من بين الميزات التي يجب أن يتحلى بها كل بائع أو تاجر، هي أن يكون شخصا موثوقا، أي أن لا يخون الثقة التي يضعها فيه الزبون، فلا يغشه ولايكذبه، ولا يسيء إليه، مثلما يفعل بعض أصحاب الهواتف العمومية، والذين يسيئون إلى زبائنهم، حيث يطلعون على الأرقام التي يشكلونها، أو التي يضطر الزبون إلى أن يتركها عنده وهو يشكل رقما ليرسل إليه رصيدا ماليا عبر خدمة الستورم مثلا· ونحن ندخل هاتفا عموميا بالجزائر الوسطى شهدنا صراعا بين صاحب المحل وزبونته كانت تتهمه بأنّه أخذ رقم صديقتها وأنه يضايقها من حين لآخر، لكن صاحب المحل نفى ذلك، وقال إنها تتوهم، وأن من يضايق صديقتها شخص آخر، لكن بدا كأنه ينفي على سبيل إبعاد التهمة فقط، خاصة وأنّه ارتبك كثيرا عندما هددته بأن تخبر الشرطة، وكانت الفتاة قد أتته قبلا لترسل لصديقتها رصيدا، ثمّ اتصلت بها لتسألها إذا ماكان الرصيد الذي بعثت به قد وصلها، فعلم صاحب المحل، وهو شاب في الثلاثين أنّ صاحب الرقم امرأة وأنها صغيرة السن، ذلك أنّ الزبونة اتفقت معها على أن يلتقيا في الجامعة لكي يحضّرا للامتحان فاتصل بها منذ ذلك اليوم، بل صار يتصل بها كل يوم، ورغم أنها صدّته إلاّ أنه كرر المحاولة، وعندما سألت عن صاحب الرقم أدركت أنه صاحب المحل ، فأخبرت صديقتها الزبونة والتي جاءت لتهدّده· تقول لنا سلوى 25 سنة إنها صارت تخشى أن تدخل كشك هواتف عمومية لا تعرف صاحبه، من أجل أن تعبئ حسابها، وتفضل أن تنتظر إلى أن تعود إلى الحي وتتجه مباشرة إلى المحل الذي اعتادت أن تذهب إليه، حتى لا تغامر بأن يسرق رقمها شخص غير موثوق به، فيسبب لها إزعاجا مستمرا، تقول لنا: "لقد أخذ مني رقم هاتفي في مناسبتين اثنتين، وقد عانيت كثيرا قبل أن أتخلص من هؤلاء المزعجين واضطررت لأن أغير الرقم نهائيا، لهذا صرت لا أشتري إلا بطاقات تعبئة أمّا خدمة إرسال الرّصيد فتخليت عنها"· تجار آخرون يفعلون أكثر من مجرد الإطلاع على الرقم المشكل من طرف الزبون لتعبئة رصيده، بل يذهبون إلى درجة الاتجاه إلى الهاتف الذي اتصل منه الزبون أو الزبونة وإعادة تشكيل الرقم عبر الضّغط على زر ريديال هذا طبعا بعد أن يكون قد سمع المحادثة وتأكد بأن صاحب الرقم امرأة، فيتصل، ويحاول أن يغازلها باختلاق أيّ كذبة كأن يقول إنّه أخطأ في الرقم، وهو ما وقع لنريمان، 22 سنة والتي قالت: "لقد اتصلت بي صديقة لي مرّة من هاتف عمومي، ثم وبعد دقائق اتصل بي نفس الرقم فحسبت أنها هي، ولكنه كان صوت رجل، قال إنّه أخطأ وقبل أن يحاول التحرش بي، قطعت الخط في وجهه، حيث أدركت أنّه إمّا أن يكون صاحب المحل، أو أي شخص آخر، ربما زبون قد جرب حظه، ومن غبائه قال إنه أخطأ في الرقم"· يقول لنا طارق 27 سنة، وهو مشرف على كشك هواتف عمومية بوسط الجزائر، إنّ التاجر أو البائع أو صاحب المحل لابدّ أن لا يخون ثقة الزبون، ولا ينحطّ إلى درجة الاطلاع على أسراره، وسرقة أرقام هواتف، ويحكي لنا طارق يقول: "كان يأتيني زبون وكان ابن الحي واسمه منير، كان يأتي ولايفعل سوى الاطلاع على أرقام الزبائن الآخرين، حيث يتظاهر بأنه يتصل، ولكنه يغير الهاتف، وينتقل بين هاتف وآخر لا لشيء إلاّ ليتصل بأرقام يكون الزبائن قد شكلوها، ولم أكن أعلم في البداية ذلك، لكن عندما تفطنت لما كان يفعله منعته نهائيا من دخول المحل"·