انتشرت في الآونة الأخيرة موجة خطيرة من المصطلحات ذات الصبغة الدينية خصوصاً في الفضائيات الدعوية ووسائل الإعلام المختلفة وعلى المنابر، فنجد ترديداً لمصطلح «سُنة» و «سلف صالح» و «جماعة» و«رافضة» و «متصوفة»، وغيرها من المصطلحات، والتي يؤدي انتشارها إلى تهديد استقرار المجتمعات الإسلامية وتخريب وحدتها وإشاعة الفتن بين شعوبها لما تتضمنه من محاولة تفريغ الدين من مضمونه ورفض الآخر وتفسيقه. يقول الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية، إن الأمة الإسلامية ابتليت بانتشار مناهج التكفير وتيارات التبديع والتفسيق والتضليل التي تنشر الفتن والنزاع بين الناس. وحذر من الانتماء إلى الفرق التي تدعي أنها الوحيدة التي تسير على نهج السلف الصالح وعلى الطريق المستقيم، وترمي كل من يخالفها بالعمالة والكفر والزندقة، وتصف العلماء بالابتداع وتتهجم على عقيدة المؤسسات الدعوية والحوزات العلمية وعلمائها بالباطل. توحيد كلمة المسلمين وقال جمعة إنه يجب على العاملين في حقل الدعوة أن يعملوا على توحيد كلمة المسلمين، وأن لا يسعوا بينهم بالفرقة والنزاع والخصام، مضيفاً أن الله تعالى أمرنا أن نعتصم جميعاً بحبله المتين وألا نتفرق في الدين، يقول تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا» 103 آل عمران، ويقول سبحانه: «وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين» 46 الأنفال. وأمرنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بكل ما يؤدي إلى الوحدة، حتى جعل التبسم في وجه الأخ صدقة. ويؤكد أن أبناء الأمة خاصة الشباب مطالبون بأن ينأوا بأنفسهم عن مناهج التكفير وتيارات التبديع والتفسيق والتضليل التي انتشرت بين المتعالمين في هذا الزمان، وأن يلتزموا بحسن الأدب مع الأكابر من علماء الأمة وصالحيها، مضيفاً أن أي جماعة تتخذ من اسم «السلف الصالح» ستاراً لتفرقة المسلمين وسبباً للشقاق والنزاع تكون قد لبست الحق بالباطل، ويقول الله تعالى: «ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون» 42 البقرة. إثارة الفتن وقال الدكتور أحمد محمُود كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن كثيراً من الفضائيات تحفل بخطاباتٍ دينية ودعوية ترفع مفاهيم وشعارات ذات توجهات سياسية تثير الفتنة الطائفية والمذهبية في العالم العربي والإسلامي وتعتدي على صحيح الدين، موضحاً أن الإعلام الديني جزء أصيل من الدعوة الراشدة إذا تحققت شروطه وسلمت مقاصده أما إذا فقدت شروطه كلها أو بعضها أو حاد عن مقاصده، فمن الخطأ الفاضح والفادح نسبته إلى الدعوة الدينية. وقال إن الدين منهجٌ سماوي لتنظيم الحياة لإشاعة الأمن والأمان والسلم والسلام، ولتحقيق السعادة والهناء لأكرم مخلوقات الله عز وجل الذي قال في محكم آياته: «ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا» 70 الإسراء، والأصل في الإسلام زمالة الشرائع المنسوبة إلى السماء، ويقول الله تعالى: «قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون» 136 البقرة. ويضيف أن الإسلام لا يسعى إلى إلغاء الآخر أو محوه، والحق سبحانه يقول: «أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء» 44 المائدة، ولا يمنع الإسلام من تعددية تتعايش مع الآخر تقبل صوابه وتعذر خطأه ومن نفيس ما يروى كلامنا صواب يحتمل الخطأ وكلام الخصم خطأ يحتمل الصواب. مفاهيم مغلوطة ويقول إن الخطاب الدعوي يجب أن يتسم بالاعتدال والوسطية ويعلي فقه الأولويات والواقع والمصلحة ويتجنب التكفير والتشريك والتبديع والتفسيق والتجهيل ويبتعد عن المذهبية والطائفية ومحاولة احتكار الحق وصبغه بصبغة مذهبية وبشعارات تتلاعب بعواطف عوام وأشباه متعلمين بل ومحسوبين على العلم من مقلدين من عينة «سنة»، و«سلف صالح»، و«آل البيت»، و«أهل الطريق»، و«ولاء وبراء»، و«حاكمية وخلافه»، و«الطائفة المنصورة»، و«الفرقة الناجية»، و«أهل الأثر»، و«أهل الاتباع» و«سبيل المؤمنين» وغيره الكثير مما تعج به ساحة العمل المنسوب إلى الدعوة. وأوضح أن الفرق السياسية التي تروج هذه المفاهيم المغلوطة تتدثر بعباءة الدين وتجترئ على صحيحه وتقدم للناس شعارات وأهدافاً وأجندات تبث الفرقة وتفرغ الدين من جوهره وتعمل على إضعاف المؤسسات الدينية ورموز الوسطية عن طريق الفضائيات الدعوية والإعلام الديني المغشوش. الخطأ والابتداع ويقول أحمد محمود كريمة إن الخلاف فيما يتعلق بالعقائد لم يتجاوز الحد النظري، ولا الاتجاه الفكري، فإن العلماء الذين تصدوا لهذا لم يجر بينهم خلاف أدى إلى امتشاق السيف وطبيعة حياتهم العلمية لا تسمح لهم بأن ينقلوا الخلاف من ميدان القول إلى ميدان العمل، ولم يكن الاختلاف النظري ليصل في حدته إلى أن يجعلوه عملياً ولم تظهر الحدة إلا في أن يحكم كل واحد على الآخرين بالخطأ والابتداع، ويقول الله تعالى: «إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء» 159 الأنعام. * الأمة الإسلامية ابتليت بانتشار مناهج التكفير وتيارات التبديع والتفسيق والتضليل التي تنشر الفتن والنزاع بين الناس. وحذر من الانتماء إلى الفرق التي تدعي أنها الوحيدة التي تسير على نهج السلف الصالح وعلى الطريق المستقيم، وترمي كل من يخالفها بالعمالة والكفر والزندقة، وتصف العلماء بالابتداع وتتهجم على عقيدة المؤسسات الدعوية والحوزات العلمية وعلمائها بالباطل. * الخطاب الدعوي يجب أن يتسم بالاعتدال والوسطية ويعلي فقه الأولويات والواقع والمصلحة ويتجنب التكفير والتشريك والتبديع والتفسيق والتجهيل ويبتعد عن المذهبية والطائفية ومحاولة احتكار الحق وصبغه بصبغة مذهبية وبشعارات تتلاعب بعواطف عوام وأشباه متعلمين بل ومحسوبين على العلم من مقلدين من عينة «سنة»، و«سلف صالح»، و«آل البيت»، و«أهل الطريق»، و«ولاء وبراء»، و«حاكمية وخلافه»، و«الطائفة المنصورة»، و«الفرقة الناجية»، و«أهل الأثر»، و«أهل الاتباع» و«سبيل المؤمنين» وغيره الكثير مما تعج به ساحة العمل المنسوب إلى الدعوة.