قال الصليب الأحمر الدولي إن 800 شخص قتلوا منذ الثلاثاء الماضي بساحل العاج في معارك ضارية للسيطرة على مدينة دويكوي الغربية، في وقت ضيّقت فيه قوات الرئيس المعترف به دوليا الحسن وتارا الخناق في أبيدجان على الرئيس المنتهية ولايته لوران غباغبو الذي جدد مع ذلك رفضه التنحي رغم انشقاقات متزايدة في صفوف أنصاره، وسط أعمال نهب وسلب واسعة ونزوح كبير للسكان. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية أمس عن متحدثة باسم الصليب الأحمر في جنيف قولها "لا شك في أن شيئا كبيرا حدث في هذه المدينة (دويكوي)، والصليب الأحمر يواصل جمع المعلومات". وأضافت أن موظفي الصليب الأحمر شاهدوا بأنفسهم أعدادا كبيرة من الجثث في المدينة التي سقطت أخيرا في يد قوات وتارا. كما تحدثت هيومن رايتس ووتش عن مدنيين كثيرين قتلوا بنيران قناصة في ترايشفيل (حيث توجد قاعدة للحرس الجمهوري) وفي بور بوي الجنوبية. وجاءت الأرقام في وقت تشهد فيه أبيدجان قتالا ضاريا تركز قرب مقر التلفزيون -الذي انقطع بثه الخميس واستؤنف الجمعة ببث صور مؤيدة للرئيس المنتهية ولايته- وقرب مقر إقامة غباغبو والقصر الرئاسي، إضافة إلى قاعدتين عسكريتين كبيرتين. وحلقت في سماء أبيدجان مروحيتان تابعتان لقوة حفظ السلام الأممية لم تتدخلا في المعارك. وحسب تقرير داخلي حصلت عليه رويترز، تحدثت بعثة السلام الأممية عن خمسة من جنود غباغبو قُتلوا بنيرانها في معارك بأبيدجان، وعن ثلاثة من جنودها جرحوا في حادث منفصل. وتقدمت نحو أبيدجان (كبرى مدن البلاد) من الغرب والشرق والوسط قواتٌ مؤيدة لوتارا، يُتوقع أن تصطدم بمقاومة ضارية من القوات التي ما زالت تؤيد غباغبو، خاصة الحرس الجمهوري الذي يعد 2500 جندي من النخبة. واتهمت البعثة الأممية قوات غباغبو بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين، لكنها تحدثت أيضا عن تقارير غير مؤكدة تفيد بانتهاكات ارتكبتها قوات وتارا. واتهم سفير لبنان في ساحل العاج علي عجمي متحدثا للجزيرة بعثة السلام الأممية نفسها بأنها لا تفعل ما فيه الكفاية لحماية المدنيين. وتحدث عجمي عن وضع يسير من سيئ إلى أسوأ وعن أعمال نهب وسلب لم يرَ لها مثيلاً، وحذّر من خطر يحدق بالجاليات العربية خاصة اللبنانية وهي أكبرها وتعد مائة ألف شخص، يلعبون -حسب قوله- دورا اقتصاديا مهما جدا، يجعلهم يتحكمون في 50% من اقتصاد البلاد. وقال إن 400 إلى 500 لبناني نقلوا إلى مقر البعثة الفرنسية، وإلى كتيبة أردنية تابعة لقوة حفظ السلام الأممية، وتحدث عن انفلات أمني وحالة غموض تكتنف الوضع. من جهتها أفادت السويد بمقتل موظفة سويدية بعيار ناري في أبيدجان. وباتت ساعات غباغبو معدودة حسب حكومة وتارا التي أمرت بإغلاق حدود البلاد البرية والجوية والبحرية بعد أمر بفرض حظر تجول ليلي. لكن متحدثا باسم غباغبو قال إنه لن يتنحى، و"سينقل المقاومة إلى الشعب؟"، واصفاً ما تقوم به قوات غريمه بأنه "انقلاب". كما قال مستشار له من باريس إن غباغبو لن يستسلم، لكنه رفض أن يقول هل هو موجود في أبيدجان أم لا. وحث الاتحاد الأفريقي أمس غباغبو مجددا على التنحي فورا "لتقصير معاناة شعبه"، ودعته واشنطن إلى أن "يُحسن قراءة المؤشرات"، وطالبه وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله "باحترام إرادة شعبه وتمهيد الطريق أمام مستقبل سلمي" لبلاده. وانشق عن غباغبو كثيرٌ من كبار المسؤولين أحدثهم قائد جيشه الذي لجأ مع عائلته إلى إقامة سفير جنوب أفريقيا في أبيدجان. وقتل بضع مئات من الأشخاص منذ بدء الصراع بين غباغبو ووتارا مع إعلان نتائج انتخابات الرئاسة قبل أربعة أشهر، واضطر مليون شخص على الأقل إلى النزوح من أبيدجان وحدها.