انتهى "النقاش" الذي دعا إليه حزب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، "الاتحاد من أجل حركة شعبية"، حول "العلمانية وموقع الإسلام في فرنسا" وسط احتجاجات واعتراضات من قبل المنظمات والجمعيات الإسلامية، ومقاطعة بعض رموز الحزب الحاكم، وعلى رأسهم رئيس الوزراء فرانسوا فيون. وقد شهد النقاش تبايناً وخلافات في وجهات النظر التي ترفض الإسلام على الطريقة الفرنسية، الذي يدعوا خطباء الجوامع الإسلامية بإلقاء خطبهم الدينية باللغة الفرنسية، وتنظيم الاحتفالات والممارسات الدينية ضمن القوانين الفرنسية. وأكد الأمين العام للحزب الحاكم في فرنسا جان فراسوا كوبي ل"العربية" احترام بلاده لجميع الأديان وعدم وجود أي مبرر لمخاوف الجاليات الإسلامية من هذا النقاش، قائلاً: "كم أنا مسرور من سير النقاش الذي جرى بشكل معتدل، ووسط احترام متبادل، فممثلو الأديان والعلمانيون عبروا بكل حرية عن آرائهم، ولا بد من القول بأن القوانين الفرنسية تحترم الأديان ولا تتعارض مع ممارسة الدين كحرية فردية، ولا أعرف لماذا هذا الخوف من هذا النقاش الذي جرى؟. ورفض المشاركون توجيه أصبع الاتهام إلى الإسلام، وكانت رسالة النقاش هي العيش بسلام. ومن ناحيته، أبدى تيري مارياني وزير النقل الفرنسي والعضو البارز في الحزب الحاكم استغرابه من عدم مشاركة ممثلي الجاليات الإسلامية في النقاش، قائلاً ل"العربية" "ولأن اليسار قد شوه صورة هذا النقاش، ورأيتم أن النقاش كان مفيداً للجميع، وسيندم من لم يحضر هذا النقاش المهم، والذي تأخر كثيراً، ولا بد للأجيال من أبناء المسلمين معرفة مستقبلهم". وتزامناً مع نقاش حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، تظاهر العشرات من أعضاء الحزب الحاكم وهم من أصول عربية، وقاموا بإلغاء عضويتهم معلقين نجمات خضراء على صدورهم، على غرار ما جرى لليهود بعد الحرب العالمية الثانية، وأعلنوا عن تنظيم تظاهرات ترفض سياسة حزب ساركوزي. ومن جانبه، أوضح عبد الرحمن دحماني مستشار الرئيس ساركوزي لتقريب الأديان والتعددية موقفه قائلاً: "نحن لا نرفض النقاش حول العلمانية، يناقش المسلمون كل جمعة ويناقش اليهود والمسيحيون في دور عبادتهم، ولكني أسأل: لماذا يدور النقاش حول الإسلام في مقر الحزب الحاكم؟". وكان ممثلو الديانات الكبرى في فرنسا رفضوا الأسبوع الماضي النقاش حول العلمانية والإسلام، معربين عن قلقهم في بيان. ونشر ممثلو الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس والمسلمين واليهود والبوذيين في فرنسا مقالاً أكدوا فيه أن "العلمانية من ركائز ميثاق فرنسا الجمهوري ودعائم ديمقراطيته وأساس الرغبة في العيش المشترك". الحزب الاشتراكي من جهته رفض بشدة هذا النقاش، واعتبرت أمينته العامة مارتين أوبري أنه يأتي لدوافع انتخابية، ولكسب أصوات اليمين المتطرف. الاقتراحات المهمة التي خرجت بها ندوة العلمانية والإسلام تتركز على تأكيد تعميق مبادئ فرنسا العلمانية من قبل البرلمان، وإصدار قرارات وقوانين تتعلق بالعلمانية وتمهد لإصدار قانون عام لحرية الأديان، واستمرارية عقد مثل هذه النقاشات لتقريب وجهات النظر.