الداعية عائض القرني خص الداعية الإسلامي فضيلة الدكتور عائض بن عبد الله القرني الشروق اليومي بحديث شامل تطرق فيه إلى أهم مواقفه المعلنة من أجل وقف نزيف الدم في الجزائر، ونصائحه المباشرة الموجهة إلى المسلّحين والمغرر بهم باسم الدين. * الغلو هو منهج الخوارج الذين حملوا السلاح وكفّروا عباد الله بوتفليقة أحسن صنعا في شعبه لما دعاهم إلى نسيان الماضي دعاة الفضائيات مجتهدون ويريدون الخير وليسوا معصومين من الخطأ نصيحتي للشباب المتدين أن لا يفتح محاكم تفتيش لمحاكمة ضمائر الناس كما قدم رؤاه لترشيد الصحوة الإسلامية اليوم بعيدا عن التطرف والتكفير والتفريط والتضييع، محددا شروط الداعي إلى الله سبحانه وتعالى ونصيحته للشباب الذي اشتغل بتصنيف الناس. وأثنى سماحة الشيخ على مسعى الرئيس بوتفليقة في تحقيق المصالحة الوطنية وإحلال السلم المدني، بالإضافة إلى مسائل أخرى تتعلق بالدعاة الجدد أو دعاة الفضائيات ودوافع إعجابه بالحضارة الغربية في جوانبها المدنية. كيف وجدت الجزائروعنابة خصوصا في هذه الزيارة بالمقارنة مع الانطباع الذي تحمله عن البلد؟ أحيي للشروق اليومي سعة انتشارها، وأشكر الشعب الجزائري والرئيس عبد العزيز بوتفليقة وكل سكان مدينة عنابة، وبالخصوص فضيلة الشيخ نجيب إمام مسجد الفردوس بحي وادي القبة وكل الطواقم الشبابية المسلمة المحيطة به من جمعيات وفعاليات ورجالات البر والخير والإحسان. والحقيقة نحن في السعودية ندرس تاريخ الجزائر المفعم بالبطولة والتضحية، وكنا نتصور صراحة أن الواقع كما كنا نسمع، فالأمن والحمد لله مستتب، والأمور على أحسن ما يرام من حيث إقبال الناس على الخير ودعم أواصر الإخاء والمصالحة والمشاركة في البناء. وأعجبني والحمد لله حسن الاستقبال وكرم الضيافة والمستوى التعليمي والثقافي للجيل الحالي وتعلقه بالإسلام الصحيح. كيف عايشت الأزمة الدموية التي عرفتها الجزائر، وهل كانت لديك مبادرات لوقف نزيف الدم في البلد باسم الإسلام؟ نحن عايشنا تلك المآسي التي مرت بالجزائر في تلك الأيام الحالكات، وكنا ندعو جهرا إلى إيقاف هذا النزيف وإلى إحلال المصالحة والسلم بين أبناء الشعب الجزائري العظيم، وكنا نذكر في الندوات والدروس والمحاضرات حق المسلم على المسلم، بل كتبت مقالات في صحف عربية كان آخرها في جريدة الشرق الأوسط الدولية بعنوان (الإسلام السياسي في مأزق)، وحللت قناة المستقلة وقتها هذا المقال، وضربت مثلا بالجزائر، وطلبت من الإخوة طلبة العلم والدعاة الاهتمام بتربية الناس على الإيمان الصحيح ونبذ الفرقة والخلاف وإحلال الأمن والإسلام والسلام محل النزاع والفتنة، ولكني أقول اليوم مثلما قال رئيس الجزائر المؤمن عبد العزيز بوتفليقة، أقول "عفا الله عما سلف"، كما سمعته في إحدى القنوات الفضائية. فنحن الآن في مرحلة جديدة ننسى فيها جراح الماضي، خاصة أن الشعب الجزائري قد أعلن المصالحة والسلام الاجتماعي والوئام المدني، وهذا ما وجدته أثناء زيارتي للجزائر، وقلت ذلك في الدروس والمحاضرات والندوات، فأبارك للجزائريين، شعب المليون ونصف المليون شهيد وصناع