بعد أن شوّهتها عبارات الغزل وتواريخ الذكريات تماثيل حديقة الحامة تسترجع رونقها لاستقبال زائريها استرجعت تماثيل الحديقة الانجليزية بحديقة التجارب بالحامة بالجزائر العاصمة رونقها الأصلي بعد انتهاء أشغال ترميمها التي جاءت لتدارك حالة التشويه والتدهور الذي وصلت اليه جراء ممارسات غير مسؤولة من قبل مرتادي الحديقة حسبما لوحظ. خ.نسيمة /ق.م سمحت أشغال الترميم والتهيئة لتمثال راقصة أولاد نايل بالتخلص من مساحيق التجميل وعبارات الغزل و تواريخ الذكريات التي رسمها الزائرون بكل زوايا التمثال كما استرجعت منحوتة العازف الأمازيغي عود الناي المكسور وأصبح تمثال سيدة الصحراء يبدو وكأنه يبتسم من جديد بعد أن تمكنت السيدة من مدّ يديها لتربط وشاحها مجسدة لرؤيا النحات الفرنسي إميل جون جوزف قوديسار للتقاليد والعادات الأصيلة لمختلف نواحي الوطن. أشغال الترميم امتدت أيضا لتشمل التمثال النحاسي لسيدتين من قبيلة اولاد نايل أمسكتا بايدي بعضهما البعض في صورة تكاد تُحاكي أمر النهي عن الاقتراب منهما مجددا حتى يُحجم زائرهما عن الاقتراب منهما و يكتفي بالمشاهدة دون تشويهها بجرة قلم لتدوين تاريخ زيارته باسمه. فمنذ أيام قليلة فقط عادت لتماثيل الحامة صورتها القديمة بعد انتهاء اشغال الترميم التي قام بها الفنان النحات علي بوخالفة بعد أسابيع من العمل المُضني حرص من خلاله على تدارك وضع قال عنه في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية انه أصبح كارثيا وكاد أن يصل حد الإتلاف الكلي لهذا المكسب الفني الذي يعود تاريخه لسنة 1920 تاريخ إهداء الفنان الفرنسي لهذه المنحوتات للحديقة. واضاف أنه نال شرف ترميم تلك التماثيل لفنان بحجم النحات العالمي قوديسار وقد توجب عليه أن يتقمّص روحه الفنية من اجل العمل في منحوتاته لإيفائها حقها و قيمتها الفنية بكل أمانة وصدق . السلفي سبب في تشويه المنحوتات ومسّ التشويه الذي طال المنحوتات نحو 70 بالمائة من بعضها بسبب تسلق بعض من الزوار لها من اجل التقاط صور السلفي حسب السيد بوخالفة الذي اكد أن عملية الترميم تمت على عدة مراحل وقد بدأت العملية بالتخلص من كل الكتابات المشوهة لها ثم إعادة ترميم الأطراف المكسورة تماما للتماثيل كعود عازف الناي ورجليه و اذرع صاحبة الوشاح ورجلي الراقصة النايلية مع استخدام مواد أصلية في عملية النحت على الصخر. ويذكر أن الفنان بوخالفة علي سبق له العمل على عديد التماثيل الفنية بمختلف ولايات الوطن وهو خريج معهد الفنون الجميلة بباريس بفرنسا وهو ذات المعهد الذي تخرج منه النحات إميل جون جوزف قوديسار الذي ولد في الجزائر وأعجب بجمالها وجمال تقاليدها واختار أن يجسّد بعضا من صورها في منحوتات وتماثيل توجد عبر عديد ولايات الوطن. سلوكات غير حضارية لرواد الحديقة من جهتها قالت السيدة سناء جبالي المكلفة بالإعلام لدى حديقة الحامة إن إدارة الحديقة اختارت الحفاظ على تماثيل الحديقة عن طريق ترميمها من قبل فنان متخصّص في المجال ويملك الخبرة اللازمة لذلك. وأشارت في نفس الوقت الى انعدام الوعي بقيمة هذه التماثيل الفنية و السلوكيات غير الحضارية لرُواد الحديقة التي تسببت في اتلاف كبير لأربعة من تماثيل الحديقة الانجليزية بالرغم من وجود لافتات تبين أهميتها وتاريخها وارتباطها بتقاليد وعادات الجزائريين الراسخة في التاريخ. وقالت المتحدثة إن إعادة تسييج تلك التماثيل سنة 2015 لحمايتها من الزوار لم يمنع الكثير منهم من اجتياز الحواجز من اجل التقاط صور تذكارية وصلت الى حد البعض الى تسلق التماثيل ما تسبب في كسر عود الناي للرجل الأمازيغي وتحطيم أذرع تمثال الراقصة النايلية. مساحيق تجميل وعبارات على التماثيل! وقالت أن الإدارة وعمال ورشة صيانة الحديقة اضطروا الى إعادة دهن التماثيل المتضررة من الكتابات التي يدونها الزوار والتي شوهت منظرها كليا حيث وصل الامر عند البعض الى استعمال مساحيق التجميل في وجوه التماثيل والى كتابة جمل وأسماء وتواريخ و عبارات كان من الصعب إزالتها دون عملية ترميم شاملة وبتقنيات خاصة لا يفقهها الى متخصص في المجال. وقال المدير العام للحديقة السيد بولحية عبد الكريم أن عملية الترميم التي تدخل ضمن استراتيجية ادارة الحديقة بغية تطويرها والحفاظ على كل مكتسباتها لا يمكن ان تستمر دون مشاركة وحفاظ من الزوار الذين يتوافدون بأرقام قياسية في بعض الفترات الى ما يعرف برئة العاصمة. وقال إن الإدارة تلقت عدة تهاني من قبل الزوار بعد اطلاعهم منذ ايام قليلة على الوجه الجديد الذي تبدو عليها التماثيل بعد عملية ترميم استمرت قرابة الشهرين. 75 مليون سنتيم لإعادة الترميم والتهيئة وأضاف انه تم تخصيص ميزانية تقارب 75 مليون سنتيم للعملية وشملت أيضا الحجر الكبير الذي يتوسط الحديقة ويرمز الى أنثى الفيل التي تحمي صغيرها والتي تعرضت ايضا الى تخريب متواصل وتشويه من قبل بعض الزوار. وأضاف أن التهاني لا تكفي وحدها للحفاظ على جمالية حديقة الحامة التي تحتاج الى قدر أكبر من الوعي و المسؤولية من قبل الزوار من اجل الحفاظ على كل ما يتعلق بحديقة هي ملك في الأساس لكل الجزائريين الذين يقصدونها من جميع ربوع الوطن . وسجلت الحديقة الممتدة على مساحة 32 هكتارا أزيد من 500 ألف زائر طيلة موسم الاصطياف المنصرم (من شهر جوان إلى اوت 2017) وعرف شهر أوت ذروة النشاط في تلك الفترة بتسجيل أكثر من 268 ألف زائر.