يفضِّل الكثير من المواطنين شراء الكتب ليس من المحلات، ولكن من البائعين الذين يعرضون سلعهم في الساحات العمومية والأرصفة، والذين يضعون مختلف الأشكال والأحجام لكتب بعضها جديد، وأكثرها قديمة، ولكن لا أحد غير الزبون يهتم بالكتب التي يعرف قيمتها، ولهذا فإن المواطنين عادة ما يتجهون إلى باعة الأرصفة للبحث عن عناوين قد تكون اختفت من المكتبات منذ سنوات عديدة· اتجهنا إلى ساحة البريد المركزي وحاولنا التقرب من بعض هؤلاء الباعة، كيف يشترون سلعهم، وكيف يبيعونها، فحدثونا عن كل شيء، وعن الزبائن الذين يأتونهم، فقال لنا فريد، إنه يمارس هذه التجارة منذ أكثر من سنة، وإنه قبل أن يكون بائع فهو يحب الكتب، ويحب القراءة، ولهذا فإن هذه المهنة بالنسبة له هي حلم راوده صغيرا، وكبر معه، أن يبيع الكتب، ولو أنه تمنى أن يكون له محل خاص به، إلا أن قراءة الكتب، والجلوس للبيع هو أيضا مهنة جميلة، فريد قال إن أكثر الكتب التي يبيعها كان قد اشتراها له، وقد كون مكتبة كبيرة، لكن الظروف اضطرته إلى أن يبيعها، إلا أنه وجد متعة كبيرة في هذا العمل، خاصة وأنه صار يقتني الكتب ليبيعها، فيستغل الفرصة ويقرأها، ثم أصبح لا يبيع كتابا قبل أن يقرأه وهو الأمر الذي ضاعف من معارفه، ويقول لنا إنه قرأ إلى حد الآن كتباً كثيرة تتعلق بالأدب الجزائري، وكذا الأدب الفرنسي القديم، لأنه لا يملك كتبا جديدة· سفيان من جهته بائع للكتب، كان يتكىء على طاولته، ويتحدث إلى المواطنين، يشرح لهم تارة مضامين الكتب التي يملكها، ويخبرهم عن السعر تارة أخرى، وقد قال لنا إن كل الكتب يبيعها بسعر واحد، وإنه صار معروفا بين المواطنين، وبين المثقفين الذين يأتون إلى المكان، والذين عادة ما يتجهون إليه مباشرة لكي يقتنوا بعض العناوين التي تهمهم، بل إنه صار يحضر كتبا حسب الطلب، أي أن بعض المواطنين يطلبون منه بعض العناوين التي يسعى إلى إحضارها، ويقول إنه يشتري تلك الكتب من الأفراد، أي مواطنين يأتونه محملين بعناوين يعرضونها عليه، وهو يختار منها ما يشاء، وعادة ما يشتري كتبا في كل الاختصاصات، لأن زبائنه، يؤكد لنا، هم زبائن من كل الفئات، وطلبة من كل الأعمار والتخصصات، ولهذا فإنه يتعامل معهم جميعهم، وبالرغم من أنه يحب الطب وكل ما يتعلق بالعلوم والمعارف، إلا أن ذلك لا يمنعه من الاهتمام بالأدب، خاصة وأن أغلب المواطنين الذين يأتونه، يقول، يطلبون الروايات والقصص، وحتى الدراسات الأدبية، خاصة وأن الجامعة المركزية غير بعيدة عنه، والتي يدرس فيها طلاب اللغات والآداب، والذين يفضلون أن يشتروا من تلك الساحات عوض أن يقتنوا كتابا يفوق سعره آلاف الدينارات من المكتبات·