بقلم: عيسى منصور* أن الإنتاج الوطني من مادة الحليب لايزال بعيدا عن تحقيق الاكتفاء الذاتي مع الارتفاع المتزايد في نسبة الاستهلاك و التي تتعدى ال 120 لتر للفرد الواحد متجاوزة بذلك معيار استهلاك هذه المادة المحدد من طرف المنظمة العالمية للصحة والذي لا يتجاوز 90 لترا للفرد وتكشف أرقام مصالح الجمارك عن الارتفاع الكبير لواردات الحليب سنة 2014 حيث بلغت من حيث القيمة 1.9 مليار دولار. ومن جانب آخر وحسب الديوان الوطني المهني للحليب تخصص الدولة سنويا ما بين 45 إلى 47 مليار دج لدعم فرع الحليب لتشجيع الإنتاج وتقليص فاتورة الواردات ويضاف إلى هذا وضع تدابير لتطوير إنتاج الحليب الوطني تتضمن العديد من الإجراءات التحفيزية لفائدة المربين والجامعيين والمحولين ومؤخرا حتى المنتجين لبعض أغذية الأنعام مثل الذرة والبرسيم إلى متى تستمر هذه الوضعية الكارثية لشعبة الحليب؟ وإلى متى هذه التبعية الطاغية للخارج التي تثقل كاهل ميزان المدفوعات للتجارة الخارجية لبلادنا؟ على الحكومة أن تعمل على زيادة الإنتاج المحلى من منتجات الحليب لمقابلة الاستهلاك المتزايد وذلك بانتهاج سياسات وبرامج تهدف إلى تشجيع القطاع الخاص للاستثمار لعصرنة مختلف مقومات شعبة الحليب وكذا العمل على تهيئة الأرضية لتطوير الشعبة من خلال: - استصلاح الأراضي وتوفير الموارد المائية لتطوير إنتاج المحاصيل العلفية تمثل المحاصيل العلفية حاليا أقل من 10 بالمائة ( بين 6 و7 بالمائة) من مجموع المحاصيل الحقلية المسقية فيما تمثل الأشجار المثمرة و الخضروات أعلى نسبة لأنها توفر أكثر دخلا وعلى هذا الأساس فإن تغطية الاحتياجات الغذائية المناسبة من الطاقة والبروتين تكون من الأعلاف المركزة التي أصبحت تمثل الوجبة الغذائية الأساسية فيما يجب أن لا تكون إلا وجبة مكملة. للعلم فإن سعر أغذية الماشية والتي هي عبارة عن خليط طاقوي وبروتينات الحبوب موجه لتغذية البقر الحلوب والعجول يصل إلى 4500 دج للقنطار و 1000 دج لحزمة الكلأ فيما يقدر سعر حزمة التبن ب 1000دج والتي كانت تستعمل في الماضي لتغطية أرضية الإسطبلات وتستغل حاليا لتغذية البقر الحلوب تشجيع إنشاء مزارع عصرية لتربية الأبقار الحلوب حسب الإحصاء العام للفلاحة فإن معدل عدد الأبقار الحلوب في المزارع لا يتعدى ال 7 بمعدل إنتاج يومي لا يفوق ال 15 لترا من الحليب في مثل هذه الوضعية لا يمكن لنا الحديث عن الاكتفاء الذاتي من مادة الحليب. من الضروري تشجيع إنشاء مزارع كبيرة لتربية الأبقار الحلوب بأعداد لا تقل عن 50 بقرة حلوب مع إنتاج الأعلاف في ذات المزرعة إقامة هذه المزارع تكون على مساحات شاسعة مع توفير الإمكانات اللازمة لأجل السقي (حفر آبار عميقة وضع تجهيزات مناسبة للسقي). تحسين القدرات الإنتاجية للسلالات المحلية من خلال التهجين بعد القيام ببحوث ودراسات علمية للتعرف على أثر التهجين على معدلات الإنتاج وهذا يؤدي إلى تحسين السلالة الوراثية وبالتالي تحسين فعالية الأبقار الحلوب من خلال التلقيح الاصطناعي إن المركز الوطني للتلقيح الاصطناعي والتحسين الوراثي من شأنه القيام بهكذا مهام شريطة تدعيمه بالوسائل المادية الضرورية ومن جانبها السلطات العمومية ملزمة بضمان التأطير التقني بالنسبة للمربين المنخرطين في برامج التلقيح الاصطناعي وكذا تخصيص دعم لتشجيعهم.
ضمان تكوين تقني ومهني للمربين ضمان تكوين تقني ومهني للمربين من طرف مؤسسات لا تلعب في الوقت الحالي الدور المنوط بها وذلك لنقص الإمكانيات وغياب سياسة موجهة لهذا الغرض وأخص بالذكر المعهد التقني لتربية الحيوانات والمعهد التقني للمحاصيل الكبرى كما يجب في هذا السياق أيضا تشجيع إنشاء وحدات لإنتاج أغذية الأنعام
إنشاء مراكز جمع الحليب بمحاذاة المناطق المنتجة لهذه المادة إن شبكات جمع الحليب الموجودة حاليا غير منظمة بالصفة التي تضمن جمع أغلبية الإنتاج والتي تعد الحلقة الأضعف في توفير مادة الحليب والتي تتسبب في ضياع كميات كبيرة وعدم وصولها إلى المحولين. إن إنتاج الحليب يسوق حاليا عبر شبكتين: * شبكة منظمة (رسمية) والتي تضم المنتجين الذين يسلمون إنتاجهم لملبنات المنطقة والذي لا يفوق نسبة الجمع في الوقت الراهن ال 25 . * شبكة غير منظمة وغير رسمية والتي تضم المنتجين(المربين) الذين يبيعون إنتاجهم إلى المستهلكين مباشرة أو عن طريق وسطاء. إنشاء جمعيات مهنية إنشاء جمعيات مهنية أو تعاونيات تضم كل متعاملي شعبة الحليب من منتجين (مربين) جامعي الحليب الموزعين والمحولين وذلك لقطع الطريق على الوسطاء والحد من جامعي الحليب غير الرسميين والذين يسوقون الحليب خارج الإطار التنظيمي وبالتالي التحكم أكثر في كمية ونوعية الحليب التي تسوق نحو المؤسسات التحويلية (الملبنات). إن الاكتفاء الذاتي من مادة الحليب أكثر من ضروري وعلى السلطات المعنية أن تأخذ المسألة على محمل الجد وذلك بانتهاج سياسة تنموية شاملة للقطاع الفلاحي في ظل تهاوي أسعار البترول من الصعب رصد الأموال لأجل الاستيراد ومن الصعب أيضا رصد أموال لأجل الدعم الاستهلاكي.