اتهمت أول وزيرة مسلمة فى الحكومة البريطانية، سعيدة وارسى، الإعلام البريطانى بتأجيج مشاعر عدم التسامح ضد المسلمين فى بريطانيا؛ "حتى بات اضطهاد المسلمين أمراً عادياً ومقبولاً اجتماعياً"، متعهدةً ببذل ما فى وسعها لمحاربة التعصب ضد المواطنين المسلمين. وفى كلمة لها فى جامعة "لستر"- تقول الوزيرة بدون حقيبة، والتى تعد من كبار مسؤولي حزب المحافظين الحاكم، إن وسائل الإعلام تصنف مسلمي البلاد إما كمعتدلين أو كمتطرفين؛ ما جعل البريطانيين من غير المسلمين ينظرون بعين الشك لكل مسلم؛ لأنهم يتوقعون بدايةً أنه "متطرف". وأضافت أن التمييز ضد المسلمين أصبح أمراً عادياً، ولا يثير مشكلة بالنسبة للكثيرين فى المجتمع البريطاني. وبحسب ما نشرته بعض الصحف البريطانية من مقتطفات لكلمة سعيدة وارسى فإنها ترى أن "الأسلوب السطحي الذى تتعامل بها جهات عدة فى بريطانيا، ومن بينها الإعلام، مع مسألة الإيمان والتدين صنع من بريطانيا مجتمعاً لا يتسامح مع المؤمنين، ولا يفهمهم"، بحد قولها. وضربت مثالاً على أخطاء الإعلام فى التعامل مع المسلمين بأن الأعمال الإرهابية التى يقوم بها نفر قليل من المسلمين تستخدم لإدانة وتلطيخ المسلمين جميعا. كما ضربت أمثلة لتداعيات ذلك على تصور غير المسلمين للمسلمين فى بريطانيا: "فى المصنع حينما يتم تعيين عامل مسلم يضطر صاحب العمل إلى أن يطمئن موظفيه من غير المسلمين ويقول لهم: "لا تقلقوا.. إنه مسلم معتدل، وفي الطريق إذا مرت امرأة ترتدي حجاباً يقول المارة هذه المرأة إما مضطهَدة فى أسرتها أو تتبنى فكراً سياسياً معيناً"، فى إشارة إلى أنها قد تتبع إحدى جماعات الإسلام السياسي. إلا أن الوزيرة (40 عاما) حمَّلت مسلمي بريطانيا جزءاً من المسؤولية؛ إذ طالبتهم بإظهار رفضهم لأولئك الذين يلجئون للعنف بوضوح أكثر. وقالت "يجب ألا يكتفي المجتمع المسلم بالعقوبة القانونية التى ستنال من هذه الفئة القليلة، ولكن يحتاج إلى أن يتعامل معهم على أنهم منبوذون فى المجتمع، ويشعرهم بالاغتراب؛ حتى يعرف الجميع أن بقية المسلمين يتبرؤون من أفكارهم وأفعالهم". وبحسب ما ذكرته صحيفة "ديلي تليغراف" فإن الوزيرة أجابت بهذه الكلمة على سؤال لرئيس الوزراء فى بداية العام: "لماذا الأصولية تتنامى بين الشباب المسلم فى بريطانيا؟". وتعهدت الوزيرة، المولودة فى بريطانيا لأبوين باكستانيين، باستخدام منصبها لخوض "معركة متواصلة ضد التعصب"، مشيرة إلى أنها حثت بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر أثناء زيارته إلى بريطانيا على تحسين أجواء التفاهم بين المواطنين الأوروبيين والمسلمين. ويعد مسلمو بريطانيا (2مليون نسمة) من أكثر الأقليات اندماجاً فى أوروبا، ويصفون بريطانيا بأنها الأكثر تسامحاً مع المسلمين، إلا أنه منذ اتهام مسلمين فى تفجيرات استهدفت مترو لندن فى عام 2005، وإطلاق عدة حملات لمكافحة "الإرهاب" بات المسلمون يشتكون من سوء فى المعاملة ومظاهر للاضطهاد، وإن كانت لا ترقى لمستوى ما يتعرض له مسلمو بعض الدول الأوروبية الأخرى. وذكرت إحدى الوثائق التى نشرها موقع "ويكيليكس" فى ديسمبر الماضى أن السفارة الأمريكية قالت فى إحدى برقياتها إلى واشنطن: "إن المسلمين فى بريطانيا لا يزالون منفصلين عن المجتمع.. وإن بريطانيا لم تحرز تقدما كبيرا فى التواصل مع الأقلية المسلمة على الرغم من جهود الحكومة فى التخطيط لدمج المسلمين، فإنها فشلت فى تحقيق ذلك بعد تفجيرات لندن عام 2005". كما نقلت البرقية انتقادات من زعماء مسلمى بريطانيا لحكومتهم التى قالوا إنها خذلتهم بتجاهل التدابير والإجراءات التى أوصوا بها لمحاربة التطرف، وبدلا من ذلك -وفقا للبرقية- اتخذت الحكومة إجراءات "قاسية" مثل موجة الاعتقالات الواسعة فى صفوف المسلمين، وهو ما يمكن فى حد ذاته أن يعزز التطرف. * وسائل الإعلام تصنف مسلمي البلاد إما كمعتدلين أو كمتطرفين؛ ما جعل البريطانيين من غير المسلمين ينظرون بعين الشك لكل مسلم؛ لأنهم يتوقعون بدايةً أنه "متطرف".