الثورة الكبرى التي حررت البلاد والعباد هذا الأمن وهذا الرخاء والتآلف، بل وجهت أيضا رسالتي سواء في الدروس أو خطب الجمعة أو في التلفزيون، لمن يحمل السلاح وناديتهم صراحة بإلقاء السلاح وأن يتقوا الله تعالى في دماء إخوانهم، وذكرتهم بقول الرسول محمد (ص): "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"، وقوله "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا". وكان علماؤنا في السعودية قد وجهوا خطابات كثيرة مماثلة، لأننا كنا نعيش الهم الجزائري ويعلم الله أن رؤية الضحايا ورؤية النفوس التي تزهق والدماء التي تسيل لم تزدنا في السعودية إلا الهم والغم والحزن، والله به عليم. وقد قال لي كثير من الجزائريين في الحج والعمرة أنهم سمعوا هذا الكلام كثيرا. فنحن أيضا مثلكم تعرضنا لاستهداف حملة السلاح ورأينا مثلكم الأعمال الوحشية التي يحرمها الشرع الإسلامي الحنيف. * وما رأي الشيخ القرني في الجماعات المسلحة التي تسفك دماء المسلمين وتحمل السلاح عليهم، وتزرع الرعب في صفوف المجتمعات الآمنة. وهل من نصيحة يوجهها الشيخ إلى المسلحين والمغرر بهم؟ أقول لهم اتقوا الله، فإن الله سوف يسألكم عن كل قطرة دم وعن كل ضحية. وبالله عليكم، هل هذا هو الإسلام دين الرحمة والسلام والمحبة؟!، وما هي الثمار المرجوة من قتل الأنفس البريئة وإهدار الدماء وتهديد أمن الناس وإدخال الرعب عليهم. إن الاسلام بعلمائه ودعاته لا يقرّ هذه الأعمال، بل يرفضها ويحرمها.أما قال الله تعالى للرسول (ص): "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، وقال له أيضا: "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن.."، وغيرها من الآيات الكثيرة. كيف ينظر فضيلة الشيخ عائض القرني إلى واقع الأمة الإسلامية اليوم ، في ظل الهزائم والانكسارات التي تمنى بها؟ الحقيقة أن واقع المسلمين مؤسف للغاية. فنحن نعيش الهامشية والغثائية التي أخبر بها الرسول(ص) لما قال: "ولكنكم غثاء كغثاء السيل.."، فالمسلمون وللأسف يعيشون الفرقة والخلاف والتشتت والضعف السياسي والعلمي والاقتصادي والصناعي.. والعجيب أن أكثر ثروات الغرب من بلاد المسلمين. وحينما تنظر مثلا إلى إسرائيل وهي 03 مليون، والمسلمين وهم مليار ونصف المليار، وهي تحتل الأرض وتقتل الأنفس وتدمر المنازل أمام سمع العالم وبصره والمسلمون لا يحركون ساكنا، تدرك عظمة المسؤولية التي تقع على العلماء والحكام * . * وما هو السبيل الأمثل لترشيد الصحوة الإسلامية اليوم، بعيدا عن التطرف والتكفير من جهة، وبعيدا عن التفريط والتضييع من جهة أخرى؟ الإسلام دين وسط كما قال الله تعالى عن الأمة الإسلامية "وكذلك جعلناكم أمة وسطا"، فلا إفراط ولا تفريط. لا يجوز أن نتحلل من الدين ونرفض الشريعة إلى مذاهب أرضية كافرة. كما لا يجوز أيضا أن نغلو في ديننا كما قال تعالى: "يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم .."