يعتبر التوجه إلى الجزائر العاصمة بالنسبة للكثير من أصحاب السيارات كابوسا مؤلما يتمنون ألا يعيشوه تحت أي طائل، ورغم أن أغلب مصالح الجزائريين وأغلب الهيئات والمؤسسات موجودة على مستوى العاصمة وبالتالي فإن كثيرا من المواطنين بحاجة إلى التعامل معها بشكل يومي، إلا أنهم يحاولون قدر الإمكان تجنب التوجه إليها، ليس خوفا من البيروقراطية أو من صعوبة حل مشاكلهم وانشغالاتهم، أو صعوبة الالتقاء بأي مسؤول أو إداري أو لعدم معرفتهم بالعناوين، وإنما ببساطة لأنه ليس هنالك مكان يركن فيه هؤلاء سياراتهم، ويتجهون بعدها إلى قضاء مصالحهم، أما إن وجدوه فإنه سيكون بعيداً عن الأماكن التي سيتجهون إليها فيركن المواطن سيارته في حي ويتجه إلى حي آخر بعيد تماما، إن لم يكن عليه الابتعاد بمسافة حيين أو ثلاثة أحيانا. مشكلة انعدام أماكن للركن أو "باركينغ" آمن وواسع هي مشكلة تؤرق الكثير من سكان العاصمة والقادمين إليها من مناطق أخرى بعيدة أو مجاورة، ويقول البعض منهم إنهم يضيعون في بعض الأحيان ساعات طويلة أو اليوم بأكمله فقط في البحث عن مكان يتركون فيه سياراتهم أو انتظار شخص ما يغادر أي موقف كان لركن سيارتهم بدله، وهو ما يفرض على الكثيرين إما الخروج مبكرا علهم يظفرون على الأقل بموقف لسياراتهم وإما الاستغناء نهائيا عن السيارة واستبدالها بوسائل النقل العمومية وهو في حد ذاته مشكل يؤرق الكثيرين أيضا، وأما اكتساب »معريفة صحيحة« مع أحد العاملين بموقف السيارات الموجودة على مستوى الأحياء أو التي قامت السلطات المختصة بتوفيرها على الرغم من قلتها. هذا ما كشفته لنا إحدى الموظفات التي قالت إنها قصدت الجزائر العاصمة خلال الأيام الماضية لأجل إنجاز بعض الأعمال، وقالت إنها بعد ساعات طويلة جدا استطاعت الحصول على مكان، وأثناء دردشتها مع الشاب القائم على »الباركينغ« أخبرها أنه إن أرادت فلها أن تحتفظ برقم هاتفه الشخصي وأن تتصل به قبل أن تقصد العاصمة لأجل أي طارىء قبلها بساعة على الأقل، ليتمكن من إيجاد مكانٍ مناسب لها تترك فيه سيارتها قبل غيرها وطبعا كل ذلك مقابل أن تكون كريمة هي أيضا معه، وهي الطريقة التي قال إنه يتعامل بها مع كافة زبائنه الذين يتصلون به قبل قدومهم بساعة أو بليلة على الأقل. وأضاف نفس الشاب أنه في عدد لا بأس به من مواقف السيارات خاصة المتواجدة على مستوى الأحياء يتم التعامل على أساس هذا المبدأ أي أن زبائنهم ومعارفهم هم الأولى بأماكن لركن سياراتهم، أما الغرباء فعليهم الانتظار ساعات أخرى أو التجول في العاصمة إلى غاية إيجاد مكان مناسب لسياراتهم أو الترجل والتوجه إلى المصالح التي يريدونها وقضاء أشغالهم دون عناء استخدام السيارة التي أصبحت اليوم في العاصمة عبئا أكثر منها وسيلة للرفاهية ومساعدة الناس على العيش.