مع اقتران رمضان مع العطلة الصيفية طويلة المدى اختار أغلب الأطفال استغلالها في امتهان بعض الحرف الرمضانية كبيع المطلوع والديول والفلان وانتشروا في أغلب الأزقة والشوارع ومنهم حتى من قطع مسافات بعيدة بغية ترويج تجارته في المدن وبالأسواق الشعبية التي يكثر بها الزبائن ويقطعون تلك المشاوير الوعرة والمحفوفة بالمخاطر، بحيث يأتون من المداشر محملين بتلك السلع ويتحملون شقاء رحلتي الذهاب والإياب بغية العودة بمداخيل لأسرهم المعوزة. نسيمة خباجة بحيث بات بعض الأطفال الصغار يتحملون مسؤولية تغطية مصاريف رمضان تلك التي تكثر وتتضاعف بالنظر إلى ما تتطلبه المائدة الرمضانية مما أجبر هؤلاء الأطفال على الدخول المبكر إلى سوق العمل، وعادة ما تكثر تلك الحرف على مستوى البوادي والمداشر، وبالنظر إلى قلة الكثافة السكانية هناك مما يؤثر بالسلب على رواج سلعهم فحوّل هؤلاء الأطفال اهتمامهم نحو المدن متخطين كل الصعاب وكل ما من الممكن أن يصطدموا به في تلك الرحلات الوعرة والخطرة. بسوق المدنية التقينا بصهيب قال إنه قدم من منطقة الدويرة خصيصا لترويج سلعته المتمثلة في الديول وكان ينصب طاولته بمدخل السوق، اقتربنا منه فقال إنه يقدم يوميا إلى هناك من أجل ترويج تجارته واختار المدنية كناحية تبعد عن مقر سكناه بغية الاستحواذ على الزبائن لاسيما مع مستوى الإقبال على سلعته بالنظر إلى جودتها، وعن المخاطر التي من الممكن أن يصادفها خلال قطع المشوار على رأسها حوادث المرور أو الاعتداءات إلى غيرها من المخاطر الأخرى، قال إنه عادة ما يرافق زميلا له ليؤانسه خلال المشوار ولا يغفل على حراسة نفسه والابتعاد عن بعض الأصناف المشكوك في أمرهم لاسيما في رحلة العودة التي يرفق فيها عائدات اليوم بغية إيصالها إلى العائلة واستعمالها في المصاريف اليومية خلال رمضان المعظم. أما طفل آخر الذي كان يعرض علب فلان فقال إنه أتى من منطقة الخرايسية من أجل ترويج سلعته في المدينة، خاصة وأنه يقطن بدشرة لا تشجع على مزاولة أي نشاط ما دفعه إلى قطع المشوار في كل يوم وضمان ترويج سلعته أمام الأسواق الشعبية. نفس ما راح إليه أسامة الذي التقيناه بساحة الشهداء وهو يعرض مادة القطايف، قال إنه قدم من ولاية البليدة عبر حافلات النقل محملا بقفة من الحجم الكبير تضم أكياس السلعة بغية بيعها بساحة الشهداء، بحيث يخلص من الكمية في لمح البصر ليعود بمداخيلها إلى أمه ويدوم على تلك الحال لمدة ثلاثين يوم وتكون رحلاته بين العاصمة والبليدة، وعن مخاطر الاعتداءات وهو في ذلك السن قال إنه لا يهمه شيئا في سبيل مساعدة عائلته والوقوف إلى جانبها، كما أن أمه تزوده وتسلحه بمجموعة من النصائح في كل يوم قبل خروجه من المنزل على رأسها عدم وضع الثقة في أي كان والعودة بسرعة إلى المنزل بمجرد الفراغ من السلعة. هي إذن يوميات بعض أطفال الجزائر الذين اختاروا تحمل جزء من مسؤوليات أسرهم والتي تكبر نوعا ما مع حلول شهر رمضان المعظم الذي يتطلب مائدة خاصة بعد يوم كامل من الصيام.