مرضى يُؤجّل علاجهم ويُعجّل أجلهم ! عمليات مستعجلة تؤجل في مستشفيات الجزائر الوقوف على طوابير طويلة للظفر بموعد بالمستشفى مشهد يعيد الذاكرة لسنوات بعيدة جدا يمكن القول أنه زمن ولى وانتهى ونحن في القرن الواحد والعشرين ولكن مع الأسف الشديد لا تزال مستشفياتنا تشهد مثل هذه المظاهر البائسة التي لا تمت للتحضر بصلة والتي تعيدك لزمن ماض أين كان المرض يأكل الأجساد الهزيلة لأتفه الأسباب أي قبل التطور الحاصل في ميدان الطب في الوقت الحالي والذي شمل العالم بأسره. ففي ظل التقدم الكبير الذي تحرزه دول الجوار فيما يخص خدمة المرضى وكافة التسهيلات المقدمة لا تزال الجزائر تعاني من سوء معاملة المرضى من طرف القائمين على قطاع الصحة وكذا البيروقراطية التي لا تزال تلقي بظلالها المعرقلة للنمو والتقدم في مختلف الميادين. مرضى السرطان هم أكثر المتضررين لعل أكثر فئة تعاني من بيروقراطية المواعيد الطبية هم مرضى السرطان الذي يطول انتظارهم للعلاج الإشعاعي نظرا لعدة أسباب ففي مقدمتها نجد أن مرض السرطان عرف في السنوات الأخيرة ارتفاعا كبيرا للمصابين به وهذا ما أزم أساليب العلاج هذا من جهة أما من جهة أخرى فمراكز العلاج العمومية والتي تقدم الخدمة مجانا للمرضى قليلة جدا فعلى المريض الذي لا يملك (المعريفة) أن ينتظر لشهور حتى يحين دوره للعلاج وهذا ما أخبرنا به عمي العربي حين قال: (أنا أسكن في ضواحي تيبازة وأنا أتنقل للعاصمة لكي أظفر بموعد للعلاج الإشعاعي لإبني المصاب بالسرطان وقد يطول موعده لشهور وقد يؤجل أيضا وهذا ما زاد من تدهور حالته الصحية). أما السيدة مريم فقد قالت: (لقد توفيت والدتي وهي تنتظر دورها للعلاج الإشعاعي ولأننا لا نملك أية معريفة فقد كان لزاما علينا أن ننتظر المواعيد الطويلة والتي كانت في بعض الأحيان تؤجل فنتكبد عناء التنقل من المستشفى للبيت وبحكم مرضها فهي لا تستطيع التنقل في المواصلات العامة فقد كان لزاما علينا استئجار سيارة أجرة خاصة لكي تنقلها والواقع أن حالتها زادت سوءا بسبب تباعد فترات علاجها فتوفيت نتيجة استفحال المرض فيها). تأجيل عمليات جراحية معقّدة لعل أن فئة المرضى الذين ينتظرون دورهم للعمليات الجراحية هم أكثر من يتضرر من هذا الوضع المزري فللوهلة الأولى تتيقن أن القائمين على تحديد المواعيد لا يملكون ذرة إنسانية في نفوسهم فتجد مرضى بحاجة لعملية مستعجلة قد تنقذ حياتهم إن تم إجراؤها في الموعد المحدد لها وقد واجهتنا الكثير من الحالات التي كان من المفروض أن تعالج ببساطة إذا ما تم ذلك في الوقت المحدد لها وقد قصت لنا سميحة ما حل بها بسبب تأخر موعد علاجها حيث قالت: (لقد عانيت من كسر في كتفي الأيمن وتطلبت حالتي إجراء عملية فورية لإرجاعه إلى مكانه لكن لم يتم الأمر في الوقت المحدد له فعانيت من عاهة مستديمة فأنا لحد الساعة لا أستطيع القيام بالكثير من الأشياء بسبب هذا الأمر وكل هذا بسبب مشكل كان بالإمكان تجنبه لو أن الأمور أخذت مجراها الصحيح أما عمي أحمد فقد قال: (لا أزال أتذكر وفاة ابني وكأنها حدثت بالأمس على الرغم من مرور سنوات على الحادثة فقد عانى ابني من مشكل بسيط في المعدة ولكن بسبب تماطل الأطباء في تحديد موعد العملية زادت حالته سوءا وتأزمت وضعيته أكثر فالمشكل البسيط أصبح معقدا وصعُب علاجه لذا توفّي ابني رغم محاولات الأطباء اليائسة في تدارك الوضع لقد فقدت ابني بسبب موعد عملية متأخر...! قال كلماته هذه بحرقة بالغة ميزت صوته الحزين. إن أزمة تأخر المواعيد الطبية في الجزائر إشكال يفرز الكثير من النتائج الوخيمة التي لا يمكن تداركها نظرا لفوات الأوان في غالب الأحيان وهذا ما يلزم بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة في تقريب المواعيد الطبية وإنقاذ حياة المرضى الذين يتجرعون الويلات عبر المستشفيات.