في مبادرة اعتبرت غريبة وتثير أكثر من تساؤل أعلن التجمع من أجل الحركة الشعبية الحاكم بفرنسا فتح حوار الشهر المقبل حول "مكانة الأديان بشكل عام والإسلام بشكل خاص في فرنسا" وهي المبادرة التي أثارت غضب أحزاب المعارضة اليسارية وتخوفات ممثلي المسلمين في فرنسا من أن يتحول النقاش حول الإسلام إلى إهانة للمسلمين· وأعلن "جون فرنسوا كوبي" الأمين العام للحزب الحاكم بفرنسا عن اعتزام فرنسا تنظيم ندوة يوم 5 أفريل القادم ندوة حول "مكانة الأديان بفرنسا والإسلام بشكل خاص" وهي الندوة التي باركها قصر الإليزي· وفي لقاء مع القناة الثانية الفرنسية برر جون فرنسوا كوبي فتح الجدل حول الإسلام بالعديد من القضايا في فرنسا من قبيل ما اعتبره "تراجع العلمانية في المجال الفرنسي" و"توزيع وجبات الأكل الحلال في المدارس" و"الساعات المخصصة للنساء في المسابح وتفريقهن عن الرجال"· وذهب "جون فرنسوا كوبي" إلى الدعوة إلى منع الخطب بالعربية في المساجد الفرنسية· ويأتي مشروع "الحوار حول الإسلام" في فرنسا بعد أقل من شهر من الحوار "حول الهوية الوطنية" بفرنسا والذي عرف فشلا كبيرا حتى قبل الإعلان عن نتائجه لتعارضه مع التقاليد الفرنسية بالنسبة للعديد من المراقبين· ولقي المقترح ترحيبا من العديد من قيادات الحزب الحاكم الفرنسي فقد اعتبره "فرنسوا فيون" بمثابة حماية للعلمانية فيما باركته رشيدة داتي النائبة في الاتحاد الأوروبي ونفى آلان جوبي وزير الخارجية أن يكون القصد منه إهانة الإسلام والمسلمين في البلاد· استعداء للإسلام وبالمقابل حذر "لوران فابيس" القيادي في الحزب الاشتراكي الفرنسي من أن تتحول الندوة إلى استعداء للإسلام وقال في تصريح صحفي "أخشى أن يكون الحوار حول الإسلام إلى حوار ضد الإسلام" هذا في الوقت الذي أكد فيه برترون دونالوي على نفس التخوفات التي تهدف إلى إهانة المسلمين· وفي نفس السياق اعتبر المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في بيان له "أنه لم يفهم لماذا يثار اليوم مثل هذا الحوار الذي جعل من النقاش حول الإسلام مركز الحوار حول العلمانية في فرنسا" وأبدى المجلس من أن يكون الأمر طريقة من أجل إهانة الإسلام مجددا في فرنسا· وقال بيان المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية إن "الشروط الموضوعية غير متوفرة من أجل حوار جدي حول العلمانية" وأضاف البيان "هذا الحوار يأتي في الوقت الذي يعيش فيه العالم العربي الإسلامي تحولات عميقة وسط ازدياد توظيف النزعات القومية"· وفي رده على دعوته منع اللغة العربية كلغة تستعمل في خطب الجمعة بفرنسا قال دليل أبو بكر عميد مسجد باريس إن العديد من اللغات الأخرى تستعمل في صلوات الأديان بدون إشكال مثل العبرية بالنسبة للديانة اليهودية واللاتينية بالنسبة للمسحيين· وفي تعليقه على هذه الندوة التي يعتزم تنظيمها قال الصحفي "فرنسوا رينار" في تصريحات ل"أون إسلام" إن الأمر "مثير للشبهة والتساؤل" ويضيف رينار "لماذا يقع تنظيم هذه الندوة الآن؟ ولماذا خُص الإسلام بمثل هذه الندوة؟!"· ويضيف رينار "من المفارقة انه في الوقت الذي تندلع فيه الثورات الديمقراطية في العالم العربي تطرح مثل هذه القضية المسقطة في فرنسا وبدل أن تقوم الحكومة الفرنسية بتقديم العون المعنوي والمادي للثورات الديمقراطية فإننا نجده تطرح قضية لا علاقة لها بالسياق الحالي بل تتعارض مع الصورة الايجابية التي برزت في بعض بلدان العالم العربي عبر إرجاع فزاعة التخويف من الإسلام بفرنسا"! ويعتبر العديد من المراقبين أن إثارة مثل هذا "الحوار" حول الإسلام بفرنسا يأتي قبل حوالي سنة من الانتخابات الرئاسية التي ستعيشها فرنسا سنة 2012 والتي أصبح فيها الإسلام ورقة انتخابية من أجل جلب أصوات اليمين المتطرف بفرنسا· وبينت استطلاعات الرأي أن اليمين المتطرف بقيادة "الجبهة الوطنية" أصبح في الأشهر الأخيرة طرفا مهما في أي انتخابات مقبلة حيث احتلت "مارين لوبان" رئيسة الجبهة الوطنية المرتبة الأولى متقدمة على نيكولا ساركوزي في استطلاع للرئاسيات المقبلة· وكان اليمين المتطرف قد نظم أوائل هذه السنة ندوة "ضد أسلمة فرنسا" كما أسماها وهي الندوة التي أثارت الكثير من الجدل ووجوهت بمعارضة واحتجاجات من قبل الجمعيات المسلمة والأحزاب اليسارية الفرنسية· * .. "من المفارقة انه في الوقت الذي تندلع فيه الثورات الديمقراطية في العالم العربي تطرح مثل هذه القضية المسقطة في فرنسا وبدل أن تقوم الحكومة الفرنسية بتقديم العون المعنوي والمادي للثورات الديمقراطية فإننا نجده تطرح قضية لا علاقة لها بالسياق الحالي بل تتعارض مع الصورة الايجابية التي برزت في بعض بلدان العالم العربي عبر إرجاع فزاعة التخويف من الإسلام بفرنسا"!