أساطير كرة القدم الجزائرية (الحلقة ال15) إعداد: كريم مادي لخضر بلومي.. جزائري بروح برازيلية في حلقة اليوم سنسلّط الضوء على نجم من نجوم كرة القدم الجزائرية الذين صنعوا أمجادها ورفعوا رايتها في اكبر المحافل الدولية إنه ابن مدينة الأمير عبد القادر معسكر لخضر بلومي فمهما كتبنا ومهما قلنا عن مسيرة عن هذا النجم الكبير فلن نرد جميل هذا اللاعب لما قدمه لمنتخبنا الوطني ولكرة الجزائرية بل لن نجسد عبقرية هذا اللاعب ذات الملامح البرازيلية وهو الذي قال بشأنه الجوهرة السوداء البرازيلية بيلي عام 1982 عقب مونديال اسبانيا لو كان لمنتخب البرازيلي لاعبا مثل بلومي لفزنا بكأس العالم بإسبانيا . وحتى لا نطيل عليكم في الحكاية إليكم باختصار مسيرة لخضر بلومي مع الساحرة النجم الذي ظهر الى الوجود يوم 29 ديسمبر 1958 بمدينة معسكر. الانطلاقة... بدأ لخضر بلومي ممارسة الكرة في سن مبكر جدا مع صنف الأصاغر في نادي أولمبي سامباك معسكر وبعد عام من ذلك صعد إلى صنف الأواسط رغم أن سنه لم يكن يتجاوز سن لاعبي الأشبال ومن هنا بدأت حكاية الساحر الصغير مع الساحرة . لعب لفئة الأكابر وسنه 15 سنة قدم لخضر بلومي لمحات كروية رائعة في فئة الأصاغر والأشبال الأمر الذي جعله محل إعجاب مدرب أكابر سامباك معسكر فرغم صغر سنه فقد قرر ترقيته إلى صنف الأكابر فخاض أول مباراة له مع الفريق الأول الذي كان ينشط في الدرجة الثالثة وهو في سن أصغر من سن الأواسط حيث كان عمره يبلغ 15 سنة فقط ورغم صغر سنه إلا ان لخضر بلومي واصل أدائه الراقي. من سامباك معسكر إلى صفاء الخميس بعد بلوغه سن ال 17 انتقل لخضر بلومي إلى نادي صفاء الخميس في الدرجة الثانية لمواصلة دراسته بمدينة الخميس وفي هذا الفريق قدم بلومي مستوى رائع جعله محل إعجاب الجميع. بلومي في الغالي بعد موسم واحد قضاه في صفاء الخميس قرر والد بلومي رحمه الله أن يعيد ابنه إلى مدينة معسكر خشية ان يتعرض إلى مكروه فاختار الابن بلومي الذي كان يبلغ من العمر 17 سنة اللعب لفريق غالي معسكر وهو الفريق الذي عرف فيه بعض المشاكل حيث لم يلعب إلا بعض المقابلات. من غالي معسكر إلى مولودية وهران فور انتهاء الموسم الكروي 1976/1977 قرر بلومي ترك غالي معسكر والانتقال إلى فريق مولودية وهران وهو الفريق الذي تفجرت موهبة بلومي وبات أحد القادمين في سماء الكرة الجزائرية. هدافا للبطولة الوطنية في سن ال19 استطاع لخضر بلومي في اول موسم له مع مولودية وهران ان يتوج بلقب هداف البطولة الوطنية رفقة قمري رضوان لاعب جمعية وهران ب12 هدفا وهو أصغر لاعب إلى حد الآن في تاريخ البطولة الوطنية الذي توج بلقب الهداف. بلومي في العميد لعب لخضر بلومي لفريق مولودية الجزائر العاصمة ما بين 1979 و1981 أثناء أدائه الواجب الوطني ولم يحصل على أي لقب. أول لقاء دولي كان أمام مالاوي خاض لخضر بلومي اول لقاء دولي مع المنتخب الوطني الأول أي الأكابر يوم 22 أكتوبر 1978 أمام مالاوي في لقاء ودي جرى بملعب 5 جويلية إنتهى بالتعادل 1-1. اول مدرب استدعى ابن مدينة معسكر إلى المنتخب الوطني كان رشيد مخلوفي وهو المدرب