بعضهم رفع شعار الاتكالية والغش جزائريون لا يحترمون ساعات العمل *العامل الجزائري يعمل 13 دقيقة كل ساعة يعتبر العمل شيئاً مقدساً لدى الكثير من دول وشعوب العالم المتقدم كاليابانيين والألمان والذين استطاعوا أن يحولوا دولهم من دول مدمّرة بالكامل تعاني من الجوع والفقر والمرض ومثقله بالديون مع نهاية الحرب العالمية الثانية. إلى شعوب متقدمة ومتطورة تكنولوجياً واقتصادياً وصناعياً ويضرب بها المثل عالمياً في التمدن والتطور الحضاري والتقني. عميرة ايسر لكن هناك الكثير من الدول والبلدان المتخلفة أو التي تصنف اقتصادياً وحسب التقسيمات السِّياسية الدولية في خانة الدول السائرة في طريق النمو ومنها بالطبع الجزائر والتي لا تعطي شعوبها في الغالب أهمية قصوى للعمل وتعتبره شيئاً هامشياً أو ثانوياً ولا تجعله في سلم قيمها الأخلاقية أو الاجتماعية أو الدينية وذلك بخلاف كل الشرائع والقوانين السَّماوية والوضعية التي تجعل من العمل وإتقانه مفتاح الحياة المرفهة والمتحضرة وعماد الأمم والضامن لنهضتها وفي جميع المجالات. الدين الإسلامي يرفع من قيمة العمل فالدين الإسلامي في تشريعاته قد أعلى من شأن العامل والعمل إذ قال تعالى في محكم آياته {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} وقال رسول الله عليه أفضل الصلاة وأزكي التسليم {لأن يأتي أحدكم بحزمة من حطب فيبيعها خير له من سؤال الناس أعطوه أم منعوه} وقوله لأحد الصحابة رضي الله عنه وأرضاه عندما رأى يديه وقد تقرحتا من شدَّة العمل {هاتان يدان يحبهما الله ورسوله} ولكن كل هذه النصوص الشرعية قد ضرب بها الكثيرون في مجتمعنا عرض الحائط وزيِّنوا بها مكاتبهم ومحلاتهم وبيوتهم فقط فأصبحت مظاهر التَّسيب والإهمال وعدم إتقان العمل والتهرب منه وتعطيل مصالح الناس في الإدارات والمؤسسات العمومية وحتى الخاصة والتأخر عن ساعات الدوام الرسمي ممارسات يومية تطبع يوميات معظم الموظفين في بلادنا فالقاعدة العالمية في احترام ساعات العمل والصرامة والجدية وعدم التهاون فيه أضحت شيئاُ استثنائياُ ونادراُ أيضاُ في الكثير من أماكن العمل داخل المقرات والمؤسسات الوطنية. الجزائر في ذيل المراتب في سلم احترام العمل وحسب تقارير المنظمات الدولية التي تعني بمراقبة تطور المجتمعات وتسارع وتيرة تطورها فإن الجزائر حلَّت في المراتب المتدنية في سلم الدول الأكثر احتراماً وإدماناً على العمل ومنها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والتي تحدد عدد ساعات العمل التي يجب أن تلتزم بها جميع الدول في المتوسط بحوالي 1766 ساعة سنوياً وعلى خلاف المتوقع حلت المكسيك في المرتبة الأولى عالمياً بأكثر من 2246 ساعة عمل سنوياً متبوعة بدولة كوستاريكا بحوالي 2230 ساعة عمل سنوياً فيما احتلت دولة اليونان التي تتهم من طرف الدول الغربية الكبرى بأن شعبها كسول وغير منتج وهذا ما سبَّب لها الإفلاس المالي والاقتصادي الذي وصلت إليه المرتبة الرابعة بواقع 2042 ساعة عمل وبالتالي فالشعب اليوناني يعتبر من أكثر