أكد أستاذ الفلسفة اليونانية والعربية التونسي أبو يعرب المرزوقي أن اتهام المفكر الإسلامي بأنه "مرجعية للتشدد" غير صحيح، وقال إن الاستبداد لا يشمل فقط الأفكار، وإنما يشمل الإنتاج المادي، فحيث يكون الإبداع تابعاً للسلطة، تتراجع أيضا آمال الإنسان في استثمار الثروة التي ينتجها بعمله. كما قال إن المسلمين شاركوا في التراث الإنساني حينما ناقشوا التراث السابق عليهم لدى اليونان والفرس والأمم التي تقدمت عليهم، نافياً أن يكون للمسلمين اليوم مشاركةً في الإبداع العلمي، لأنهم في المجال التكنولوجي مستهلكون أكثر من كونهم مبدعين، وذلك بسبب خلل المنظومات التربوية التي تمكِّن المسلمين ولو بعد زمنٍ معين من المشاركة في الإبداع الإنساني والعلمي. وأوضح المرزوقي ل"العربية" أن العلم هو تعدد الفرضيات التفسيرية للظواهر، وأن لكل إنسان حرية تصور الفرضيات، واعتبر أن توحيد الفرضيات في تصور الظواهر يشل حركة العلم، وأن هذا هو السبب الذي جعل الخطأ في الاجتهاد مُثاباً في الإسلام؛ فالتعدد الناتج عن حرية ابتداع الفرضيات العلمية هو شرط التقدم العلمي، قائلاً إن الاجتهاد يشمل العلوم الدينية، مفرقاً بين المراجع الدينية كالقرآن والسنة وبين شروحها، نافياً أن تكون للشروح نفسُ قدسية المراجع. ولدى سؤال الدخيل له عن فكر ابن تيمية وأثره في الفكر الإسلامي وعن استعانة الجماعات الإسلامية بأقواله، رأى المرزوقي أن ابن تيمية كان ينفي أن يكون فعل الإنسان يخضع لآلية عمياء مثبتاً المسؤولية والتكليف والحرية للإنسان، كما علل ميل ابن تيمية للحل المعتزلي بأن المفكر الإسلامي الشهير كان يريد أن يثبت حرية حقيقية لأن الحرية أساس التكليف. وفي معرض حديثه عن "الحدة" التي تكتنف بعض مؤلفات ابن تيمية نفى أن تكون تلك الحدة صفة لكل مؤلفاته، بل بعضها فقط، قائلاً: "حين تأخذ أهم مصنفات ابن تيمية في الردود على علماء كبار مثل الرازي وابن المطهر، نجد في هذه الكتب أن نقده بالأساس يبدأ أكاديمياً، ثم يتحول إلى النقد التاريخي"، وعزا الحدة التي وجدت في بعض فتاوى ابن تيمية إلى "الظرف العصيب" الذي عاشه المفكر الإسلامي. كما رأى أن الفتاوى التي كتبها ابن تيمية في ظروفٍ عصيبة استغلت من قبل البعض، واعتبر أن اتهام ابن تيمية بأنه مرجعية للتشدد "غير صحيح". كما نفى المرزوقي ما نسب إليه من اعتباره للفرد الخليجي بأنه لا همَّ له إلا بطنه وفرجه، وقال ما قصدته:"أن هذه هي الصورة الطاغية عند الإنسان الخليجي في سياحته في الغرب". وفي حديثه عن نقده لتردي اللغة العربية في مصر، قال إن نقده "جاء من مغربي يأسف من مشرقي هو بصدد فقدان دوره"، وبرر نقده لمصر بأن مصر ريادية وبأنه يدعو إلى "وحدة مشرقية ومغربية" وأن مصر لم تعد هي "المنارة الوحيدة" بل إن كل البلدان العربية صارت منارات.