الحرارة تلفح أجسادهم الهزيلة أطفال ينتشرون عبر الأسواق لبيع الديول لايختلف اثنان أن عمالة الأطفال في الجزائر تعرف اتساعا خلال الشهر الفضيل لاسيما مع تزامن رمضان مع العطلة الصيفية بحيث يهب الأطفال ومنذ أوائل الشهر إلى الأسواق وتبدأ معركة الديول وأنواع الحشائش والفلان فهي في معظمها تجارة بسيطة تعود ببعض الدنانير عل الطفل والتي لا تساوي ما أهدر من صحته خلال كامل اليوم خاصة وأن هؤلاء احترقت أجسادهم الضعيفة بحرارة الشمس التي لا يقاومها الكبار فما بالنا بالصغار. نسيمة خباجة اصطفوا أمام المحلات وبمداخل الأسواق وعبر الطاولات هم بحجم الأقزام إلا أن المسؤولية التي ألقيت عليهم في الجزائر بحجم الجبال أطفال صغار يتكفلون بمصاريف عائلاتهم في رمضان وأصبحت هاجسهم وكأنهم هم المعنيون الأولون بها وليس أولياء أمورهم لكن الحقيقة المرة هي انتشار عمالة الأطفال في مجتمعنا ومجابهة الأطفال للمخاطر لأجل دنانير معدودة ولا تسمن ولا تغني من جوع فالناظر إلى هؤلاء وهم يحومون عبر الأسواق يتحسر ويقطر قلبه دما على هؤلاء الأطفال الحفاة العراة الذين يعكس منظرهم مستواهم الاجتماعي وثمة نقول إن الجزائر ليست بخير على الرغم من التفاؤل الكبير الذي ينتابنا عند النظر إلى العديد من المجالات الأخرى التي عرفت تقدما ملحوظا لكن مادام أطفالنا وبراعمنا الصغار يتنقلون عبر الأسواق بوجوه حرقتها الشمس وبملامح بائسة نقول إن الجزائر ليست بخير ونبصم بالعشرة على ذلك. فذلك الطفل لو وجد الرفاهية ولم تقابله أمه التي تمسك دوما خدها بيدها وتسرح بعيدا بسبب الوضعية الاجتماعية الحرجة وعدم قدرتها على تحمل أعباء الأسرة لما خرج الى ذئاب الأسواق ذلك الطفل الذي تقابله دوما شكوى أباه حول نقص الشهرية وتهاطل فواتير الغاز والكهرباء والكراء يجد نفسه دوما مجبرا على حمل قفة الديول أو المطلوع أو كيس الحشائس لتحمل مسؤولية تكبره بكثير والانطلاق عبر أسواق قريبة وبعيدة لهدف واحد ووحيد ملأ جيبه بالقطع النقدية والعودة إلى البيت ومنحها لأمه ومسح دموعها التي تنهمر في كل مرة. يحدث كل ذلك ونتحدث دوما على التسرب الدراسي والخروج المبكر من المدارس فأين مكان التعلم من ذلك الكم من المشاكل والمصائب التي تقع على رأس الطفل الجزائري. مناظر بائسة تثير الشفقة ونحن متواجدون بأقواس ساحة الشهداء وقفنا على التعداد الهائل من الأطفال الذين يمارسون التجارة وهي في معظمها تجارة بسيطة لا تخرج عن بيع بعض المستلزمات الرمضانية على غرار الديول المطلوع القطايف الفلان الحشائش وجذبنا منظر أحدهم وهو يطلب من الزبائن شراء سلعته وأخبر العابرين أنه لم يدخل ولو دينارا في ذلك اليوم وكيف سيعود إلى بيتهم محملا بتلك القفة دون عائدات وأمه تنتظره لشراء الخبز والحليب تلك العبارات جعلت العديد من العابرين يصطفون من حوله لاقتناء الديول حتى أن منهم من لم يكن معولا على ذلك إلا أن نبرة الحزن التي ملأت كلام ذلك الطفل جذبتهم من حوله وأثارت شفقتهم على حاله وحال أسرته. طفل آخر وجدناه يتوسل إلى زبونة لشراء ما تبقى له من ديول والتي كانت في مجموعها 17 ورقة من الديول وألح عليها أخذها ومضاعفة مدخوله قليلا حتى أنه عرضها علينا ب 70دينارا فما كان على تلك الزبونة إلا أخذ تلك الديول خاصة وأنه أثار شفقتها كثيرا حسب ما عبرت لنا به. نمارس التجارة لمساعدة عائلاتنا صارت التجارة الرمضانية حتمية لدى بعض الأطفال من أجل َضمان مصدر قوتهم وكذا مصروفهم اليومي في رمضان وخلال كامل العطلة الصيفية وهو ما وضحه لنا بعض الأطفال الذين اقتربنا منهم في بعض أسواق العاصمة منهم الطفل صهيب وجدناه بسوق ساحة الشهداء قال إن التجارة في رمضان هي عادة دأب عليها مند سنوات ويبيع إما الديول التي تحضرها أمه أو المطلوع في كل يوم ودون راحة ويبدأ عمله حوالي العاشرة صباحا وينتهي حوال الخامسة وعن المدخول اليومي قال إنه يتراوح بين 600 و750 دينار في اليوم يأخذ منها 200 دينار ويسلم الباقي لأمه لاقتناء بعض الحاجيات ومساعدتها في مصاريف البيت. أما هشام فقال إنه سبيع الفلان من أجل تحقيق بعض المداخيل لشراء كسوة العيد خاصة وأن أبويه لا يستطيعان ضمان كسوته في العيد ويضطر إلى ممارسة التجارة عبر الأسواق لضمان مصروفه اليومي وشراء ملابس العيد. لتبقى هي الصور البائسة التي تطبع اأسواق خلال الشهر الفضيل لأطفال ارتسمت على وجوهم ملامح البؤس والحاجة.