الشعوب السَّلافية والأوربية من حيث إدمانه على العمل وأحصى التقرير 35 دولة والتي تعتبر الأقل عملاً في العالم وعلى رأسها ألمانيا إذ لا يعمل الألمان حالياً سوى 1371 ساعة سنوياً يليهم الهولنديون بحوالي 1419 ساعة عمل سنوياً. العامل الجزائري يعمل 13 دقيقة كل ساعة أما الدول العربية ومنها الجزائر فقد احتلت ذيل القائمة وهذا ما تؤكده دراسة بحثية أعدها مجموعة من الخبراء الجزائريين والتي جاء فيها بأن العامل الجزائري لا يعمل سوى 13 دقيقة كل ساعة في المجمل وهذه الدراسة الموثقة تنفي بعض الأرقام التي قدمها بعض الخبراء الاقتصاديين والتي ترفع عدد ساعات العمل لدى الفرد في مُجتمعنا إلى حوالي 173 ساعة شهرياً أي 2076 ساعة سنوياً وفي المضمون فإنه لا يوجد تناقض بين ازدياد ساعات العمل وتطور المجتمعات والدول كما قد يعتقد البعض. إذ أن دولاً متطورة كألمانيا وفرنسا قد استطاعت وعبر عقود من الزمن وبفعل تداخل عدَّة عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية أن تبنى اقتصاديات صناعية متطورة والتي تًستخدم فيها أفضل أنواع التكنولوجيات الصناعية حيث اعتمدت تلك الدول على الصناعات الذكية وقلَّصت من ساعات العمل البشرية لأنها استعاضت بالآلات عوض البشر. فاقتصادياتها تعتمد على الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على عكس الدُّول النامية والتي لازالت اقتصادياتها متخلفة وتعتمد على ما يبذله الإنسان من جهد عضلي وجسدي وبالتالي فإن ساعات العمل بها مرتفعة. أجيال اتكالية تهدد اقتصاد البلاد الوضعية الاقتصادية الصعبة التي وصلت إليها البلاد يُعتبر عدم تقديس العمل واحترامه من أهم مسبّباتها. إذ أنَّ النظام الأبوي لاقتصاد الدولة منذ الاستقلال قد خلق أجيالاً إتكالية لا تقدر قيمة العمل كقيمة اجتماعية مُهمة والتي تُعتبر الركيزة الأساسية في تطور الأمم والشعوب وبدل أن نتَّجه لخلق اقتصاد مُنتج وفعَّال وقوي يضمن لنا الاستقلالية الاقتصادية والغذائية اعتماداً على العمل لساعات إضافية متواصلة كما فعلت ماليزيا في عهد رئيس وزرائها الدكتور مهاتير محمد رائد النَّهضة الصناعية والاقتصادية هناك حيث كان يعمل الفرد الماليزي 9 ساعات في اليوم منها ساعة إضافية يهديها لماليزيا والتي أصبحت بفضل ذلك ضمن مجموعة النمور الأسياوية. لابد من تقدير قيمة العمل ولأن الأزمة تلد الهمة فعلينا كأفراد في مجتمعنا أن نعرف جيداً ما للعمل من قيمة خصوصاً وأن البترول كمادة خام والذي يعتبر المصدر الرئيسي إن لم يكن الوحيد لجلب العملة الصعبة والتي نستطيع بواسطتها استيراد معظم حاجياتنا يوشك على النفاد وعلى السلطات الاقتصادية والسِّياسية العليا في الدولة أن تكون لها إستراتيجية اقتصادية طويلة المدى لتحقيق الاكتفاء الذاتي اقتصادياً على الأقل وأن تفعِّل القوانين الردعية والتي يمكن أن تكون من أهم الأسباب التي قد تدفع الجزائريين لبذل المزيد من الجهد والوقت وإتقانهم لأعمالهم فإن هم لم يفعلوا ذلك رغبةً في الثواب فخوفاً من العقاب الزجري بالتأكيد.