لَا يكاد يختلف أحد على أنه إذا لم تحدث مفاجآت فإن شخصيَّة سلفاكير -نائب الرئيس السوداني حتى الآن- سوف تبرزُ خلال عام 2011 كرئيس للدولة الجديدة التي ستقوم رسميًّا في جنوب السودان بعد أيام، حيث تولى كير "60 سنة" زعامة التنظيم العنصري الذي يتستَّر خلف عباءة الدين المسيحي المعروف باسم "الحركة الشعبيَّة لتحرير السودان" بعد وفاة زعيمه السابق جون غارانغ. وكير ضابط المخابرات السابق الذي شارك في قيادة الحركة منذ سنواتها الأولى، البعض يجري مقارناتٍ عديدة بينه وبين سلفِه الراحل غارانغ، فيعتبرون أن غارانغ كان يفضّل خيار الوحدة مع الشمال بينما لم يخفِ كير تأييده للانفصال منذ أيامه الأولى في زعامة الحركة، وهذا التأييد زاد بشكلٍ سافر في الأيام الأخيرة بتصريحاتٍ تدعو إلى الانفصال مثل تحذيره للجنوبيين من أنهم سيكونون "مواطنين من الدرجة الثانية في السودان الموحَّد". وهناك اعترافه بالعلاقات التي تربط الحركة بإسرائيل وعدم استبعاد قيام علاقات دبلوماسيَّة بين الكيان المرتقب وإسرائيل، وقد أثارت هذه التصريحات ضجَّة واسعة في العالم العربي رغم أنه ليس أول من تحدث عن ذلك من قادة الحركة. والأمر في النهاية مؤامرة من الغرب لتقسيم السودان وليس غارانغ أو كير أو غيرهما أكثر من أدوات فيها، تمامًا كما يحدث مع البعض الذين قبلوا أن يتولَّوا مناصب قياديَّة شكليَّة في الحركة لإخفاء وجهها المتعصِّب القبيح. عمومًا سوف يصبح على كير -الذي يوصف بالرجل الغامض- الوفاء بوعوده العديدة لأبناء الجنوب، والتي جعلت البعض منهم يعتقد أن الرخاء سوف ينهال عليهم من كلِّ جانبٍ بمجرد أن يصير جنوبهم دولة مستقلَّة، هذا رغم أن الجنوب لم يشهدْ تنمية تُذكر منذ توقيع اتفاق نيفاشا عام 2005 ورغم العوائد البتروليَّة التي تدفَّقَت على خزائن الحركة، فقد ذهبت تلك العوائد إلى شراء أسلحة استعدادًا لحرب ستقوم مع الشمال وإلى حسابات قادة الحركة في البنوك، وهذا الأمر نُشر في صحافة الغرب الذي رعى هؤلاء المتمردين منذ بداية تمرُّدِهم. وسوف يجد الجنوبيون أنفسهم في وضع شبيه بوضع تيمور الشرقيَّة التي انهالت الوعود بالرخاء على شعبها قبل الانفصال عن إندونيسيا، وبعد 8 سنوات من الانفصال لا يزال الشعب يعاني الفقر، وكل الدول التي وعدت بمساعدة تيمور الشرقيَّة تراجعت عن وعودها وربطت المساعدات بشهادة بسلامة اقتصاد تلك الدولة من صندوق النقد الدولي، وهذه الشهادة لن تصدرَ إلا بعد اتّباع برامج إصلاح قاسية تزيد من آلام الفقراء في دولة تسبح فوق بحورٍ من البترول. وعلى كير أن يجد حلًّا للحرب التي تشتدُّ في أعالي النيل بين الجيش الشعبي واللواء جورج آطور، لدرجة امتلأ معها مستشفى ملكال بالجرحى والمصابين الذين نُقل بعضهم إلى جوبا، فضلًا عن تمرُّد القائد ديفيد ياو ياو في جونغلي، وهناك فصائل أخرى بدأت في ترتيب أوراقها استعدادًا لمواجهات ما بعد الانفصال. * سوف يجد الجنوبيون أنفسهم في وضع شبيه بوضع تيمور الشرقيَّة التي انهالت الوعود بالرخاء على شعبها قبل الانفصال عن إندونيسيا، وبعد 8 سنوات من الانفصال لا يزال الشعب يعاني الفقر، وكل الدول التي وعدت بمساعدة تيمور الشرقيَّة تراجعت عن وعودها وربطت المساعدات بشهادة بسلامة اقتصاد تلك الدولة من صندوق النقد الدولي، وهذه الشهادة لن تصدرَ إلا بعد اتّباع برامج إصلاح قاسية تزيد من آلام الفقراء في دولة تسبح فوق بحورٍ من البترول.