الذي قال عن بلومي حين شاهده وهو يداعب الكرة مع مولودية وهران بلومي سيكون نجم الكرة الجزائرية لكل الأوقات وفعلا تأكدت مقولة مخلوفي. بلومي في سبليت قاد لخضر بلومي منتخبنا الوطني في سبتمبر 1979 في دورة ألعاب البحر المتوسط بسبليت في يوغسلافيا للفوز بالميدالية البرونزية بعد الفوز على اليونان في اللقاء الترتيبي وسجل بلومي في الدورة أهداف هامة وعُين ثالث أحسن لاعب في هذه البطولة بحصوله على جائزة الدب رمز هذه الألعاب. علما أن المنتخب الوطني في هاته الدورة كان يشرف عليه محيي الدين خالف. قاد الخضر إلى أولمبياد موسكو 1980 على الصعيد الأولمبي قاد بلومي الفريق الوطني إلى اولمبياد موسكو التي جرت في صائفة عام 1980 بعد الفوز التاريخي المسجل على حساب منتخب المغرب ب5-1 في الدار البيضاء وب3-0 في الجزائر العاصمة ضمن الدور الأخير لتصفيات الألعاب الأولمبية بموسكو 1980 وقد سجل بلومي هدفين واحد في الذهاب ومثله في الإياب وفي النهائيات استطاع بلومي قيادة منتخبنا الوطني إلى الدور ربع النهائي ليصنع للمنتخب اسما على الصعيد الدولي وكان من بين أحسن اللاعبين في الدورة سجل أهداف مهمة. أبكى المصريين في نيجيريا وتوّج أحسن مهاجم في دورة 1980 على المستوى الإفريقي شارك بلومي في 5 نهائيات متتالية في كأس أمم إفريقيا. بداية وفي مارس 1980 شارك منتخب الجزائر في كأس أمم إفريقيا بنيجيريا. قاد بلومي المنتخب الوطني إلى وصوله لنهائي الدورة أمام نيجيريا وفاز بلومي بجدارة بجائزة أفضل مهاجم في الدورة. 1982 و1984: مشاركة من ذهب لم تثمر بلقب قاري في دورة 1982 بليبيا وصل بلومي مع منتخب الجزائر إلى النصف النهائي وخسر أمام غانا في الوقت الإضافي. وفي دورة 1984 بكوت ديفوار قدم منتخب الجزائر وخاصة بلومي أحسن مستوى له فكان له الدور الكبير في احتلال المنتخب بالمرتبة الثالثة أمام مصر واختير بلومي أحسن رقم 10 وثاني أحسن لاعب بعد الكامروني تيوفيل أبيغا وثالث أحسن هداف في الدورة وكان أحسن هداف لمنتخب الجزائر بينما عُين منتخب الجزائر كأحسن فريق في الدورة وفاز بأحسن هجوم ب8 أهداف وأحسن دفاع بهدف واحد خرج بدون إنهزام. دورة مصر 1986... للنسيان في دورة 1986 بمصر خرج منتخبنا الوطني في الدور الأول حيث كان يفكر في مونديال المكسيك وهي الدورة كلما سئل عنها بلومي يرد قائلا إنها أسوأ مشاركة لي مع المنتخب الجزائري . دورة المغرب 1988... دموع آخر مشاركة للخضر بلومي في نهائيات كاس أمم إفريقيا كان في دورة 1988 بالمغرب وهي الدورة التي احتل فيها لخضر بلومي مع الخضر المرتبة الثالثة أمام المغرب بفضل هدف التعادل الذي سجله بلومي في المباراة الترتيبية أمام المغرب وبفضل ضربة الجزاء التي سجلها في ضربات الترجيح وتُوج بلومي في تلك الدورة بلقب أحسن هداف رفقة الكاميروني روجيه ميلا الإيفواري عبد الله تراوري والمصري جمال عبد الحميد بهدفين وكانت آخر كأس أمم إفريقيا يلعبها. لكن بقدر ما نال كل هاته الألقاب بقدر ماكانت دورة المغرب حزينة على بلومي كونه كان وراء إقصاء منتخبنا من بلوغ النهائي اثر تضييعه لضربة الجزاء أمام