إحصائيات رهيبة تدعو إلى دق ناقوس الخطر السرطان يستفحل بين الجزائريين يخصص شهر أكتوبر من كل سنة للتحسيس عن مرض سرطان الثدي دون نسيان الأنواع الأخرى من السرطانات التي لا تقل خطورة عن سرطان الثدي كما تكثر النداءات لمساعدة المرضى وذلك بتخصيص العديد من النشاطات على مستوى الجمعيات والهيئات الطبية المختصة التي تدعو كلها إلى ضرورة التكفل الجدي بمرضى السرطان من جميع النواحي الفيزيولجية والنفسية ولكن الملاحظ هو النقص الكبير في التكفل السيكولوجي بالمرضى والذي من شأنه أن يخفف كثيرا من وطأة المرض عليهم. ي. آسيا فاطمة لقد بلغ مرض السرطان في الجزائر مستويات مخيفة جدا فحسب مركز مصلحة الأورام السرطانية في الجزائر فإنه يسجل من 44 إلى 48 ألف حالة مرضية جديدة وهذا دليل على الانتشار الرهيب لهذا المرض بين أوساط المجتمع فهذا الداء الخبيث لا يرحم لا الصغير ولا الكبير كما أنه لا يفرق بين الرجل والمرأة بل يجرف أيا كان وينهش جسمه بكل وحشية. مرضى بمعاناة لا توصف عندما يجتمع على المرء المرض والفقر يجعلانه عنوانا للبؤس والحرمان وتذرف العيون على هؤلاء بدل من الدموع دما فالمرض الخبيث لا يرحم ضعف أجسامهم الهزيلة التي لا تتصارع لمقاومته إلا أنها تعلن في الأخير الاستسلام لآلامه التي تهتز إليها الجبال فمعاناة المرضى داخل المستشفيات هي صعبة جدا وما زاد من حزنهم هو الشوق لأهاليهم بسبب بعد المسافة بين مقر إقامتهم والمستشفى حتى أن بعض الأهالي سامحهم الله من ضيعوا مرضاهم وهم في حالة ضعف وعجز لظروف وأسباب واهية. أخبرتنا سيدة التقيناها أثناء تقصينا لوضعية مرضى السرطان ببعض المستشفيات بأن زوجها تخلى عنها بمجرد أن علم بأنها مصابة بهذا المرض الخبيث فعلى الرغم من كل السنين وعشرتهما الطويلة لم تحرك عنده أي عاطفة نحوها بل قرر حسبها أن يكمل حياته مع أخرى سليمة ومعافاة وهذا ما آلمها كثيرا وجعلها غير متجاوبة مع العلاج بشكل كبير فقد أفقدها فعل زوجها الأمل بالحياة. أما أخريات فقد كن يعانين من وحشة وغربة لا توصف بسبب بعد مسافة الأهل الذين يقطنون بعيدا عن مراكز العلاج بحيث لا يزورهم أحد إلا نادرا مما يجعلهم يعيشون حالة يرثى لها ومما يصعب تقبلهم للعلاج أيضا وإذا أضفنا للأمر الفاقة والحاجة التي كثيرا ما تكون ميزة المرضى من المناطق النائية الذين يأتون للعلاج في مراكز بعيدة جدا عن ولايات سكناهم ويتم التخلي عنهم بسبب الفاقة والبعد فنجدهم للأسف ينتظرون أي زائر يحمل لهم أخبارا عن ذويهم أو حتى يحاول مواساتهم ويخفف عنهم آلام المرض. نقص التكفل السيكولوجي ما يمكن ملاحظته في المراكز المتخصصة لعلاج مرض السرطان أنها تعاني من نقص التكفل السيكولوجي بالمرضى إذ لم نقل أنه شبه معدوم على الرغم من أهميته الكبيرة في فعالية العلاج فهو يساعد المريض في تقبل حالته وعلاجها في نفس الوقت فيصبح لجسده مقاومة أكبر ضد المرض وهذا ما يتفق عليه الأطباء من جميع أنحاء العالم والمشكل لا يكمن في نقص الأطباء النفسانيين في الجزائر وإنما غياب معيار التكفل النفسي بمرضى السرطان بصفة مطلقة ولا يمكن القول بأن المرضى وحدهم من يحتاجون للرعاية النفسية وإنما ذويهم أيضا يجب مساعدتهم هم أيضا في تقبل حالة مريضهم وكيف يمكن لهم مساعدته والرفع من معنوياته التي تكون في الغالب في أسوأ حال بسبب يأسهم من المرض هذا من جهة أما من جهة أخرى فيمكن القول بأن أكثر من نصف المرضى يتوفون بسبب نقص الرعاية والتكفل وكذا اكتشاف المرض في مراحله الأخيرة بسبب نقص التوعية فالسرطان يعتبر مرضا قاتلا والجزائر لازالت بعيدة نوعا ما في التكفل الجيد بالمرض بسبب نقص المراكز المتخصصة في العلاج الإشعاعي فالمواعيد جد طويلة بسبب كثرة المرضى مما يؤدي إلى الزيادة في تدهور حال المريض لذلك وجب بذل المزيد من المجهودات للتكفل بمرضى السرطان في الجزائر كونهم فئة لازالت تعاني من بعض المعاناة والتهميش على مستوى بعض العيادات المتخصصة كما أن تقوية ثقافة الكشف المبكر هي أمل آخر لمكافحة الداء الخطير.