المتأمل لحال كثير من المسلمين بعد رمضان يجد العجب العجاب فبعد الإقبال على الله وكثرة الطاعات والأجواء الإيمانية الرائعة ينقسم الناس عدة أصناف فالموفق والسعيد من استمر على طاعة الله والمحافظة على أداء الفرائض والاستزادة من النوافل والسنن والابتعاد عن المعاصي والمحرمات. صنف آخر لم يكن لرمضان أي أثر أو بصمة في حياتهم وسلوكهم حتى صار صيامه عادة وصلاته روتين بل بعضهم عياذا بالله يكون عليه رمضان ثقيل جدا يتمنى انقضائه ليعيث في الأرض فسادا ويرجع أسيرا لشهواته وملذاته وشياطين الأنس والجن! الانتكاس داء خطير ومرض عضال فإياك أن يصل فتورك بعد رمضان حد الانتكاس والتقهقر واقتراف الخطايا والآثام قال ابن القيم: فالكاذب ينقلب على عقبيه ويعود إلى رسوم طبيعته وهواه والصادق ينتظر الفرج ولا ييأس من روح الله ويلقى نفسه بالباب طريحا ذليلا مسكينا مستكينا. لنحذر كل الحذر أن نكون ممن قال فيهم يحيى بن معاذ رحمه الله: عملٌ كالسراب وقلبٌ من التقوى خراب وذنوبٌ بعدد الرمل والتراب ثُمَّ نطمعُ فِي الكواعب الأتراب هيهات أنت سكران بغير شراب ما أكملك لو بادرت أملك ما أجلك لو بادرت أجلك ما أقواك لو خالفت هواك.