يفرغ على رؤوس صغار العائلة التراز الحاضر الأول في يناير دأبت العائلات الجزائرية على اقتناء (التراز) في المناسبات الدينية وإن قلنا (يناير) فيعني الحضور الإجباري لذلك الخليط من الحلويات التي استعملته جداتنا في المناسبات منذ أمد بعيد وتستقبل الجزائر اليوم السنة الأمازيغية الجديدة 2966 وبذلك تحضر الأمهات لإحياء هذه المناسبة التي تكون لليلتين على التوالي كما جرت عليه العادة بحيث يكون العشاء الذي يتصدره الطبق التقليدي في ليلة 11 جانفي أما في ليلة 12 جانفي فيكون إلى جانب العشاء حضور (التراز) وهناك من العائلات من تحبذ توزيع التراز على الأطفال في ليلة 11 يناير فكل عائلة وطقوسها في الاحتفال. التراز هو خليط من الحلويات والمكسرات فنجد فيه الشكولاطة والجوز واللوز والتمر والبندق والفستق وغيرها من الأشياء اللذيذة التي تتلاءم والمناسبات السعيدة المتتالية التي تعيشها الأسر الجزائرية بحيث اصطف التراز عبر طاولات البيع في كل من ساحة الشهداء وسوق الساعات الثلاث بباب الوادي وعرف إقبالا من طرف النسوة وتراوح سعره بين 450 و500 دينار للكيلوغرام الواحد انتهزنا الفرصة واقتربنا من بعض النسوة اللواتي كن يقتنين التراز لمعرفة أسرار الحضور الإجباري للتراز لاسيما في المناسبات وعلى رأسها (يناير) أو (العجوزة) كما يحلو للبعض تسميتها قالت الحاجة نورية إنها تعكف في كل مرة على اقتناء التراز لأحفادها وحفيداتها وبما أننا نعيش مناسبة يناير لم تتأخر في المسارعة إلى اقتنائه ليظفر ابن ابنها في هذه المرة بحصة الأسد كونه الأصغر في العائلة ويبلغ من العمر عام وشهر وعن كيفية تلك العادة قالت إنها تجلب قصعة وتضع فيها حفيدها ومن جانب آخر تحضر التراز في طبق وتقوم بإفراغ ذلك التراز على رأسه تيمنا بالفأل الحسن وحياته الحلوة والطويلة في وسط العائلة وبعدها يتم إخراج الصبي وأقوم بتوزيع التراز على كل الأفراد صغارا وكبار فالتراز غير مقتصر على الصغار فقط. سيدة أخرى قالت إن العادة هي جميلة وضاربة في الأعماق إلا أن الأسعار هي ملتهبة وقد وصل في بعض الطاولات إلى 600 دينار جزائري ويبرر الباعة بأن الحلويات هي مستوردة وأنه مملوء بالجوز الذي وصل سعره إلى 1600 دينار للكيلوغرام الواحد وفضلت محدثتنا اقتناء كل شيء بالغرامات وصنع التراز بنفسها ورأت أن ذلك سيكون أقل ثمنا من السعر الباهظ الذي يفرضه الباعة وأخبرتنا أنها اقتنت التمر والفول السوداني والجوز واللوز إلى جانب بعض أنواع الحلويات والشكولاطة وسوف تخلطها في المنزل ليكون التراز وفق اختيارها وحسب متطلبات العائلة من أجل استعماله في المناسبة السعيدة (يناير) التي لا تفوت الاحتفال بها عن طريق تحضير أكلة تقليدية وإشعال المسك وتوزيع التراز على أفراد العائلة في سهرة ممتعة جدا. هذا وتبقى تلك العادات ضاربة في الأعماق بعد توارثها جيلا بعد جيل وتمسك أغلب العائلات بتلك الأجواء البهيجة التي تقوي أواصر المحبة في الأسرة الواحدة.