المونديال في قلب الحرب العالمية الثانية بعد أن أنهينا الحديث عن الدورة الثالثة التي جرت بفرنسا عام 1938 والتي توج بلقبها المنتخب الايطالي على حساب المجر في حلقة اليوم لن نحدثكم عن مجريات الدورة الرابعة التي جرت بالبرازيل عام 1950 بل سنتحدث مطولا عن السنوات الاثنى عشر التي سبقت إجراء البطولة الرابعة وقد يتساءل البعض عن سر عدم إجراء نهائيات كأس العالم طيلة اثنى عشر سنة؟ الجواب عن هذا السؤال بسيط جدا والسبب ان الحرب العالمية الثانية التي خلفت أكثر من 50 مليون قتيل ومئات الملايين من الجرحى ومن بين هؤلاء المتوفين نجوم في كرة القدم شاركوا مع منتخبات بلدانهم في كأس العالم في دوراته الثالثة وستكون لنا وقفة مع بعض من هؤلاء النجوم الذين ذهبوا ضحية غطرسة زعيم النازية هتلر الذي أراد الاستحواذ على العالم بمفرده. وحتى لا نطيل عليكم نترككم تعيشون الأجواء التي ميزت العالم قبل واثناء وبعد الحرب العالمية الثانية كما سنحدثكم عن المكان الذي وُضعت فيه كأس العالم خوفا من أن تصلها أيادي النازية فاحزموا أنفسكم ولنسافر إلى سنوات الحرب العالمية الثانية. آخر اجتماع لأعضاء الفيفا قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية التاريخ: السبت 3 جوان 1938 المكان: العاصمة الفرنسية باريس. تزامن هذا التاريخ مع أول يوم من انطلاقة نهائيات كأس العالم الثالثة بفرنسا اجتمع أعضاء الاتحاد الدولي لكرة القدم برئاسة الفرنسي جون ريمي ودرس المجتمعون الكثير من القضايا التي تهم مستقبل اللعبة لكن وبما ان تلك الأيام كان فيها العالم على فوهة بركان بسبب بودار الحرب العالمية الثانية كان من البديهي ان يطغى على هذا الاجتماع المكور لأساسية خاصة بعد القرار الذي اتخذه الرئيس الألماني النازي اودولف هتلر مع صديقه الفاشي الايطالي موسيليني بان تقام البطولة الرابعة من كأس العالم بألمانيا عام 1942 رغم انف الاتحاد الدولي. لكن ما عساه ان يفعله ضعفاء الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا وقد قرر هتلر وما أدراك ما هتلر في تلك الفترة ان البطولة العالمية ستقام بألمانيا وقد أرسل هتلر بخطاب سري إلى جون ريمي رئيس الفيفا قبل انعقاد هذا الاجتماع هدده فيه بالوعيد ان خالف أمره خاصة إذا علمنا ان هتلر كان ينظر إلى الفرنسيين بعين الاحتقار وكان يعتبرهم من اشد أعداء الألمان ومما كان يدور بداخله هو ضرورة إبادة الفرنسيين بل يجب محو فرنسا من الخارطة العالمية. جون ريمي رئيس الفيفا وبما انه كان يعلم علم اليقين انه إذا عارض طلب هتلر سيكون مصيره الموت جاء الاجتماع الموعود وعلامة الخوف بادية على الجميع خاصة بعد ان كشف جون ريمي فحوى الرسالة السرية التي توصل بها من هتلر الامر الذي جعلهم يوافقون على ما تم الاتفاق عليه بين هتلر وموسيليني في مطلع عام 1938 خلال اللقاء الذي جمع الرجلين النازيين بمدينة دوسلدورف الألمانية. لكن وبما ان جون ريمي كان قد وعد البرازيليين إذا لم يقاطعوا الدورة الثالثة بفرنسا 1938 سيتم مكافأتهم بمنح البرازيل شرف احتضان البطولة للم شمل دول القارة الأمريكية بعد مقاطعة جل البلدان للدورة الثالثة . وكانت رغبة الاستضافة تتنازعها ألمانياوالبرازيل وقد رأى المجتمعون تأجيل اتخاذ قرار بهذا الشأن للاجتماع المقبل الذي كان من المفترض أن يُعقد في لوكسمبورغ عام 1940م لكن هل انعقد هذا الاجتماع؟ تابعوا القراءة لتتعرفوا عن فحوى إجابة هذا السؤال. اجتماع لوكسمبورغ كما توقع الكثيرون أثناء الدورة الثالثة من كأس العالم التي جرت بفرنسا حيث لم تمر الا بضعة أشهر عن تتويج المنتخب الايطالي باللقب العالمي حتى انفجر بركان الحرب العالمية الثانية الامر الذي ألغى كل شيء فباتت لغة الرصاص ورائحة الموتى وكل ما شبه ذلك حياة البشرية. ولسوء الحظ كانت القوات الالمانيه تدك في ذلك الوقت حدود جيرانها معلنة الحرب العالمية الثانية وتوقفت كل الأمور اليوميه العاديه للناس. فكلما يمر يوم كلما يشهد العالم وفاة الآلاف من البشرية وكيف بهؤلاء يفكر بإقامة بطولة عالمية والحرب العالمية الثانية تودي بحياة الملايين وتخلف دمارا هائلا في اللبنية التحتية خاصة في القارة الأوروبية موطن هتر وموسيليني وجمع اعدائه. كأس العالم في بنك روما كان التخوّف على كأس العالم من أن تُصاب بالتلف أو الضياع أو السرقة أمراً وارداً ولذلك أودعت خلال الحرب العالمية الثانية في خزانة غير قابلة للكسر في بنك روما وغفت كأس العالم في سبات عميق 12 عاماً بسبب ويلات لحرب العالمية الثانية التي حصدت الملايين من البشر وسبّبت الدمار للكثير من الأشياء الجميلة التي كانت مألوفة يومذاك. وعطلّت الحرب حتى النشاطات اليومية للناس العاديين وكان لا بد لكرة القدم أن تنضوي في الظلال متحفزة في انتظار فسحة هدوء وهدنة لتعود من جديد ساحرة للناس آخذة بالألباب لكن دوّي المدافع الذي استمر طويلاً توقف وصمت فعادت عجلة كرة القدم للدوران من جديد. ومع هذا التاريخ كانت جحافل قوات هتلر تدك حدود جيرانها وتمضي أبعد من ذلك بكثير كأس العالم تحت السرير وفي علبة حذاء وبعد تسرب اخبار مفادها ان الألمان والطليان كانوا يريدون تقديمها هدية لل فوهرر هتلر جنود ثم خبأها رئيس اتحاد كرة القدم الإيطالي باراسي تحت سريره وقاومت هذه الكأس القصف الذي نجت منه غرفة الأخير وفي عام 1943م نقل الأمين العام للفيفا الكأس إلى سويسرا. وحين وضعت الحرب أوزارها أراد أعضاء الاتحاد الدولي لمسابقة كرة القدم أن تواصل نشاطها يقول باراسي في حديث مطول خص به مجلة فرانس فوتبول فور انتهيا الحرب العالمية الثانية. خوفا ان تضيع كأس العالم وتتعرض إلى السرقة قمت بإخفائها تحت سريري طوال الحرب العالمية الثانية ووضعتها في علبة حذائي الخاص ولم اكشف سر وجود هاته ألكأس لأي كان فالوحيدة التي كانت تعلم عن مكان وجودها هي زوجتي وقد حذرتها ان أفشت السر ويضيف يقول باراسي قلت لزوجتي إذا تعرضت انا إلى مكروه من طرف النازيين الألمان عليك الاحتفاظ بالكأس إلى ان تنتهي الحرب العالمية الثانية وتسلميها إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم لمواصلة التنافس عليها لكن ماذا إذا مات الاثنين باراسي وزجته؟ يجيب باراسي وضعت بداخل العلبة التي كان بداخلها كأس العالم ورقة وكتبت عليها أرجو من يجد هذه ألكأس ان لا يأخذها معه فهذي هي كأس العالم التي يتنافس عليها جميع منتخبات المعمورة ويجب ان تقدم إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم . انتهت الحرب.. كأس العالم في سلام لقد كتب لكأس العالم ولمؤسسها جون ريمي النجاة من ويلات ودمار الحرب العالمية الثانية وعندما انجلى غبار الحرب وعاد أعضاء الاتحاد الدولي للاجتماع عام 1946بللوكسمبورغ لم يكن هناك سوى.... ترى من هو هذا البلد الذي كان وحيدا المؤهل لاحتضان البطولة العالمية الرابعة؟ تابعوا القراءة للتعرفوا على هوية هذا البلد وقبل ذلك لماذا اطلق على كأس العالم اسم جون ريمي فور انتهاء الحرب العالمية الثانية. اعترافا بفضله... تسمية كأس العالم بجون ريمي في منتصف عام 1946 أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا ان كأس العالم ستسمى كأس جول ريميه تقديراً لجهود هذا الأخير في تحويل الحلم إلى حقيقه وكذلك نجاة ألكأس من الغزاة الألمان الذين سعوا جاهدين أثناء الحرب العالمية الثانية العثور على ألكأس الذهبية الغالية لكن دون جدوى. مقر الفيفا بزوريخ لم يغلق إبان الحرب ظل مقر الاتحاد الدولي في زيوريخ مفتوحاً طوال سنوات الحرب العالمية الثانية وخوفا ان تطاله قنابل الحرب تم وضع جميع الوئائق المهمة في صناديق وأخفيت في أماكن سرية. لكن ماذا عن كأس العالم التي توج بها المنتخب الايطالي مرتين ومنتخب الاورغواي مرة واحدة؟ ذلك ما سنتعرف عليه حالا. مات هتلر وانتظرت ألمانيا 38 سنة لتحتضن المونديال كان من المقرر أن تحتضن ألمانيا البطولة الرابعة عام 1942 لكن وبسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية والتي أودت بحياة زعيم النازية هتلر فوت على ألمانيا ان تحتضن هذا لعرس الكروي الكبير وانتظر الألمان 38 سنة كاملة لإقامة المونديال بالأراضي الألمانية وذلك في صائفة عام 1974 وهي البطولة التي عاد لقبها للألمان بفوزهم على الجارة هولندا وهو ما سنتعرف عليه في أعدادنا اللاحقة. وفاء جون ريمي كما وعد به جون ريمي البرازيليون بان تقام البطولة الرابعة باراضايهم شريطة ان لا يقاطع المنتخب البرازيلي الدورة الثالثة التي جرت بفرنسا عام 1938 كان الرجل عند وعده فحتى وان كان مقررا ان تقام البطولة الرابعة بألمانيا لكن وفاة هتلر وسقوط ألمانيا في يد جيوش الحلفاء مهد الطريق لبرازيل بان تحتضن البطولة الرابعة ولاتي حدد موعد إقامتها صائفة عام 1950. وتم ترسيم احتضان البرازيل لبطولة العالمية الرابعة في مؤتمر لوكسمبورغ المنعقد في شهر جوان عام 1946 ومعه بدا لعد العكسي لعودة البطولة العالمية إلى سيالف عهدها. ملعب ماراكانا.. الجوهرة فور ترسيم دولة البرازيل لإقامة البطولة العالمية الرابعة راحت الدولة البرازيلية تشيد ملعبا ضخما بمدينة ريو دي يجانيور يتسع لحوال 200 الق متفرج وقد سعت الحكومة البرازيلية ان يكون هذا الملعب جاهزا لاحتضان مباريات البطولة الرابعة حيث وخصصت له ميزانية ضخمة من اجل إنهائها في الآجال المحددة. أقول بذلت البرازيل كل ما في وسعها لبعث الروح في جسد الكره العالمية التي تأثرت إلى حد كبير بالحرب وأثارها وكان ملعب ماركانا في ريو دي جانيرو الجوهره التي تزين تاج الكره البرازيلية الطامحة إلى الحصول على لقب كأس العالم للمرة الأولى في تاريخها لكن هيهات وهيهات فليس كل ما يتمناه المرء يدركه حيث جرت رياح المونديال الرابع عكس ما كان يتمناه البرازيليون فطار اللقب العالمي من أيديهم وعاد للمنتخب الذي كان له شرف الفوز به لأول مرة وهو منتخب الاورغواي. سخاء البرازيل قدمت البرازيل عرضاً سخياً بإعلانها البدء في إقامة أكبر ملعب في العالم احتفاءً بالمناسبة وبلغت سعة الملعب حوالي 200 ألف متفرج أسمته إستاد ماريو فيليو وبنته في ضاحية ماراكانا فغلبت عليه تسمية الماراكانا وأرادت البرازيل لبطولتها أن تبعث الروح في جسد الكرة العالمية وأن تُدخل بعضاً من البهجة إلى النفوس التي عانت مرارة الحرب وأهوالها وفي سبيل ذلك بذلت جهوداً مضنية خاصة حينما بدا لها أن ملعبها الجديد لن يكون جاهزاً في الموعد المحدد لكن الحكومة أعطت تفرغاً لعشرات الآلاف من جنود الجيش تناوبوا العمل في الإستاد الذي أنجز في وقته وأقيمت فيه المباريات كما كان مقرراً. تطالعون في الحلقة المقبلة الطريق إلى أرض الصامبا .. المنتخب الذي عوّض فلسطين في التصفيات المؤهلة إلى البطولة الرابعة كما سنتعرف على هوية المنتخب العربي الذي أقصاه المنتخب التركي في أول دور بنتيجة ساحقة 7/0. كما سنتعرف إن شاء الله على السبب الطريف الذي كان وراء انسحاب الهند من التصفيات.