوم بإيهام الناس أنه أضاع محفظة نقوده ويريد فقط ثمن المواصلات فيطلب منك مبلغا محددا ولا يرضى ببعض الدنانير التي تقوم بإعطائه إيَاها. تسول متعدد الجنسيات ومع قدوم اللاجئين السوريين الذين اتخذوا من القطارات والترامواي مكانا للتسول وطلب الصدقات مرددين عبارات: (عائلة سورية بحاجة إلى مساعدتكم نحن لسنا بشحاتين ولكن ظروف الحرب هي التي أجبرتنا للجوء ونقصد بلدكم الجزائر بلد المليون ونصف شهيد البلد المعروف بكرمه لا تخيبوا أملنا يا إخواننا لا تتركونا ارحموا إخوانكم السوريين يرحمكم من في السماء) ومنهم من يبيع كتب حصن المسلم وكتب الأدعية والمناديل الورقية بأثمان زهيدة أمام ازدحام السيارات وإشارات المرور بدلا من التسول وهذا تحت أشعة الشمس الحارقة منهم من يحمل لافتات وشعارات مكتوب عليها :(عائلة سورية بحاجة إلى مساعدة) قصد البحث عن لقمة عيش أو صدقة تسد رمقهم. أما بالنسبة للنازحين الأفارقة الذين تم إجلاؤهم إلى بلدانهم الأصلية إلا أنهم عادوا بصفة تدريجبة إلى أغلب النواحي البعض منهم يفترش الأرض رفقة أطفاله ونجدهم في الطرقات وأزقة الشوارع (كالشراقة عين البنيان ساحة الشهداء وجميع شوارع العاصمة...) فهم يضعون إناء أو صحنا أمامهم أو يجوبون الحافلات قصد جمع نقود المحسنين مستعملين كل الوسائل والطرق لجمع المال منهم من شكل جماعات وفرق في الشوارع لاحتراف مهنة التسول قد يشد انتباهك أنهم ينشرون ملابسهم على أشجار الأرصفة العمومية تاركين ديكور القمامات وغيرها من الأشياء... التي خلفوها وراءهم والتي أصبحت تشوه منظر الشوارع الجزائرية. الشوارع الجزائرية باتت تشهد حرب مواقع بين هؤلاء المتسولين سواء الجزائريين الذين ندبوا حظهم من انحراف الصدقات إلى غيرهم من الأفارقة أو السوريين حتى أننا بتنا نشاهد مشاجرات بين المتسولين الأفارقة أنفسهم حول أماكن التسول مما أدى إلى تشويه المنظر العام للشوارع كما أن الأمر يؤثر على الاقتصاد والاستثمار في ميدان السياحة بسبب نفور السياح من تواجد المتسولين. وتجدر الإشارة أن القانون الجزائري يتضمن أحكاما ردعية في مجال مكافحة التسول قصد محاربة شبكات التسوّل إلا أن التطبيق يغيب وللأسف. الشريعة تحرّم التسول عن غير المحتاج التسول ظاهرة قبيحة تسيء إلى سمعة المجتمع وتجعل المتسول يظهر بصورة المحتاج والذليل وقد نهى النبي صل الله عليه وسلم أن يُذلّ المؤمن نفسه قال عليه الصلاة والسلام: (لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ) أخرجه الترمذي. وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من هذه المهنة ونفّر منها لأن صاحبها يفقد كرامته في الدنيا ويسيء إلى آخرته لما روى البخاري ومسلم أن النبي صل الله عليه وسلم قال: (مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْم ). وحرص الإسلام على حفظ كرامة الإنسان وصون نفسه عن الابتذال والتعرض للإهانة والوقوف بمواقف الذل والهوان فحذّر من التعرض للتسول الذي يتنافى مع الكرامة الإنسانية التي خصها الله تعالى للإنسان قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) فالمحترف لهذه المهنة القبيحة يأكل أموال الناس بالباطل ويُطعم أبناءه سُحتاً أي: مالاً حراماً. هذه الظاهرة أصبحت اليوم قائمة على الغش والخداع والتدليس بعد غياب الضمير عن المتسولين الانتهازيين لتصبح من أشد الظواهر المجتمعية سلبية ولم تعد منحصرة في مكان أو زاوية بل تشعبت وترامت أطرافها.