بعد أن كانت المقاهي هي الوجهة الوحيدة لأبناء الحي والأصدقاء لكي يتفقوا على أمور حياتية، صارت قاعات الشاي الفاخرة هي الأخرى تستقطب مواطنين، ولكن عادة ما يكون ذلك للتفاهم على صفقات تجارية، أو عمليات احتيال شريرة. مصطفى مهدي فيزا "شنغن" لليونان، "كابا جاية" من أوروبا، مخدرات مهربة من مغنية، سلعة "توب" راهي في"البور".... هي أحاديث قاعات الشاي الفاخرة، او ما يعرف كذلك بالخيمات، يتفقون على صفقات أكثرها غير قانونية، بل أكثرها صفقات واهية أشبه بالأحلام منها إلى الصفقات التجارية، خاصة وان ارتادوا قاعة شاي يباع فيها فنجان القهوة بخمسة عشر ديناراً، إلاّ أن اغلبهم" زواولة" قد لا يملكون حتى ما يدفعون به المشروبات التي يتناولها، لكنهم يجدون الحل يحتالون على هذا الشخص او آخر، ممن يصدق وعودهم، وصفقاتهم التي عادة ما تكون وهمية. ونحن في إحدى تلك الخيمات شهدنا شجارا بين اثنين، رجل أربعيني يبدو عليه الاحترام، وآخر شاب في الثلاثين، رغم الملابس الأنيقة التي يرتديها، إلاّ أنّ البؤس بادي على وجهه، كانا يتشاجران حول صفقة، او ما يشبه الصفقة أجراها الاثنان، قطع غيار مستوردة، أو مُهرَّبة من ألمانيا دخلت إلى الجزائر، او هذا ما كان يقوله الشاب، ولا ندري إن كان على اتصال فعلا بهؤلاء المهرِّبين، أو انه أراد أن يربح بعض الأموال فقط، وانه ليست هناك حتى سلعة آتية من ألمانيا، المهم أن الرجل وحسب ما كان يقوله، خسر في هذه الصفقة أكثر من مليونين، دفعهما إلى الشاب، وفي الأخير تبين أن السعلة لم تدخل، وهو الأمر الذي جعل الرجل يصب غضبه على الشاب الذي يبدو أنه لا يملك ما يدفعه، ليعوضه خسارته، وحاول أن يتهرب من المسؤولية. وإذا كانت هذه الحادثة لم تتعدّ شجارا، قد يتم حله، فان حوادث أخرى ليست إلاّ عمليات احتال، وقد تصل بعضها إلى درجة أن ينتهك عرض فتاة صدقت ما يقصه عليها بعض المنتهزين، والذين لا يكتفون بالاحتيال ولكن بالاتجار بالأحلام، خاصة بالنسبة للخيمات التي تكون محاذية للجامعات، والتي ترتادها بطبيعة الحال الكثير من الفتيات الجامعيات اللائي قدمن من ولايات داخلية، وأخريات يعانين الفقر، وبالتالي يصدِّقن كل ما يقال لهن، وهو ما وقع ل"س" الفتاة الذي قص علينا خير الدين حكايتها فقال إنها كانت تأتي إلى الخيمة لتصاحب بعض الشبان، والذين وعدوها بان يوفروا لها رخصة مرور إلى انجلترا، ولا يزالون يعدونها، ويأخذون منها أكثر مما أرادت لهم أن يخذوا إلى أن اكتشفت بأنها كانت حيلة فقط للإيقاع بها، وفي لحظة غضب حملت سكينا وطعنت به الشاب الذي كان يصاحبها، والذي أصيب بشلل نصفي. الاتجار بالأحلام صار مهنة لبعض المواطنين المحتالين والذي لا يركضون إلاّ وراء الأموال، والصفقات الرابحة، او الاحتيال على البشر بشتى الوسائل.