منتخب نيجيريا في الدور نصف النهائي في السلسة العاشرة من ركلات الترجيح. تصفيات مونديال 1982... أحرف من ذهب على مستوى كأس العالم جاءت تصفيات مونديال 1982 وأهّل لخضر بلومي وحده منتخبنا الوطني إلى مونديال إسبانيا حيث سجل هدف واحد ضد سييراليون في الدور الأول وهدفين ضد النيجر في الدور الثالث وسجل في الدور الأخير هدفين ضد نيجيريا الأول في لاغوس حيث فاز منتخبنا 2-0 والثاني في مباراة العودة في قسنطينة كما أنه مرّر كرة الهدف الثاني لرابح ماجر وفاز منتخبنا الجزائر 2-1 وتأهل تاريخي لأول مرة إلى كأس العالم. الكرة الذهبية الإفريقية اختير بلومي أحسن لاعب عن إفريقيا في تصفيات مونديال اسبانيا واختير في نهاية عام 1981 أحسن لاعب إفريقي ففاز بالكرة الذهبية الإفريقية من صحيفة فرانس فوتبول . بلومي.. قاهر الألمان شارك بلومي في نهائيات مونديال 1982 بإسبانيا وقدم أحسن مشاركة عربية وإفريقية آنذاك وسجل بلومي هدف تاريخي ضد ألمانيا بعد 9 تمريرات دون أن يلمسها الألمان ومباشرة بعد هدف تعادلهم الذي وقعه اللاعب رومينيغي. مواجهة جوفنتوس... لا تنسى في مطلع ربيع عام 1985 واجه منتخبنا الوطني فريق جوفنتوس بملعب 5 جويلية وهو اللقاء الذي أبدع فيه بلومي وقدم فيه مباراة لا تزول من ذاكرة كل من عايش هذا اللقاء الكبير ففي الوقت الذي كان فيه الجميع ينتظر فنيات من بلاتيني والبولوني بونياك وإذا بهم يجدون أنفسهم يرقصون مع فنيات ابن الجزائر بلومي. الإصابة اللعينة فور انتهاء لقاء الجزائر وجوفنتوس تقدم ميشال بلاتيني نحو لخضر بلومي طالبا منه اللعب لفريق جوفنتوس بلومي وافق على الحين وكيف لا يوافق وان الفريق الذي عرض عليه حمل ألوانه اسمه جوفنتوس لكن في الوقت الذي كان ينتظر أن يتنقل بلومي إلى تورينتو لإجراء الاختبارات الأولية وإذا بعين حسود أصابت قدم بلومي بطلها اللاعب الليبي باني في مواجهة ذهاب الدور ربع ثمن النهائي لكأس إفريقيا للأندية البطلة حطمت نصف مسيرته الكروية وأبقته حبيس النوادي الجزائرية فضاع حلم اللعب لجوفنتوس والى الأبد. تصفيات مونديال المكسيك 1986 لم يشارك بلومي في الأدوار الأولى للتصفيات مونديال المكسيك 1986 ولكن عودته كانت في الوقت المناسب في لقاء الدور الأخير أمام تونس حيث قاد الخضر للفوز على تونس ب4-1 في تونس العاصمة وب3-0 في الجزائر العاصمة تبعها التأهل الثاني على التوالي للجزائر. لعنة الإصابات تطارد بلومي بعد التأهل إلى كأس العالم أصيب بلومي مجددا في البطولة الوطنية ولم يعد إلا في شهر افريل 1986 على بعد شهرين من كأس العالم التي جرت بالمكسيك. مونديال المكسيك... دموع وحسرة قدم لخضر بلومي في مواجهة إيرلندا الشمالية أداء رائعا وفي اللقاء الموالي أمام البرازيل قدم كذلك بلومي ادعاءا أروع لكن في اللقاء الأخير أمام إسبانيا حلت الكارثة بسبب الانشقاق بين اللاعبين. مواجهة الوداع خاض لخضر بلومي آخر لقاء له مع المنتخب الوطني أمام المنتخب الإيطالي في لقاء ودي جرى بايطاليا مباشرة بعد لقاء مصر في تصفيات مونديال ايطاليا 1989 وانتهى بفوز ايطاليا بهدف لصفر لتنتهي ملحمة