، والغلو منهج الخوارج الذين خرجوا عن الأمة وحملوا السلاح وكفّروا عباد الله الموحّدين. فالمنهج الإسلامي الصحيح منهج الكتاب والسنة ومنهج نبي الرحمة الذي قال له ربه: "وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم". وزكّاه فقال: "وإنك لعلى خلق عظيم * ". * ظهر في الآونة الأخيرة مع انتشار الفضائيات الدينية مصطلح "الدعاة الجدد" الذين استجلبوا نقد المشايخ أكثر من استجلابهم الثناء عليهم وتشجيعهم والأخذ على أيديهم. فما هي شروط الداعية إلى الله، ليكون قدوة لغيره؟. وما موقع المظاهر كالثوب واللحية من الداعي، وهل هي شرط في الدعوة إلى الله؟ "الدعاة الجدد" مصطلح أطلقته بعض القنوات الفضائية وهو ليس مدحا ولا ذما، وإنما هو مصطلح مقترح منها، ونحن لا نتحاكم في الدين إلى القنوات والمجلات، وإنما نتحاكم إلى الحق والدليل. فمن أصاب الحق فهو داعية إلى الله سواء كان قديما أو جديدا، وسواء لبس بنطالا أو مشلحا (قندورة أو قميصا)، طربوشا أو عمامة. فالمسألة ليست بالأشكال والمظاهر، وهي بالمضمون والمعنى.أما اعفاء اللحية وتقصير الثوب، فهي من سنن النبي(ص) ولكنها ليست كل شيء، لأن المسلم ببساطة من يهتم بباطنه وظاهره، ليكون قلبه رحيما بالمؤمنين، حليما عليهم، رؤوفا بهم، محبا له م. * انتشرت ظاهرة تكسير الرموز العلمية والدعوية باسم السلفية والمنهجح السلفي، فهل هذا المسلك صحيح؟. وما هي نصيحتك للشباب الذي اشتغل بتصنيف الناس؟ نصيحتي للشباب المسلم ألا يفتح محاكم تفتيش على عباد الله، ولا ينصب المشانق لمحاكمة ضمائر الناس وقلوبهم، فإن الرسول(ص) يقول: "إني لم أؤمر ببقر بطون الناس ولا بشق قلوبهم"، والمعنى أن نحمل الناس على ظاهرهم وندعوهم بالتي هي أحسن. ولا يكون همنا اكتشاف أخطائهم والعثور على سلبياتهم والفرح بزلاتهم. هذا ليس منهجا صحيحا. فنحن دعاة لا قضاة، وهداة لاطغاة. والله سوف يحاسب الجميع. فأين منهج الرحمة والرفق واللين؟. وإذا كان الله عز وجل يرسل موسى وهارون إلى فرعون الطاغية ويقول لهما: ".. فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى"، فكيف بالمسلم المقصر على افتراض؟ * شكلت الحضارة الغربية مصدر إعجاب الرواد والمصلحين في كثير من المرات، وأنت كنت بدورك من أولائك الذين أثنوا على الحضارة الفرنسية في جانبها المدني، وكتبت مقالات أثارت عليك انتقادات كثيرة، مثل مقال "شكرا فرنسا"، فكيف ترى الجمع بين طرفي المعادلة، الدعوة إلى التمسك بأطراف المدنية الغربية داخل المجتمعات التي لها خصوصياتها؟، ولماذا يثني الشيخ عائض على المدنية الغربية ويغض الطرف عن أبرز أسبابها الممثلة في الحرية والانفتاح السياسي الذي تعاني الدول العربية من انعدامه أو تحجيمه بصفة خانقة؟ أنا كنت مقتصدا ومعتدلا في الثناء، فما ذكرت إلا مقالات قليلة عن الغرب وفرنسا بالخصوص. بينما لي عشرات الأشرطة والمحاضرات والدروس والمقالات والكتب أكثرها في نقد الحضارة الغربية. وإنما أنصفت الغربيين في جانب الانضباط في المواعيد وحسن التعامل والإقبال على القراءة واحترام النظام والمساواة بين أبناء شعبهم. والله سبحانه وتعالى قد أنصف أعداءه عندما قال: "ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة واحدة"، فلماذا