** هل يجوز شرعا أن تكون العصمة في يد الزوجة لكي تطلق زوجها فى أي وقت تشاء؟ وهل من الجائز أن تشترط الزوجة ما تشاء من الشروط عند كتابة العقد كأن تشترط ألا يتزوج بأخرى؟ * جعل الشارع الحكيم الطلاق بيد الزوج يوقعه بإرادته، وذلك لأن الرجل أملك لنفسه من المرأة التي تغلب عليها العاطفة، كما أن الطلاق يرتب على عاتق الزوج أعباء مالية تجعله لا يقدم عليه إلا للحاجة والضرورة· وعلى هذا فلا يتصور أن تكون العصمة في يد الزوجة تطلق زوجها في أي وقت تشاء· ولكن يجوز أن يخير الزوج زوجته كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع أزواجه حين نزل قول الله تعالى "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا* وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا" (الأحزاب) قالت عائشة: خيرنا النبي صلى الله عليه وسلم فاخترنا الله ورسوله فلم يعد ذلك علينا شيئا· (متفق عليه)· قال البغوي: اختلف أهل العلم فيمن خير امرأته فاختارت نفسها فذهب أكثرهم إلى أنه يقع به طلقة واحدة رجعية، وذهب قوم إلى أنه يقع به طلقة بائنة· وقال بعضهم يقع به الثلاث· أما إذا اختارت الزوج، فلا يقع شيئ عند الأكثرين، وإذا فوض الرجل طلاق امرأته إليها فقال لها: طلقي نفسك أو خيريها، أو قال لها أمرك بيدك، وأراد به تفويض الطلاق، فطلقت نفسها في المجلس يقع· ولو فارقت المجلس قبل أن تطلق نفسها، خرج الأمر من يدها، ولا يقع طلاقها بعد· وهذا قول الجمهور· وذهب قتادة والحسن إلى أن خيارها لا يبطل بمفارقة المجلس ولها تطليق نفسها بعده· ( شرح السنة ج9 ص 217- 218). والتفويض والتخيير لا يسلب حق الزوج في إيقاع الطلاق لأن الوكالة لا تمنع الموكل -الأصيل- حقه في التصرف· وأما الشروط في النكاح فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "إن أحق الشروط أن توفوا ما استحللتم به الفروج" (متفق عليه) ونهى أن تشترط المرأة طلاق أختها· (متفق عليه) فتضمن هذا وجوب الوفاء بالشروط التي شرطت فى العقد ما لم تتضمن تغييرا لحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم· فمن الشروط الواجب الوفاء بها تعجيل المهر أو تأجيله· ومن الشروط التي يحرم الوفاء بها شرط عدم الوطء أو عدم المهر أو عدم النفقة· وهناك شروط اختلف أهل العلم فى الوفاء بها كأن تشترط الزوجة الإقامة فى بلدة معينة، أو تشترط أن لا يتزوج عليها، فذهب الإمام أحمد إلى وجوب الوفاء، فإذا لم يف بها كان لها حق فسخ العقد، ووافق فى ذلك بعض المالكية، وانتصر ابن تيمية وابن القيم لهذا الرأي· وذهب الأحناف والشافعية إلى عدم الوفاء بهذه الشروط لأنها شروط غير صحيحة في نظرهم· والأول أولى وأرجح· والله أعلم·