الهدي النبوي ماذا كان يقول النبي الكريم إذا هبّت عاصفة ترابية؟ ذكر القرآن الكريم العواصف الترابية في آياته وأن بعضها كان غضبًا من الله على القوم الكافرين ووصفها بالريح الحاصب وهي الرِّيحُ الشديدة التي تحملُ التراب والحصباء قال تعالى: _ أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا_.. [الإسراء: 68] وقال تعالى: _فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ_.. [العنكبوت: 40] وقال تعالى: _كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوط بِالنُّذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوط نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَر _.. [القمر: 33 34] وقال تعالى: _أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ_.. [الملك: 17]. ولا يعني هذا أن هذه العواصف الترابية تكون في كل الأحوال غضبًا من الله فبعضها له فوائد كما أنها نافعة كذلك في تلقيح النباتات والأزهار وهو ما يعود بالخير على الناس وقد كان رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله يدعو إذا اشتدت الريح فيقول: اللهُمَّ لاقِحًا لا عقيمًا وذكر ذلك في الحديث الذي رواه الإمام البخاري في كتابه الأدب المفرد عن سلمة رضي الله عنه. إذاً فالعواصف قد تكون خيرًا وقد تكون شرًا لذا نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن سب الريح في الحديث الذي رواه أبو داود في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: الريح من روح الله تعالى تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب فإذا رأيتموها فلا تسبوها واسألوا الله من خيرها واستعيذوا بالله من شرها . كما روى الإمام مسلم في صحيحه عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان النبيُّ صلى الله عليه وآل وسلم إذا عَصَفَتِ الرِّيحُ قالَ: اللهُمَّ إني أسأَلُكَ خَيرَها وخَيرَ ما فيها وخيرَ ما أُرسلَت بهِ وأعُوذُ بكَ من شرِّها وشَرِّ ما فيها وشَرِّ ما أُرسلَت بهِ قالت: وإذا تَخَيَّلَتِ السماءُ تغيَّرَ لَونُه وخَرَجَ ودَخَلَ وأقبلَ وأَدْبَرَ فإذا أمطَرَتْ سُرِّيَ عنهُ فَعَرَفْتُ ذلكَ في وَجْهِهِ قالت عائشةُ: فسألتُهُ فقالَ: لعلَّهُ يا عائشةُ كما قالَ قومُ عاد : _فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ_.. [الأحقاف: 24]). ليس ذلك فحسب بل روى الإمام أبو داوود في صحيحه وحسّنه الإمام ابن حجر أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- كان إذا هبت الرياح المحملة بالأتربة يتعوذ بسورتي الفلق والناس: فعن عُقبةَ بنِ عامر رضي الله عنه قالَ: بيْنَا أنا أسيرُ معَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم بينَ الجُحْفَةِ والأبواءِ إذ غَشِيَتْنا رِيحٌ وظُلْمَةٌ شديدَةٌ فجَعَلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ ب _أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ_.. [الفلق: 1] و_أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ_.. [الناس: 1] ويقُولُ: يا عُقبةُ تَعَوَّذ بهِمَا فمَا تَعَوَّذَ مُتَعَوِّذٌ بمثلِهِما. قالَ: وسَمِعتُه يؤُمُّنا بهما في الصلاةِ.