لا نعترف بما عندهم من إيجابيات ونحن أخذنا أكثر أسباب الحياة المادية من السيارة والطيارة والحراية والبرادة والسخانة وغيرها. وأنا نقدت جوانب كثيرة في حياتهم البهيمية المادية التي أهملت الروح ورفضت الإيمان بالله وحولت الإنسان إلى مجرد آلة. وسعت إلى التفسخ والعري والتحلل الخلقي. * أنت تعرضت لحملة واسعة في المملكة العربية السعودية بسبب اختياراتك الفقهية التي لا تتماشى وتقاليد المنطقة، مثل قيادة المرأة للسيارة وحكم النقاب وغيرها. لماذا بقيت هذه الأمور من الطابوهات في السعودية بحسبك؟ هذه الأمور والمواضيع أصبحت من الماضي البعيد وانتهى الجدل حولها.ولا أفضل العودة إليها. * ما رأيك في "دعاة الفضائيات"، ودعاة استسهال الفتوى ومجاراة الجمهور في ما يطلبه فقهيا وشرعيا؟ دعاة الفضائيات هم دعاة علم ومجتهدون ويريدون الخير وليسوا أنبياء معصومين. وقد يصدر منهم الخطأ. وقد نفع الله بهم كثيرا وأنا رأيت في أمريكا وأوروبا آلاف المسلمين الذين استفادوا من دعاة الفضائيات. وكل منا يصيب ويخطئ إلا المعصوم سيد الأنام(ص). أنا ضد التنازل عن سنة الرسول وشعار الإسلام بحجة مجاراة الآخر. وحتى يكون الإنسان مقبولا أو محبوبا عند غير المسلمين. فلو ذهبنا وراء هذه القاعدة لإرضاء غير المسلمين لتركنا الاسلام جملة وتفصيلا: "ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم"، فرجائي من الجميع الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم والاهتمام بتطبيق السنة ظاهرا وباطنا. * وما يقول الشيخ الدكتور حول مسعى الرئيس بوتفليقة في تحقيق المصالحة الوطنية وإحلال السلم المدني في الجزائر؟ أنا أقول للرئيس المؤمن الشيخ عبد العزيز بوتفليقة، هذا الرمز الوطني جزاه الله خيرا على ما قام به من مشروع المصالحة، وهو يضاف إلى تاريخ نضاله وسجله الوطني المشرف. وقد أحسن صنعا في شعبه لما دعاهم إلى نسيان الماضي والمسامحة والمصالحة فاستحق شكر العالم ونجح في مشروعه النبيل خاصة أن شعب الجزائر يستأهل كل اهتمام ورعاية، لأنه ليس بالهامش ولا في المؤخرة، لكنه دائما في القلب والمقدمة، لأن ثورته الكبرى هي مضرب المثل في الثورات التحريرية النضالية في العالم. فحق الجزائريين العيش بسلام ووئام وإخاء للبدء في رحلة التعمير والبناء والتقدم والتنمية على هدى الإسلام وعلى خطى سيد الأنام عليه الصلاة والسلام. * كلمات ..وتعاليق * منتظر الزيدي؟ * هذه ثمار سياسة بوش الرعناء. * القوافل المتجهة إلى غزة؟ أباركها.. وأوصلها الله بالسلامة. * أوباما؟ * عسى أن يجمل وجه أمريكا القبيح. * أوردغال في دافوس؟ * أنعم به وأكرم حفيدا للعثمانيين الجدد. * مقابلة الجزائر -مصر في كرة القدم؟ * لا فائز ولا مغلوب إن شاء الله. * السجود في الملاعب؟ * أرحب به لأنه يحمل رسالة للعالم. * توريث الحكم للأبناء؟ * هرقلية قيصرية أو كسروية. * حسن نصر الله؟ * -.................... * إساءة إسرائيل للسيد المسيح وأمه مريم عليهما السلام؟ * ليست بأول فضائحهم ولا فواحشهم. * الشروق اليومي؟ * أسمع عنها كل الخير وهي أشهر من الشمس.