بلومي مع المنتخب الوطني عن عمر يناهز ال31 سنة وقد حرم من المشاركة في كاس أمم إفريقيا التي جرت بالجزائر عام 1990 بعد أن رغب في لعبها. الاحتراف... في بداية التسعينات احترف لخضر بلومي في قطر حيث لعب لفريق النادي العربي القطري كما لعب لفريق مورسيا الاسباني ولفريق لورينيون الفرنسي في مطلع التسعينيات. اللقب الوطني 1984 برز لخضر بلومي بشكل لافت للانتباه مع غالي معسكر وحيث قاده في موسم 1983/1984 إلى الفوز ببطولة الجزائر وأوصله إلى ربع نهائي كأس أبطال إفريقيا التاج الإفريقي ولعنة سعدان أما في نادي مولودية وهران ففاز معه بالبطولة الوطنية سنة 1988 وكان وصيف بطل الجزائر مرتين سنة 1987 و1990 وأوصله إلى نهائي كأس أبطال إفريقيا لكن حلم معانقة التاج القاري عام 1989 ضد الرجاء البيضاوي بضربات الترجيح التي انتهت 4-2 لصالح الخصم ورغم هذا عُين نادي مولودية وهران أفضل نادي في تلك الدورة نظرا للمستوى الكبير الذي قدمه كما فاز بجائزة أفضل نادي إفريقي في ذلك العام. بلومي في منتخب نجوم العالم بعد مونديال اسبانيا اختير لخضر بلومي ضمن منتخب نجوم العالم الذي واجه منتخب نجوم أوروبا بنيو يورك في جويلية 1982 وكان اللاعب العربي والإفريقي الوحيد الذي إستُدعي فيه وسجل بلومي هدفا رائعا في تلك المباراة ضد بطل العالم الحارس الإيطالي دينو زوف وبعد انتهاء المباراة توجه إليه الجوهرة السوداء بيليه الذي شاهد اللقاء وقال له أنت لاعب كبير فلو كان لمنتخب البرازيلي ثلاثة من أمثالك لفزنا بكاس العالم بإسبانيا . بلومي نجم منتخب العرب كما إستُدعي في المباراة الكبيرة مع منتخب العرب ضد منتخب أندية هولندا في الدوحةبقطر سنة 1982 وكان من نجوم المباراة وسجل آنذاك هدفين رائعين حيث إنتهى اللقاء بفوز العرب 4-1. الاعتزال في سن الأربعين بعد مشوار طويل في الكرة أنهى لخضر بلومي مشواره الكروي مع جمعية وهران وهو في سن ال40. بلومي المدرب.. بعد اعتزله اللعب اتجه بلومي وعلى غرار الكثير من اللاعبين إلى لتدريب حيث حصل على دبلوم في التدريب من الاتحادين الدولي (الفيفا) والألماني بعد أن خضع لدورة لمدة سنتين ودرب كل من مولودية وهران إتحاد بلعباس نادي أم صلال القطري وعمل أيضا كمساعد مدرب منتخب الجزائر مع علي فرقاني وغالي معسكر ويشرف حاليا على تدريب وداد تلمسان. قضية 17 نوفمبر 1989 حينما نغوص في تاريخ المواجهات بين مصر والجزائر يستوقفنا لقاء القاهرة 17 نوفمبر 1989 في إطار لقاء الإياب من الدور الأخير لتصفيات مونديال إيطاليا 1990 وهو إتهام لخضر بلومي بفقئ عين الطبيب المصري أحمد عبد المنعم فقد كان إتهامه عن الباطل وظل متابع قضائيا من طرف العدالة المصرية لمدة ناهزت عن ال18 سنة إلى أن تدخلت السلطات العليا بالجزائر لحل هذه القضية على رأسها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وفي عام 2009 تمّ إصدار قرار بإسقاط الحكم والعفو نهائيا عن لخضر بلومي أدى بالطبيب المعني بالقضية التنازل عن حقوقه وسحب قضيته ضد لخضر بلومي الذي كان في الحقيقة بريئا من هذه التهمة وأصر بلومي دوما أنه بريء طيلة ال20 سنة.